تزايد الضغوط الخارجية على سعيّد: "عزلة" و"غياب للرؤية"

تزايد الضغوط الخارجية على سعيّد: "عزلة" و"غياب للرؤية"

16 أكتوبر 2021
قيادي في "النهضة": من الواضح أن سعيد يريد بالأزمات أن تذهب إلى أقصاها وتشتد (Getty)
+ الخط -

ألقت التدابير الاستثنائية والقرارات التي اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيد، بظلالها على المشهد السياسي التونسي، خصوصا على العلاقات الخارجية والدبلوماسية. ففي الوقت الذي يتحدث بعضهم عن ارتباك واضح في هذه القرارات وارتجال قد تكون له عواقب وخيمة، يرى بعضٌ آخر أنها تندرج في إطار الدفاع عن السيادة الوطنية.

وزاد الجدل حول تداعيات هذه القرارات بعد تخصيص جلسة في الكونغرس الأميركي لوضع الديمقراطية في تونس، ودعوة سعيّد يوم الخميس السفير الأميركي وإبلاغه استياء تونس، إلى جانب تأثير التصنيف السلبي لموديز على تونس وتعليق عضوية تونس في الجمعية البرلمانية الفرنكفونية وتأجيل القمة الفرنكوفونية، بالإضافة إلى ضغط أوروبي متصاعد في الفترة الأخيرة وعقد جلسة في البرلمان الأوروبي الثلاثاء المقبل.

غياب الرؤية الواضحة

وأكد القيادي حركة النهضة، خليل البرعومي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "ما يحصل في تونس والقرارات الصادرة عن سعيد لا علاقة لها ببرنامج ورؤية واضحة، لأنه ومنذ انقلاب 25يوليو وحتى قبله، أي منذ توليه الرئاسة، كان من الواضح أنه يريد بالأزمات أن تذهب إلى أقصاها وتشتد".

وأضاف "وكان هذا واضحا من خلال رؤساء الحكومات الذين اختارهم سعيد بعيدا عن الإجماع الوطني، ورفضه التحوير الوزاري وتعطيل الإمضاء على قانون المحكمة الدستورية ورفضه للحوار الوطني واستقبال الأحزاب والتحاور معها، بل ظل يشاهد البرلمان والمشاهد السيئة ولم يقم بأي خطوة"، مؤكدا أن كل هذا "جعل تونس تعيش طيلة سنتين أزمة اقتصادية واجتماعية، ولم يدفع نحو الحل بقدر تعميق الأزمة".

وأوضح البرعومي أن "سعيد لم يلعب أي دور إيجابي، وظل ينتظر الفرصة الموعودة للانقلاب".

ولفت قيادي "النهضة"، إلى أن "هذه القرارات رافقها خطاب عنيف تجاه أبناء الشعب، وحتى تجاه الدول الصديقة والشقيقة، والتي شئنا أو أبينا وبموازين القوى والمنطق الدبلوماسي والأعراف الدولية نحن نحتاجها على المستوى المالي والاقتصادي، وخاصة عندما نتحدث عن أميركا والمؤسسات الاقتصادية فيها كصندوق النقد الدولي، ولكن الرئيس يحاول لعب دور المدافع عن السيادة، وهو يشوه صورتها ويهدم البناء الديمقراطي الذي تم الاستثمار فيه منذ الثورة".

وقال البرعومي إن" كل هذا يجعل تونس معزولة عن العالم، ما عدا مساندي الانقلابات في المنطقة، ولكن مواقف نادي الديمقراطية في العالم واضحة، والرئيس يتجاهل ذلك، والضغوط على تونس والعزلة التي قد تعيشها هي بسبب الانقلاب وغياب الرؤية، ومن المنتظر أن تزيد التداعيات إن لم يعد سعيد إلى رشده" مؤكدا أن "الحكومة غير شرعية، وهي ماضية في إعداد موازنة تكميلية سيصادق عليها بمرسوم، وكل هذا سيجعل موقفها في التفاوض مع الشركاء العالميين ضعيفا والتداعيات وخيمة".

 من جانبه، قال النائب عن حزب "التيار الديمقراطي"، محمد بونني إن "الارتباك في قرارات رئيس الجمهورية واضح، وليس الآن، بل منذ عامين، وهذا لا يمكن إنكاره، ولكن المطلوب اليوم عدم الارتباك وتوضيح الرؤية، مؤكدا أن "الصلاحيات كانت موجودة من السابق بحكم أنه المشرف على الأمن القومي، وهذا يمنحه التدخل في عديد المجالات حتى الصحية والاقتصادية والاجتماعية وبالتالي المسألة لا تتعلق بـ25 يوليو للتحرك".

