ترامب ينتقم من المحكمة الجنائية الدولية

واشنطن

العربي الجديد

لوغو العربي الجديد
العربي الجديد
موقع وصحيفة "العربي الجديد"
08 فبراير 2025
لحماية قادة إسرائيل.. ترامب ينتقم من المحكمة الجنائية الدولية
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية لحماية قادة الاحتلال الإسرائيلي، مما يعكس نهجه في تقويض العدالة الدولية وتعزيز سياسة الإفلات من العقاب.
- المحكمة الجنائية الدولية تواجه ازدواجية في المعايير من قبل الولايات المتحدة، حيث تهاجمها واشنطن عندما تتعارض قراراتها مع مصالحها أو مصالح حلفائها.
- قرار ترامب بفرض العقوبات قوبل بانتقادات دولية واسعة، حيث أصدرت 79 دولة بيانًا مشتركًا يندد بالعقوبات، بينما أكدت المحكمة التزامها بتحقيق العدالة للضحايا.

مرة جديدة، يفرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية لكن هذه المرة ليس لحماية جنود أميركيين  بل لحماية قادة الاحتلال الإسرائيلي، وعلى رأسهم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، من المحاسبة على جرائم الحرب التي ارتكبتها قوات الاحتلال في قطاع غزة، في خطوة تكرس نهجه الساعي إلى تقويض العدالة الدولية وتعزيز سياسة الإفلات من العقاب في زمن الإبادة التي شاهدها العالم على مدى أكثر من عام. وإذا كان ترامب وصف المحكمة بأنها "غير شرعية" و"معادية لأميركا"، وأراد إيصال رسالة بأن الولايات المتحدة وحلفاءها فوق القانون الدولي، فإنه بلغ حداً جديداً من الفجاجة عندما اختار ألا تقتصر عقوباته على أعضاء المحكمة بل أن تمتد إلى أقرب أفراد عائلاتهم وكل من قدم مساعدة في تحقيقات المحكمة، مكرساً سياسة العقاب الجماعي والانتقام الأعمى التي ينتهجها منذ عودته إلى البيت الأبيض. 

هذه الحرب الأميركية ضد المحكمة الجنائية الدولية، والتي تخفت أو تشتد تبعاً لمصالح وشنطن، تكرس ازدواجية فاضحة لمعايير الإدارات الأميركية التي تتبنى لغة العدالة حينما تناسب مصالحها على غرار ما جرى عند ترحيب إدارة جو بايدن بمذكرة التوقيف التي أصدرتها المحكمة ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عام 2023 على خلفية حرب أوكرانيا بل  حتى إنها طالبت الدول الأعضاء في المحكمة بتوقيفه. في المقابل فإن المحكمة تتحول إلى هدف وتشتد الهجمة عليها عندما تتعارض قراراتها مع رغبات أميركا أو تقترب منها ومن حليفتها إسرائيل، لتصبح كل أشكال الانتقام مباحة، والتي لا تنفصل بوجهها الجديد الذي أعلن عنه ترامب عن  الحرب التي أطلقها ضد المنظمات الدولية، التي لا تسير في ركبها، وترتبط بشكل أو بآخر بالأمم المتحدة خصوصاً وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أونروا، والتي تأتي مع تكرار ترامب لخطته لتهجير أهالي غزة، وتسليم القطاع إلى بلاده. وإذا كان ما أقدم عليه ترامب قد أثار بهجة قادة الاحتلال الذين سارعوا للترحيب بالقرار فإن العقوبات قوبلت بمواقف غربية منددة.

وأنشئت المحكمة الجنائية الدولية في العام 2002 لمقاضاة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية وجريمة العدوان، عندما تكون الدول الأعضاء فيها غير راغبة أو غير قادرة على القيام بذلك بنفسها. ويمكنها دراسة الجرائم التي يرتكبها مواطنو الدول الأعضاء فيها أو على أراضي الدول الأعضاء فيها من قبل جهات فاعلة أخرى.

وتُجري المحكمة، بحسب موقعها الإلكتروني، تحقيقات تتعلق بمناطق مختلفة مثل الأراضي الفلسطينية وأوكرانيا ودول أفريقية مثل أوغندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وكينيا وفنزويلا في أميركا اللاتينية وميانمار والفيليبين في آسيا. وتقول المحكمة إن هناك 32 قضية أمامها، بعضها يضم أكثر من مشتبه به واحد. وأصدر قضاة المحكمة ما لا يقل عن 60 مذكرة اعتقال.

فرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية

ادعى نتنياهو أن "الجنائية" شنت حملة قاسية ضد إسرائيل في محاولة تجريبية للتحرك ضد أميركا

ووقّع ترامب مساء أول من أمس الخميس مرسوماً تنفيذياً يقضي بفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية لاتهامها بـ"مباشرة إجراءات قضائية لا أساس لها ضد الولايات المتحدة وحليفنا المقرب إسرائيل". وأعرب ترامب عن رفضه إصدار "الجنائية الدولية" في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2024 بحق نتنياهو، ووزير الأمن السابق يؤاف غالانت، بتهمة ارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة، زاعماً أن المحكمة "أساءت استخدام سلطتها" بإصدارها قرار الاعتقال بحقهما. وقال: "بما أن الولايات المتحدة وإسرائيل ليستا طرفين في نظام روما الأساسي أو عضوين في المحكمة الجنائية الدولية، فإن المحكمة لا تملك أي ولاية قضائية على البلدين"، وفق تعبيره.

ويحظر النص الذي نشره البيت الأبيض دخول مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية وموظفيها وعناصرها إلى الولايات المتحدة، وكذلك أقرب أفراد عائلاتهم وكل من قدم مساعدة في تحقيقات المحكمة. كما يلحظ تجميد أصول جميع هؤلاء الأشخاص في الولايات المتحدة. ولم تعلن أسماء الأفراد المستهدفين بالمرسوم. وبحسب نص المرسوم فإن المحكمة الجنائية الدولية "باشرت إجراءات غير قانونية وعارية عن الأساس بحق أميركا وحليفنا المقرب إسرائيل"، في إشارة إلى تحقيقات فتحتها المحكمة في جرائم ضد الإنسانية، تستهدف جنوداً أميركيين في أفغانستان وقادة الاحتلال الإسرائيلي لارتكابهم جرائم حرب في قطاع غزة.

وشكر نتنياهو، أمس الجمعة، ترامب لفرضه عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية بسبب إصدارها في 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024 أوامر اعتقال بحقه هو وغالانت، لارتكابهما جرائم حرب في قطاع غزة. ونقل مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، في بيان، عن نتنياهو قوله: "شكراً لك، الرئيس ترامب، على الأمر التنفيذي الجريء الذي أصدرته ضد المحكمة الجنائية الدولية". وأضاف نتنياهو مهاجماً المحكمة: "هذا الأمر سيدافع عن أميركا وإسرائيل من المحكمة الفاسدة المناهضة لأميركا والمعادية للسامية، والتي ليس لديها ولاية قضائية أو أساس للانخراط في حرب قانونية ضدنا" وفق مزاعمه. وادعى أن "المحكمة الجنائية الدولية شنت حملة قاسية ضد إسرائيل في محاولة تجريبية للتحرك ضد أميركا". واعتبر أن "الأمر التنفيذي الذي أصدره ترامب، يحمي سيادة البلدين وجنودهما". وكتب وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر على منصة إكس: "أشيد بقوة بالأمر التنفيذي الصادر عن الرئيس ترامب بفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية المزعومة" معتبراً أن قراراتها "لاأخلاقية وعارية عن أي أساس قانوني".

وكانت المحكمة، ومقرها لاهاي، أصدرت في 21 نوفمبر 2024 ثلاث مذكرات توقيف بحق نتنياهو وغالانت والقائد العسكري لحركة حماس محمد الضيف بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، في سياق العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. واعتبر القضاة، وقتها، أن هناك "أسباباً معقولة" لاتهام نتنياهو وغالانت والضيف، الذي استشهد خلال الحرب، بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. ووصف نتنياهو، في ذلك الوقت، قرار المحكمة الجنائية الدولية بأنه "معادٍ للسامية"، فيما اعتبر الرئيس الأميركي السابق جو بايدن حينها أن مذكرات التوقيف بحق نتنياهو وغالانت "مشينة".

