لاقت إسبانيا والاتحاد الأوروبي بصورة إيجابية، يوم السبت، رغبة العاهل المغربي، الملك محمد السادس، في تعزيز العلاقات مع دول الجوار، ووجّها بدورهما دعوة إلى ترسيخ الروابط مع المملكة، بعد ثلاثة أشهر من أزمة هجرة يجري تجاوزها حالياً على ما يبدو.
وكان محمّد السادس قد أعرب، في خطاب إلى الأمة، مساء الجمعة، عن الأمل في "إقامة علاقات قوية، بناءة ومتوازنة، خاصة مع دول الجوار"، متحدثاً عن إسبانيا وفرنسا على وجه الخصوص.
وخلال مؤتمر صحافي في توريخون دي أردوز (شمال-شرق مدريد)، قال رئيس الوزراء الإسباني الاشتراكي بيدرو سانشيز إنّه يودّ "شكر ملك المغرب على تصريحاته"، فيما كان قادة أوروبيون بارزون إلى جانبه بعد زيارتهم مخيماً يؤوي لاجئين أفغاناً جرى إجلاؤهم من كابول.
وأضاف رئيس وزراء إسبانيا التي يهمها تعاون الرباط لمكافحة الهجرة غير القانونية، "اعتبرنا المغرب حليفاً استراتيجياً على الدوام".
وفي 17 و18 مايو/أيار، استفاد نحو عشرة آلاف مهاجر أفريقي، غالبيتهم مراهقون وشبان يحملون الجنسية المغربية، من تخفيف السلطات المغربية للضوابط الحدودية وعبروا نحو مدينة سبتة الصغيرة، وهي تشكّل إلى جانب مليلية جيبين إسبانيين يقعان عند سواحل المملكة المطلة على البحر الأبيض المتوسط.
ووقعت الحادثة وسط تصاعد التوتر بين البلدين، منذ بداية إبريل/نيسان، على إثر استقبال مدريد رئيس جبهة "البوليساريو" الانفصالية، إبراهيم غالي، لتلقي العلاج من كوفيد-19.
وقال الملك محمد السادس في خطابه: "صحيح أن هذه العلاقات مرت، في الفترة الأخيرة، بأزمة غير مسبوقة، هزت بشكل قوي الثقة المتبادلة، وطرحت تساؤلات كثيرة حول مصيرها، غير أننا اشتغلنا مع الطرف الإسباني، بكامل الهدوء والوضوح والمسؤولية"، لافتاً إلى أنه "إضافة إلى الثوابت التقليدية، التي ترتكز عليها (العلاقات مع إسبانيا)؛ نحرص اليوم على تعزيزها بالفهم المشترك لمصالح البلدين الجارين".
ويدلّ خطاب الملك محمّد السادس وردّ فعل رئيس وزراء إسبانيا على تحسّن ملموس تشهده العلاقات بين البلدين ورغبتهما في إنهاء الأزمة الدبلوماسية.
وقال سانشيز "انطلاقاً من الثقة والاحترام والتعاون، بمقدورنا بناء علاقة أكثر تماسكاً من تلك التي جمعتنا إلى الآن".
بدوره، قال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، خلال المؤتمر الصحافي نفسه، "نعرب عن ترحيبنا بما قاله ملك المغرب"، مضيفاً أنّ "المغرب شريك لإسبانيا، ولكن أيضاً للاتحاد الأوروبي".
وكانت بروكسل قد أعلنت دعمها الثابت لمدريد إبّان تطورات مايو/أيار، مؤكدة أنّ الأزمة ليست بين إسبانيا والمغرب وإنّما بين الاتحاد الأوروبي بمجمله والمملكة.
ويمثل الجيبان الإسبانيان الصغيران سبتة ومليلية الحدود البرية الوحيدة بين أوروبا وأفريقيا، ما يجعلهما نقطتي جذب للمهاجرين.
وأعيد معظم المهاجرين الذين دخلوا سبتة، في مايو/أيار، إلى المغرب بعد فترة وجيزة، لكن السلطات المحلية كشفت أن نحو 2500 منهم ما زالوا هناك، بينهم ألف قاصر.
وشرعت مدريد في 13 أغسطس/آب في إعادتهم، غير أنّ عمليات الترحيل علّقت بقرار قضائي.
(فرانس برس، العربي الجديد)