وبيّن أن "الإشكال يكمن في الضبابية، وهو ما وضعنا في عزلة فلا نعرف أين نسير؟ وبالتالي علينا بالعمل والتحاور مع الشركاء وتقديم تطمينات، فالتصنيفات العالمية وقتية ويمكن أن تتحسن وتتغير لو تضافرت الجهود"، مشيرا إلى أنه "لدينا دبلوماسية يجب أن تتحرك وتنشط ولدينا حكومة عليها أن تعمل".

الإشكال يكمن في الضبابية، وهو ما وضعنا في عزلة فلا نعرف أين نسير؟

أما النائب المستقل، حاتم المليكي، فأكد أنه "من خلال مواقف أغلب الدول مما يحصل في تونس، فإنه واضح أن الدبلوماسية التونسية لم تتحرك بالشكل الكافي، والمطلوب توضيح ما يحصل وشرح طبيعة هذه القرارات ومستقبل العملية السياسية، ففي 25 يوليو كانت المواقف الدولية تنم عن تفهم ومتابعة ورافقها دعم داخلي، ولكن في 22 سبتمبر أصبحت المواقف أكثر تشددا وتعبر عن قلق واضح مما يحصل في علاقة بالديمقراطية والمستقبل السياسي، ورافقها رفض واسع للمعارضة في الداخل". 

وأضاف المليكي في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "المواجهة والتصادم لن يقودا إلى أي حلول، بل سيعقدان الوضع أكثر داخليا وخارجيا، ولا بد من الدفع نحو خريطة طريق والاتفاق على تواريخ محددة للانتخابات وعودة المؤسسات والخروج من الوضع الحالي".

ولفت إلى أن "تصنيف تونس وترقيمها السيادي كان منتظرا ومتوقعا، ويعود إلى السياسة الاقتصادية لتونس وغياب الإصلاحات منذ عدة سنوات، ففي شهر يناير الماضي كنا ننتظر تقييما سلبيا، وبالتالي هذا يعود لمخلفات 10سنوات من الإخفاقات، وتقريبا كل المؤشرات كانت تشير إلى نتائج سلبية، ولم يكن هناك عمل لتلافي هذا الترقيم".

وأكد القيادي السابق في حزب نداء تونس، خالد شوكات، أن تونس "وجدت نفسها اليوم تسير على خطى الدول المارقة المغضوب عليها والمحاصرة والمنبوذة" مؤكدا في تدوينة على صفحته في "فيسبوك" أنه "منذ 2019 وتونس تعالج الخطأ بخطأ أكبر".

إرادة للإصلاح واستعادة الهيبة

وفي المقابل، ترى النائبة عن حركة الشعب ليلى حداد في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن هناك "إرادة اليوم للإصلاح واستعادة هيبة تونس بين الدول والتعامل الند بالند في إطار شراكة حقيقية، فدعوة سعيد للسفير الأميركي هي للتأكيد على أنه لا مجال للتدخل في الشأن التونسي من قبل أي دولة أجنبية، وهناك محاولات لإرجاع هيبة الدولة، وهذا تصحيح حتى لمفهوم الدولة وهيبتها".

وبينت حداد أن "التصنيف السلبي سيتحسن بدوران العجلة الاقتصادية، خاصة أن الثروات موجودة، لولا وجود المهربين والاقتصاد الموازي، فهناك كفاءات قادرة على إعادة الاقتصاد، وبالتالي التصنيف غير مرعب ولا يجب تهويل الأمر وهو تصنيف سياسي أكثر منه اقتصادي، وكان نتيجة تراكمات لعدة سنوات، فلولا الفساد والنهب لما وصلنا إلى هذا التصنيف السلبي، وهو عاشر تصنيف لتونس، ومن هنا كان لا بد من تصحيح المسار وإعادة الثقة في المؤسسات، واليوم هناك إرادة حقيقية للإصلاح ووضع حد للفساد".

وقالت إن "وضع تونس سيتحسن بمقاومة الفساد، ووضع حد للإفلات من العقاب" مشيرة إلى أن "تونس ستستعيد مكانتها وستقف معها الدول ما دامت ماضية في طريق الإصلاح، وهي تتجه نحو إصلاح حقيقي في شتى المجالات، ونحو تحقيق استحقاقات شعبها، وليس نحو العزلة الدولية، لأن الأعداء في الداخل أكثر من الخارج".