المحكمة الجنائية الدولية تتمسك بمواصلة عملها

ونددت المحكمة الجنائية الدولية، في بيان أمس الجمعة، بقرار ترامب فرض عقوبات عليها متعهدة بمواصلة "إحقاق العدالة" في العالم. وقالت إن "المحكمة الجنائية الدولية تندد بنشر الولايات المتحدة مرسوماً يهدف إلى فرض عقوبات على موظفيها والإضرار بعملها القضائي المستقل والمحايد". وشددت على أنها "تقف بحزم إلى جانب موظفيها وتتعهد بمواصلة توفير العدالة والأمل لملايين الضحايا الأبرياء للفظائع في جميع أنحاء العالم، في جميع المواقف المعروضة عليها".

وإذا كان ما أقدم عليه ترامب قد أثار بهجة قادة الاحتلال، خصوصاً رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي سارع إلى الترحيب بالقرار فإن العقوبات قوبلت بمواقف غربية منددة متفرقة سرعان ما توحدت في بيان مشترك أصدرته 79 دولة عضواً في المحكمة وحذرت فيه من أن العقوبات التي فرضها ترامب "تزيد من خطر الإفلات من العقاب على أخطر الجرائم وتهدّد بتقويض سيادة القانون الدولي". وقالت الدول الأعضاء في بيان مشترك أعدّ بمبادرة من سلوفينيا واللوكسمبورغ والمكسيك وسيراليون وفانواتو، ووقّعت عليه خصوصًا بريطانيا وفرنسا وألمانيا وجنوب أفريقيا والسلطة الفلسطينية وكندا وتشيلي وبنما إنّه "باعتبارنا من المؤيدين الأقوياء للمحكمة الجنائية الدولية، فإنّنا نأسف لأيّ محاولة لتقويض استقلال المحكمة". وحذرت من أن "العقوبات من شأنها أن تقوض بشدة جميع المواقف التي تخضع للتحقيق حالياً لأن المحكمة قد تضطر إلى إغلاق مكاتبها الميدانية". وسبق ذلك مواقف أوروبية عدة منددة بقرار ترامب بينها تأكيد الخارجية الفرنسية أن فرنسا وشركاءها سيعملون على ضمان استمرار قدرة المحكمة الجنائية الدولية على أداء مهمتها بطريقة مستقلة ومحايدة، فيما قال المستشار الألماني أولاف شولتز إن ترامب أخطأ في فرض عقوبات على المحكمة لأنها تهدد مؤسسة مهمة. كما قال متحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إن بريطانيا تدعم استقلالية المحكمة الجنائية الدولية ولا تعتزم فرض عقوبات على مسؤوليها.
وحذر رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا من أن هذه العقوبات قد تهدّد استقلالية الهيئة. وكتب على "إكس" أن "فرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية يهدد استقلالية المحكمة ويقوّض المنظومة القضائية الجنائية الدولية بنطاقها الواسع". وأعربت المفوضية الأوروبية، في بيان، عن "أسفها" بشأن عقوبات ترامب، مشددة على "الأهمية الرئيسية للمحكمة الجنائية الدولية في دعم العدالة الجنائية الدولية ومكافحة الإفلات من العقاب". وقال متحدث باسم المفوضية، في بيان، إن الأمر التنفيذي لترامب يخاطر "بالتأثير على التحقيقات والإجراءات الجارية، بما في ذلك ما يتعلق بأوكرانيا، مما يؤثر على سنوات من الجهود لضمان المساءلة في جميع أنحاء العالم". وأضاف: "سيراقب الاتحاد الأوروبي تداعيات الأمر التنفيذي وسيقيم الخطوات الإضافية المحتملة".

وأعربت هولندا، التي تستضيف مقر المحكمة الجنائية الدولية، عن "أسفها" بعد إعلان المرسوم. وأكد وزير خارجية هولندا كاسبار فيلدكمب عبر منصة إكس أن "عمل المحكمة أساسي من أجل المعركة ضد الإفلات من العقاب"، مشيراً إلى أن هولندا "تتمتع بسمعة قوية ومسؤولية" في استضافة المؤسسات القانونية الدولية البارزة. وأكد أن بلاده تساهم بفاعلية "في تعزيز النظام القانوني الدولي والتعاون متعدد الأطراف، وستلتزم بحسن نية بتنفيذ الالتزامات القانونية الدولية والاتفاقيات الملزمة".

