ترامب يُدرج "أنتيفا" على قوائم الإرهاب: شكوك قانونية وتأجيج للتوتر
استمع إلى الملخص
- تُعرف "أنتيفا" بمناهضتها للفاشية وتضم جماعات يسارية راديكالية، وتشارك في احتجاجات عنيفة منذ 2017، وتعمل من خلال خلايا محلية مستقلة، مما يعقد تصنيفها كمنظمة إرهابية قانونياً.
- رغم عدم وجود قائمة رسمية للمنظمات الإرهابية الداخلية، يتيح التصنيف لوزارة العدل ملاحقة داعمي "أنتيفا" مادياً، حيث تستخدم الحركة أساليب مشابهة للجماعات الأناركية لمواجهة الفاشية.
واصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب هجومه على التيارات اليسارية في الولايات المتحدة، مع تصنيف حركة أنتيفا "منظمة إرهابية"، في خطوة تصعيدية ضد مناوئيه السياسيين. في السياق، أشار مساء الأربعاء، على منصّته "تروث سوشال" إلى أنه "يسرّني أن أبلغ العديد من الأميركيين الوطنيين أنني بصدد تصنيف أنتيفا، الكارثة اليسارية الراديكالية المريضة والخطرة، منظمة إرهابية كبرى". وأضاف: "أوصي بشدة بالتحقيق الشامل مع من يمولون حركة أنتيفا، وفقاً لأعلى المعايير والممارسات القانونية". وجاء قرار ترامب بعد يوم من توجيه المدعين العامين في ولاية يوتا تهماً رسمية للمشتبه به في اغتيال الناشط اليميني تشارلي كيرك، ولم تظهر أدلة تربط المتهم بقتله تيلر روبنسون (22 عاما) بأي جماعة خارجية، ولا تزال هناك تساؤلات حول دوافعه المحددة. وهاجم ترامب ومسؤولون كبار مراراً الجماعات اليسارية، وقالوا إنها خلقت أجواء من العدائية تجاه المحافظين قبل اغتيال كيرك في العاشر من سبتمبر/أيلول الحالي.
يحاول ترامب منذ عام 2020 إدراج الحركة على لوائح الإرهاب
تركيبة "أنتيفا"
ولم تتضح بعد الاعتبارات القانونية التي يحملها إعلان ترامب. و"أنتيفا" حركة أيديولوجية فضفاضة من دون هيكل قيادي أو تسلسل هرمي واضح. واعتبر منتقدون أن ترامب يستغل اغتيال كيرك ذريعة لقمع خصومه السياسيين. وطرح ترامب في البداية فكرة تصنيف "أنتيفا" منظمة إرهابية في عام 2020، وسط احتجاجات عنيفة على مستوى البلاد أعقبت مقتل جورج فلويد على يد الشرطة في مدينة مينيابوليس. وحينها قال خبراء قانون إن مثل هذه الخطوة تفتقر إلى أساس قانوني ومن الصعب تنفيذها وتثير مخاوف تتعلق بحرية التعبير، نظراً لأن الانتماء إلى فكر معين لا يُعد جريمة بشكل عام. ورغم أن وكالات إنفاذ القانون الفيدرالية تضع مكافحة الإرهاب الداخلي ضمن نطاق اختصاصاتها، إلا أن الولايات المتحدة لا تملك قائمة بالتنظيمات المصنفة "منظمات إرهابية داخلية". و"أنتيفا" كيان محلي، وبالتالي ليست مرشحة للإدراج على قائمة وزارة الخارجية للمنظمات الإرهابية الأجنبية. وتشمل تلك القائمة عشرات الجماعات، منها منظمات مثل تنظيمي داعش والقاعدة. ولم يتضح كيف ستصنف الإدارة ما هو في الواقع حركة لا مركزية بوصفه منظمة إرهابية، ولم يقدم البيت الأبيض على الفور مزيداً من التفاصيل مساء الأربعاء. غير أن أهمية هذا التصنيف تكمن جزئياً في أنه يتيح لوزارة العدل ملاحقة من يقدم دعماً مادياً للكيانات المدرجة في القائمة قضائياً، حتى لو لم يسفر ذلك الدعم عن أعمال عنف.
