تركيا ترفض تقريراً أوروبياً وجّه انتقادات لأنقرة حول قضايا عدة
استمع إلى الملخص
- رحّبت تركيا بالإيجابيات في التقرير، مثل تحسن الاقتصاد والعلاقات مع اليونان، وأشادت بدورها في تعزيز السلام الإقليمي، مؤكدةً أهمية الشراكة الاستراتيجية مع الاتحاد الأوروبي.
- أشار التقرير إلى تدهور حقوق الإنسان في تركيا، وانتقد الاعتقالات ضد مسؤولين وشخصيات معارضة، وتراجع حرية التعبير، مما يعمق الخلافات مع بروكسل.
رفضت وزارة الخارجية التركية، اليوم الثلاثاء، تقرير المفوضية الأوروبية حول تركيا الصادر في وقت سابق من اليوم، معتبرةً أن التقرير متحيز وفيه أحكام مسبقة لا أساس لها من الصحة. جاء ذلك في بيان صادر عن الخارجية التركية عقب صدور التقرير الذي وجّه انتقادات لتركيا تتعلق بالقضاء والحقوق الأساسية والتطورات السياسية الداخلية.
وأوضحت الخارجية بالقول: "نرفض الأحكام المسبقة والمتحيزة والتي لا أساس لها من الصحة، والمتعلقة بالقضاء والحقوق الأساسية والتطورات السياسية الداخلية، الواردة في تقرير تركيا الصادر اليوم عن المفوضية الأوروبية". وأضافت: "هذه التعليقات لا تتعارض فقط مع الجهود المبذولة لوضع أجندة إيجابية بين تركيا والاتحاد الأوروبي، بل إنها مكتوبة أيضًا بلغة تتعارض مع المصالح طويلة الأجل لكلا الطرفين".
وشددت الوزارة على أن "مستوى التوافق مع مكتسبات الاتحاد الأوروبي الموضح في التقرير هو أوضح تعبير عن التزام تركيا بالهدف الاستراتيجي المتمثل في عضوية الاتحاد الأوروبي، على الرغم من العقبات السياسية والظالمة التي واجهتها أنقرة خلال عملية الانضمام". ورحّبت وزارة الخارجية التركية بالإيجابيات المرتبطة بالاقتصاد، معتبرةً أنها "ملاحظات إيجابية"، وأعربت عن ارتياحها لتضمين التقرير موقف تركيا البنّاء في شرق البحر الأبيض المتوسط، وتحسّن العلاقات مع اليونان، وتوسيع الحوار مع الاتحاد الأوروبي.
وقيّمت أنقرة بإيجابية، بحسب البيان، الإشارات إلى رؤية تركيا النشطة ومتعددة الأبعاد في السياسة الخارجية، وجهودها الحثيثة لتعزيز الشراكات الاستراتيجية، ودورها البنّاء في السلام والاستقرار الإقليميين. وقالت الخارجية أيضًا: "نرى أنه من المفيد التأكيد على الأهمية الاستراتيجية لتركيا بالنسبة للاتحاد الأوروبي في مواجهة التحديات الإقليمية والعالمية، ومسؤولياتها في المجالات ذات الاهتمام المشترك، ومن الضروري ضمان عمل هيئات الشراكة والآليات القائمة بين تركيا والاتحاد الأوروبي، وإشراك تركيا بفعالية في مبادرات وبرامج الاتحاد الأوروبي في مجال الدفاع والأمن".
واعتبرت أن التقرير، "كعادته"، يتضمّن "آراء غير واقعية وغير قانونية ومتطرفة من اليونان وقبرص، متجاهلًا المخاوف المشروعة لتركيا وشمال قبرص التركية، مما يُظهر مرة أخرى أن الاتحاد الأوروبي ينحاز إلى طرف في القضية القبرصية، ولا يمكنه المساهمة في الجهود المبذولة لحلها".
