تركة المرتزقة الروس في طرابلس: منازل وشوارع مفخخة ودمى متفجرة

تركة المرتزقة الروس في طرابلس: منازل وشوارع مفخخة ودمى وعبوات متفجرة

07 يونيو 2021
المرتزقة الروس وضعوا المتفجرات على مقاعد المراحيض والأبواب والدمى (محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -

عادت صحيفة "واشنطن بوست" إلى تسليط الضوء على العدوان العسكري الذي شنه اللواء الليبي المتقاعد، خليفة حفتر، على العاصمة طرابلس، مسلطة بالأساس الضوء على مرتزقة شركة "فاغنر" الروسية للخدمات الأمنية التي تسانده. 
وقالت الصحيفة الأميركية في تقرير، أعادت نشره صحيفة "ذا إندبندنت" البريطانية أمس الأحد، إن المرتزقة الروس حينما فروا من العاصمة الليبية الصيف الماضي، تركوا خلفهم المنازل والشوارع المفخخة، ووضعوا المتفجرات على مقاعد المراحيض، والأبواب والدمى، بحسب خبراء في نزع الألغام، أكدوا أنها كانت معدة للانفجار باللمس.
وأضافت الصحيفة أن الأدهى من ذلك كله كان لجوء عناصر "فاغنر" إلى عبوات المشروبات الغازية الفارغة، مشيرة إلى أن العديد من اليافعين الليبيين يستهويهم القيام بتهشيم تلك العبوات للتسلية، ما دفع الروس إلى إعداد عبوات قابلة للانفجار عند الضغط عليها.
وفي تصريح للصحيفة، قال ربيع الجواشي، الذي يدير "منظمة حقول حرة" المتخصصة في إزالة الألغام: "لقد درسوا عاداتنا، وحتى طريقة لعب أطفالنا"، مضيفاً: "إنهم يعلمون كيف نفكر".
وكشفت "واشنطن بوست" أن فرق نزع الألغام الليبية تقوم في الوقت الراهن بإزالة ما تعثر عليه من مخلفات الحرب، ليست فحسب تلك التي تركها المرتزقة الروس خلفهم، بل كذلك التي تعود لفترة الإطاحة بالعقيد الليبي الراحل، معمر القذافي، الذي ترك خلفه كميات ضخمة من الأسلحة انتهت بين أيدي العديد من المليشيات المسلحة.
ورغم ذلك توضح الصحيفة، نقلا عن خبراء نزع الألغام، فإن أشد مخلفات الحرب فتكا وخطورة هي روسية الصنع، موردة عنهم قولهم إنهم لم يشاهدوا أي شيء مماثل لها قبل عدوان حفتر الفاشل في 2019 للاستيلاء على طرابلس.
ولا تزال المئات، وربما الآلاف، من العائلات غير قادرة على العودة إلى ديارها بسبب الألغام والمتفجرات الأخرى، وفق "واشنطن بوست"، التي أشارت إلى أنه في كل أسبوع تقريبا، تظهر تقارير في وسائل التواصل الاجتماعي عن ضحايا لهذه المتفجرات.

وقال المسؤول عن إدارة العمليات بـ"منظمة حقول حرة"، معاذ العربي، في تصريح للصحيفة بهذا الخصوص: "من بين كل النزاعات بليبيا منذ 2011، يظل هذا الأسوأ على الإطلاق بالنسبة لنا"، مضيفا: "من خلال هذا النزاع (عدوان حفتر)، وجدنا الكثير من الأسلحة الجديدة، كلها جرى جلبها من الخارج".
وقال محمد زلاتيني، وهو قائد فريق من خبراء إزالة الألغام: "إنه لأمر محزن أن نرى نفايات العالم ملقاة في ليبيا"، مضيفا: "المسؤولون هم أولئك الذين دعموا الأطراف، لو لم يكن هناك دعم خارجي، لما حدث هذا. نحن، الليبيين، ندفع الثمن الآن".

وفي الصيف الماضي، كانت فرق من "منظمة حقول حرة" من بين أوائل خبراء إزالة الألغام الذين دخلوا المناطق التي كانت تحت سيطرة المرتزقة الروس من مجموعة "فاغنر" المرتبطة بالكرملين، بحسب الصحيفة. 
وأكد التقرير أن "خبراء إزالة الألغام اكتشفوا داخل المنازل، معدات رياضية وزجاجات مياه مستوردة، وعبوات حليب مدعم".


كما وجد الخبراء كتابات على الجدران باللغتين الروسية والصربية، فيها تعليمات حول كيفية فتح الأبواب، أو الذهاب إلى الحمام دون انفجار الأفخاخ التي صممها المرتزقة.
وكان أحد المراحيض مزودا بجهاز استشعار لإشعال وتفجير 9 أرطال من مادة "تي إن تي" بمجرد جلوس شخص على المقعد، حسب الخبراء.
وقالوا أيضا إنهم عثروا على دمية على شكل دب، متصلة بستة أسلاك، بحيث تنفجر عندما يسير شخص ما نحوها من أي اتجاه.
وأفاد خبراء إزالة الألغام أيضا بأنهم عثروا على مجموعة من الألغام المبتكرة، بما فيها "لغم مبعثر" روسي ينتشر ويدمر ذاتيا في غضون 100 ساعة، ولغم مضاد للأفراد يستخدم أشعة الليزر بدلا من أسلاك تفجير.
كما كانت تتم زراعة لغم أول يعمل كشرك فيما ينفجر لغم آخر، بحسب المصدر نفسه.
"المشاكل التي واجهتنا لم تكن مرتبطة بما عثرنا عليه، بل بالطريقة التي وضعت من خلالها تلك المتفجرات"، كما جاء في تصريح العربي للصحيفة، الذي أضاف: "كل الأشياء كانت مفخخة بطريقة جديدة لم نعهدها في السابق".
وكشفت "واشنطن بوست" أنه بعد قيامهم بتحديد نوعية الذخائر، يقوم خبراء نزع الألغام بإرسال صور عنها إلى استشاريين بالولايات المتحدة وأوروبا. وقال خبير أوكراني إن إحدى العبوات المتفجرة تشبه تلك التي تم استخدامها في نزاع شبه جزيرة القرم، التي قاتلت بها أيضا وحدات من "فاغنر".

وبهدف تسليط الضوء على الأضرار التي تلحق بأطفال طرابلس من الألغام والذخائر الأخرى، تطرقت "واشنطن بوست" لقصة طفلين هما عبد الرحيم، 9 أعوام، وابن عمه محمد، 10 أعوام، إذ "كانا لا ينفصلان"، حسب ما قاله علي شامة، والد عبد الرحيم.
وبعد عودة الأسرة إلى منزلها بعد أسبوع من فرارها من عدوان حفتر، وكان الأولاد بالخارج يلعبون بالألعاب النارية، وقع انفجار ضخم، كان سببه على الأرجح قذيفة هاون غير منفجرة، حسب ما قاله خبراء إزالة الألغام في وقت لاحق.
ويتذكر شامة الذي كان يصلي العصر في تلك اللحظة والدموع تنهمر على وجهه: "عندما جئت، وجدت رأس ابني مغطى بالدماء". وأضاف: "كان قد مات".
وتابع قائلا: "كان ابن أخي على قيد الحياة، لقد فقد إحدى يديه، كانت على بعد 50 قدما من جسده".
ومات الطفل الثاني في سيارة الإسعاف. وختم شامة تصريحه بالقول: "علمت عندئذ أن الحرب لم تنته".