ومنذ ولايته الأولى (2017 ـ 2021) يحمّل ترامب حركة أنتيفا مسؤولية العديد من الأعمال التي لا تروق له، بدءاً من أعمال العنف التي استهدفت وحدات من الشرطة وصولاً إلى أعمال الشغب التي ارتكبها أنصاره في مبنى الكابيتول في السادس من يناير/كانون الثاني 2021. و"أنتيفا"، اختصار لعبارة "مناهضو الفاشية"، هو توصيف عام لحركة تضم جماعات يسارية راديكالية، وليست تنظيماً موحداً، وتتألف من مجموعات مختلفة تتبنى مواجهة الفاشيين والنازيين الجدد، خصوصاً خلال التظاهرات. وتعد "أنتيفا" حركة فضفاضة من النشطاء يتشارك أتباعها بعض الفلسفات والتكتيكات، حيث أثبتوا حضورهم في الاحتجاجات التي اندلعت في الولايات المتحدة خلال السنوات الأخيرة. ومنذ عام 2017، انخرطت الحركة في عدد من الفعاليات الاحتجاجية في مختلف الولايات، أولها كان يوم تنصيب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة في 20 يناير 2017، إذ قادت الحركة احتجاجات عنيفة في العاصمة واشنطن، تخللتها أعمال تخريب وتدمير للممتلكات وإشعال للنيران.
ليس هناك "منظمات إرهابية داخلية" في أميركا
وظهرت الحركة مجدداً، حين انخرطت في مواجهات عنيفة مع تجمع نظمه "القوميون البيض" (حركة يمينية) في مدينة تشارلوتسفيل بولاية فرجينيا في عام 2017. وقام أعضاء الحركة بإغلاق منافذ حديقة إيمانسيبيشن، لمنع اليمينيين من دخول الحديقة، حيث كانوا ينوون التظاهر، وهو ما أسفر عن اشتباكات عنيفة، حيث أقدم بعض أعضاء "أنتيفا" على رش مواد كيميائية على خصومهم، وفقاً لمجلة "ذا نيويوركر". وأثار تدخل "أنتيفا" غضب النشطاء اليمينيين الذين أطلقوا في الشهر نفسه عريضة إلكترونية موجهة إلى البيت الأبيض من أجل تصنيف "أنتيفا" جماعة إرهابية. وحصلت العريضة على أكثر من 100 ألف توقيع، وفقاً لقناة فوكس نيوز الأميركية. ويذكر قاموس "ميريام وبستر" أن كلمة "أنتيفا" استُخدمت لأول مرة عام 1946، وأنها مُستعارة من عبارة ألمانية تُشير إلى معارضة النازية. وكانت مجموعة "روز سيتي أنتيفا"، المناهضة للفاشية، من أوائل المجموعات التي استخدمت هذا الاسم في الولايات المتحدة، والتي تقول إنها تأسست عام 2007 في بورتلاند بولاية أوريغون.
أهداف "أنتيفا"
وتتمتع مجموعة "روز سيتي أنتيفا" بقاعدة جماهيرية واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تشارك مقالات إخبارية، وتسعى أحياناً إلى الكشف عن هويات ومعلومات عن شخصيات من اليمين المتطرف. لكنها اكتسبت مزيداً من الحضور في عام 2017، بعد سلسلة من الأحداث التي سلّطت الضوء على المتظاهرين المناهضين للفاشية. وبحسب صحيفة نيويورك تايمز، فإنه من المستحيل معرفة عدد الأشخاص الذين يعتبرون أنفسهم أعضاءً فيها، إذ يُقرّ أتباعها بأن الحركة سرية، وليس لها قادة رسميون، وتنتظم في خلايا محلية مستقلة، كما أنها واحدة فقط من بين مجموعة من الحركات الناشطة التي اجتمعت في السنوات القليلة الماضية لمعارضة اليمين المتطرف. ويشنّ أعضاء "أنتيفا" حملات ضد الأفعال التي يعتبرونها "استبدادية" أو معادية للمثليين أو عنصرية أو معادية للأجانب. وعلى الرغم من أن "أنتيفا" لا تنتمي إلى حركات يسارية أخرى، ويُنظر إليها أحياناً على أنها تشتيت للانتباه من قِبل المنظمين الآخرين، إلا أن أعضاءها يعملون أحياناً مع شبكات ناشطة محلية أخرى تحشد حول القضايا نفسها، مثل حركة Occupy Wall Street أو حركة "حياة السود مهمة". ويسعى المؤيدون لحركة أنتيفا إلى منع ما يعتبرونه جماعات فاشية وعنصرية ويمينية متطرفة من استخدام منبر للترويج لآرائهم، مجادلين بأن التظاهر العلني بهذه الأفكار يؤدي إلى استهداف الفئات المهمشة، بما في ذلك الأقليات العرقية والنساء والمثليون. وغالباً ما تستخدم الحركة أساليب مشابهة للجماعات الأناركية، مثل ارتداء ملابس سوداء بالكامل وارتداء أقنعة، كما أن لهذه الجماعات أيديولوجيات متداخلة، حيث غالباً ما تنتقد الرأسمالية وتسعى إلى تفكيك هياكل السلطة، بما في ذلك قوات الشرطة.