ودعت تركيا الاتحاد الأوروبي إلى "ضرورة أن يدير علاقاته مع تركيا في إطار مبدأ التشارك، بنهج يعزّز منظور عضويتها، ويتجنب السياسات والخطابات التي تؤدي إلى جمود في العلاقات، ويتخذ موقفًا محايدًا، ويمتنع عن ترك العلاقات رهينة للقضايا الثنائية، مما يصب في مصلحة تركيا وأوروبا، وتركيا تواصل نهجها بهذا الشكل، ويتوقّع من الاتحاد الأوروبي أن يُظهر العزيمة الاستراتيجية نفسها والنهج البنّاء".
ولم تُخفِ مفوضية الاتحاد الأوروبي في تقريرها، الذي خلص إلى تدهور الوضع العام لحقوق الإنسان في تركيا، استياءها من أداء أنقرة العام الماضي في جوانب جوهرية، حيث أبرزت فشل الحكومة في معالجة المخاوف الجدية بشأن استمرار تدهور المعايير الديمقراطية، وسيادة القانون، واستقلال القضاء، واحترام الحقوق الأساسية.
وأشار التقرير إلى "حدوث تراجع في القضايا الأساسية التي حُدّدت في التقارير السابقة، وتزايدت المخاوف الجدية التي أُثيرت فيها، حيث إن البرلمان، رغم تمتّعه رسميًا بصلاحيات، لا يمكنه ممارستها إلا بشكل محدود، ويفتقر النظام إلى الضوابط والتوازنات الفعالة، بالإضافة إلى الأدوات اللازمة لمحاسبة الحكومة، باستثناء الانتخابات، ولم تُعالج العيوب الهيكلية للنظام الرئاسي والفصل غير الكافي بين السلطات التنفيذية والقضائية، كما تم التشكيك في الامتثال للعمليات الديمقراطية الأساسية".
وأشار التقرير أيضًا إلى الاعتقالات والاتهامات الموجّهة ضد مسؤولين منتخبين، وشخصيات معارضة، ونشطاء سياسيين، وممثلي المجتمع المدني وقطاع الأعمال، وصحافيين، وغيرهم، وأن هذه الاعتقالات والاتهامات "أثارت تساؤلات متزايدة حول التزام تركيا بتقاليدها الديمقراطية، وعمّقت المخاوف بشأن استقلال القضاء".
وأوضح التقرير أنه "في حين رُفعت قضايا فساد رفيعة المستوى ضد رؤساء بلديات منتخبين من قبل المعارضة في المدن والأحياء الكبرى، لم تُفتح أي تحقيقات ضد مسؤولين منتخبين حاليين أو سابقين من الحزب الحاكم في المدن الكبرى، وتم تقييم هذا الوضع ببيان مفاده أن هذه التحقيقات والملاحقات القضائية الانتقائية لا تبني الثقة في فعالية مكافحة السلطات للفساد".
ووفقًا لمفوضية الاتحاد الأوروبي، فقد تراجعت حرية التعبير أيضًا، ودعت إلى "اتخاذ خطوات لاستعادة بيئة آمنة وتعددية، حيث يمكن لوسائل الإعلام العمل باستقلالية دون خوف من الانتقام أو الفصل"، كما أكدت على أحكام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، حيث إن "السلطة القضائية لا تزال تحت سيطرة السلطة التنفيذية"، مما يؤثر على استقلال القضاء ويهدد جودة القرارات القضائية.
كما أشارت المفوضية إلى أن تركيا لم تنفذ بعض أحكام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. وترفض تركيا تنفيذ قرارات قضائية من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تتعلق بالقيادي الكردي المسجون صلاح الدين دميرطاش، ورجل الأعمال عثمان كافالا، في حين تقدم أوروبا دعمًا كبيرًا للمعارضة التركية، وخاصة لرئيس بلدية إسطنبول المعزول والمسجون أكرم إمام أوغلو. وتشكل هذه المسائل خلافات بين أنقرة وبروكسل.
وتدافع الحكومة التركية عن تحقيقات الفساد بالقول إن المشتكين فيها هم من حزب الشعب الجمهوري المعارض، بينما يرى الحزب المعارض أن الحكومة تنفّذ انقلابًا بحقه بسبب تصدّره الانتخابات المحلية التي جرت في عام 2024، وتصدّره استطلاعات الرأي أيضًا، كما سمّى الحزب إمام أوغلو مرشحًا رئاسيًا له في الانتخابات الرئاسية المقبلة.