ازدواجية المعايير الأميركية

تعهدت المحكمة الجنائية الدولية مواصلة توفير العدالة والأمل لملايين الضحايا الأبرياء للفظائع في جميع أنحاء العالم

وكشف قرار ترامب مجدداً عن الازدواجية التي تعتمدها واشنطن مع قرارات المحكمة الجنائية الدولية. ففي حين شن بايدن وأعضاء في الكونغرس هجوماً على المحكمة بسبب إصدارها في 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024 أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت، لارتكابهما جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، فإنهم رحبوا، في المقابل، بمذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتهم ارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا. وقال وزير الخارجية السابق أنتوني بلينكن، في مارس/آذار 2023، إنه يجب على جميع الدول الأعضاء في المحكمة الالتزام بهذا القرار والوفاء بمذكرة الاعتقال ضد بوتين.

وكانت أميركا بدأت حرباً مبكرة ضد المحكمة الجنائية الدولية، إذ إنه وبعد دخول ميثاق روما حيز التنفيذ في 11 إبريل/نيسان 2002، أُنشئت المحكمة في الأول من يوليو/تموز 2002، لكن الكونغرس سارع، بعد أيام، إلى إصدار قانون "حماية أعضاء الخدمة الأميركية"، بهدف حماية أفراد القوات المسلحة الأميركية، والمسؤولين في الحكومة، سواء أكانوا معينين أم منتخبين، من التعرض للمحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية. وأطلق خبراء على القانون، وقتها، تسمية "قانون غزو لاهاي" بسبب فقرة فيه تنص على "السماح للرئيس باستخدام الوسائل الضرورية كافة لإطلاق سراح أي من أعضاء الخدمة الأميركية سواء كان محتجزاً أو معتقلاً من قبل المحكمة أو بالنيابة عنها أو بأمر منها". وذهب كثيرون وقتها إلى تفسير هذه الفقرة على أنها تفيد بأن أميركا قد تستخدم كل الطرق، بما فيها تنفيذ عملية عسكرية وغزو المحكمة في مدينة لاهاي بهولندا، لإطلاق سراح أي محتجز. كما نص القانون على منع المحكمة الجنائية الدولية من ممارسة أي إجراءات أو متابعات قانونية ضد الأشخاص المشمولين بحماية الولايات المتحدة الأميركية أو المتحالفين معها أو الذين كانوا محميين منها أو كانوا متحالفين معها، مع ضمان عدم إلقاء القبض على أي منهم أو احتجازه أو محاكمته، سواء من المحكمة الجنائية الدولية أو من ينوب عنها.

وينطبق القانون على عناصر القوات المسلحة الأميركية وكل من يعمل في الحكومة سواء انتخب أو عُين، إضافة إلى كل من تحالف مع الولايات المتحدة وتعاون معها أياً كانت جنسيته. كما يحظر القانون على الولايات المتحدة ومؤسساتها التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، ويحظر عليها تلقي أي خطابات أو استنابات قضائية منها، أو توجيه أي خطابات أو إحالات عليها. وكان الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون وقع على ميثاق المحكمة في 31 ديسمبر/كانون الأول العام 2000، إلا أنه لم يمرر القرار لمجلس الشيوخ والنواب للمصادقة عليه. في المقابل، ألغى الرئيس الأسبق جورج بوش الابن توقيع كلينتون بشكل رسمي، مؤكداً أن الولايات المتحدة لن تصادق على الميثاق. ويشير الموقع الرسمي للمحكمة إلى "تطورات إيجابية" حدثت في نهاية إدارة جورج دبليو بوش، و"تقدم "ملحوظ" خلال إدارة باراك أوباما، حيث قدمت الولايات المتحدة "دعماً متنوعاً ومهماً للمحكمة إلى أقصى حد يسمح به القانون الأميركي الحالي".

وخلال ولاية ترامب الأولى في العام 2020، فرضت الولايات المتحدة عقوبات مالية وحظراً على دخول أراضيها على المدعية العامة لدى المحكمة آنذاك فاتو بنسودة ومسؤولين رفيعين آخرين في الهيئة. وصدر ذاك المرسوم بعدما فتحت المحكمة التي وصفتها إدارة ترامب وقتها بـ"محكمة الكنغر" تحقيقاً في مزاعم جرائم حرب منسوبة إلى جنود أميركيين في أفغانستان. ولم يذكر المرسوم في ذلك الحين إسرائيل بالاسم، لكن مسؤولين في إدارة ترامب قالوا إنه جاء أيضاً رداً على فتح بنسودة تحقيقاً في الوضع في الأراضي الفلسطينية في 2019. ورفع بايدن العقوبات المفروضة على المحكمة بعد تولّيه الرئاسة في 2021، فيما أسقط كريم خان، الذي خلف بنسودة، الولايات المتحدة من التحقيقات في الملفّ الأفغاني التي باتت تركّز على حركة طالبان. والشهر الماضي، طرح مجلس النواب الأميركي مشروع قانون لفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية لكن نواباً ديمقراطيين اعترضوا عليه بحجّة أنه قد يرتدّ سلباً على حلفاء الولايات المتحدة والشركات المتعاونة معها.

ترامب لا يعترف بالمحكمة

وخلال ولايته الرئاسية الأولى، قال ترامب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 2018، إنه "بالنسبة لأميركا، فإن المحكمة الجنائية الدولية ليس لها سلطة ولا شرعية". وأضاف: "لن نسلم أبداً سيادة أميركا لبيروقراطية عالمية غير منتخبة وغير خاضعة للمساءلة". وفي مارس/آذار 2020، قضت المحكمة الجنائية الدولية بأنها يمكن أن تفتح تحقيقات في جرائم حرب محتملة في أفغانستان تورطت فيها القوات الأميركية وحركة طالبان والقوات الحكومية الأفغانية. وبعد ثلاثة أشهر، وقع ترامب أمراً تنفيذياً يجيز فرض عقوبات على المدعين العامين والمسؤولين في المحكمة. وقال ترامب، في أمره وقتها، إن تصرفات المحكمة "تهدد بالتعدي على سيادة الولايات المتحدة". ووصف وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، وقتها، قرار المحكمة الجنائية الدولية بشأن أفغانستان بأنه "إجراء مذهل حقاً من قبل مؤسسة سياسية غير خاضعة للمساءلة تتنكر في زي هيئة قانونية".

وفي بداية ولايته الرئاسية، رفع بايدن عقوبات ترامب عن المحكمة الجنائية الدولية. وقال وزير الخارجية السابق أنتوني بلينكن، في بيان وقتها، إن "هذه القرارات تعكس ما خلصنا إليه من أن الإجراءات التي فرضت (من قبل) غير ملائمة وغير فعالة". وأضاف أن واشنطن تتخذ هذه الخطوة رغم أنها ما زالت "مختلفة بشدة مع إجراءات المحكمة الجنائية الدولية المتصلة بأفغانستان والأوضاع الفلسطينية" وما زالت تعارض ما تبذله المحكمة من "جهود لتأكيد الاختصاص القضائي على الأفراد من الدول غير الأعضاء فيها مثل الولايات المتحدة وإسرائيل". وقال بايدن في إعلانه الرسمي إنهاء العقوبات وقتها إنه في حين أنها لم تكن "فعالة أو مناسبة" فإن الولايات المتحدة "ستحمي بقوة موظفي الولايات المتحدة الحاليين والسابقين" من أي محاولات للمحكمة الجنائية الدولية لممارسة الولاية القضائية عليهم.

ذات صلة

الصورة
تظاهرة طلاب في جامعة كولومبيا في نيويورك تضامناً مع غزة - 30 إبريل 2024 (Getty)

مجتمع

بدأت إدارة ترامب بالتدخل رسمياً في الحريات الأكاديمية وتعديل المناهج في الجامعات من خلال سلاح التمويل الفيدرالي، ولعلّ ما يحدث مع جامعة كولومبيا خير دليل
الصورة

منوعات

بين الفوز الكبير لـ"أنورا" وخيبة أمل "إميليا بيريز"، حضرت السياسة وإن بخجل، الأحد، في هوليوود خلال حفلة توزيع جوائز أوسكار بنسختها السابعة والتسعين.
الصورة
الرئيس الأميركي دونالد ترامب، واشنطن 4 فبراير 2025 (آنا موني ماكر/Getty)

سياسة

أعلن دونالد ترامب أنه أمر بإقالة جميع المدعين العامين المعينين من قِبل بايدن، وقال "على مدى السنوات الأربع الماضية تم تسييس وزارة العدل أكثر من أي وقت".
الصورة
مظاهرة ضد ترامب أمام الكونغرس، واشنطن 17 فبراير 2025 (شيب سوموديفيلا/Getty)

سياسة

شهدت الولايات المتحدة في يوم الرؤساء تظاهرات في جميع الولايات الخمسين شارك فيها عشرات الآلاف، احتجاجاً على سياسات الرئيس دونالد ترامب وإيلون ماسك
المساهمون