استمع إلى الملخص
- إدارة بايدن لم تُفعّل المذكرة بالكامل، حيث احتجزت شحنة قنابل واحدة فقط، واستمرت في دعم إسرائيل عسكرياً.
- إلغاء المذكرة يأتي ضمن تراجع إدارة ترامب عن سياسات حقوق الإنسان، مع التركيز على الاعتبارات الاقتصادية في نقل الأسلحة، بينما يرى البعض أن القوانين الأميركية كانت كافية.
جاءت المذكرة وقتها في محاولة من إدارة بايدن للضغط على إسرائيل
إلغاء المذكرة قد يسفر عن مقتل المزيد من المدنيين بأسلحة أميركية
السيناتور مقترٍح المذكرة: ما تقوله إدارة ترامب هو أن أي شيء مباح
ألغى الرئيس الأميركي دونالد ترامب مذكرة أصدرها سلفه جو بايدن في فبراير/شباط 2024 كانت تسعى إلى ضمان عدم استخدام حلفاء واشنطن الأسلحة الأميركية في انتهاك القانون الإنساني الدولي. وجاءت المذكرة وقتها في محاولة من إدارة بايدن للضغط على إسرائيل وفي محاولة للتوفيق بين دعم بايدن للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وبين ارتفاع الخسائر المدنية بين أهالي القطاع.
وبحسب ما أوردته صحيفة واشنطن بوست الأميركية، اليوم الثلاثاء، أصدر مستشار الأمن القومي الحالي مايكل والتز أمراً، اطلعت الصحيفة على نسخة منه، يتضمن قرار ترامب بإلغاء المذكرة التي أصدرها بايدن على الفور، والمعروفة باسم NSM-20، وأكد أمر الإلغاء العديد من المسؤولين الأميركيين الحاليين والسابقين الذين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هوياتهم بما أن القرار لم يتم الإعلان عنه. واستندت مذكرة بايدن إلى قوانين موجودة ومتعلقة بنقل الأسلحة تلزم الدول التي تحصل على أسلحة أميركية الصنع بتقديم ضمانات مكتوبة بأنها لن تستخدم تلك الأسلحة في انتهاك القانون الإنساني الدولي وأنها ستسهل تسليم المساعدات الإنسانية التي تقدمها الولايات المتحدة تحت تهديد تعليق إمدادات الأسلحة.
ويقول أنصار المذكرة إنها كانت بمثابة وسيلة للضغط على إسرائيل لتسهيل تسليم المساعدات الإنسانية في غزة، وهي نقطة خلاف رئيسية بين المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وقال كريستوفر لو مون، الذي شغل منصب مسؤول كبير في وزارة الخارجية لشؤون حقوق الإنسان خلال حكم إدارة بايدن، إنّ قرار إلغاء مذكرة بايدن من شأنه أن يؤدي إلى مقتل المزيد من المدنيين باستخدام الأسلحة التي تقدمها الولايات المتحدة، ومن شأنه أن يلحق الضرر بمكانة أميركا في العالم. وأضاف: "الشيء الوحيد الذي تفعله إدارة ترامب بإلغاء NSM-20 هو إرسال إشارة إلى شركاء الولايات المتحدة بأن الإدارة ببساطة لا تهتم بكيفية استخدام هذه الحكومات للأسلحة الأميركية، بغض النظر عن مدى عدم أخلاقية أو عدم قانونية سلوكها".
وجاءت مذكرة بايدن في محاولة من إدارته لاسترضاء أعضاء في حزبه (الحزب الديمقراطي) الذين كانوا يطالبون بصرامة أكثر في التعامل مع الحرب الإسرائيلية المدمرة على غزة، كما أنها جاءت في محاولة لتخفيف المعارضة المتزايدة لموقف إدارته من الحرب في أوساط العرب والمسلمين الأميركيين والتي برزت في حملته الانتخابية. وفي النهاية فشلت المذكرة بإرضاء أي من الحزبين، حيث عارض الجمهوريون المذكرة، وفي الوقت نفسه اتهم بعض الديمقراطيين الإدارة بالمسايرة في تقييمها لامتثال إسرائيل للمعايير.
وفي تقييم تم إجراؤه بموجب المذكرة في مايو/ أيار 2023، وجدت إدارة بايدن أنه من "المعقول تقييم" أن إسرائيل استخدمت أسلحة أميركية الصنع لانتهاك القانون الدولي، لكنها قالت وقتها إنها تفتقر إلى المعلومات الكافية لاتخاذ قرارات محددة بشأن امتثال إسرائيل للقانون. وعلى الرغم من ملاحظاتها المتكررة بشأن وتيرة تسليم المساعدات إلى غزة وجدت إدارة بايدن أن إسرائيل لم تمنع المساعدات.
وعلى أرض الواقع لم تفعّل إدارة بايدن المذكرة إلا في حالة واحدة حين احتجزت شحنة واحدة من القنابل التي يبلغ وزنها 2000 رطل، بينما استمرت في تقديم كميات كبيرة من الدعم العسكري لإسرائيل خلال فترة الحرب على غزة، حيث تعتبر أميركا أكبر مزود بالمساعدات العسكرية لإسرائيل. وأطلق ترامب هذه الشحنة في 25 يناير/ كانون الثاني الماضي بعد فترة وجيزة من عودته إلى منصبه.
ويأتي إلغاء المذكرة ضمن إجراءات اتخذتها إدارة ترامب للتراجع عن السياسات التي فرضت قيوداً تهدف إلى حماية حقوق الإنسان. وخلال فترة ولاية ترامب الأولى (2016-2020)، أقرّ سياسة نقل الأسلحة التقليدية بناء على الاعتبارات الاقتصادية متجاهلاً المخاوف المدنية. وفي الأيام الأولى بعد عودته الحالية إلى منصبه، بدأ البنتاغون في التحرك لإلغاء مكتب تم إنشاؤه في عهد بايدن لتعزيز سلامة المدنيين أثناء العمليات العسكرية في ساحة المعركة.
"أي شيء مباح"... رسالة ترامب
وقال السيناتور كريس فان هولن (ديمقراطي من ماريلاند)، الذي اقترح التشريع الذي دفع بايدن إلى إصدار المذكرة، إنه في حين أن NSM-20 ربما لم يتم تنفيذه كما تصور مؤيدوه، إلا أنه خدم للضغط على إسرائيل للسماح بالمساعدات الإضافية إلى غزة في لحظات رئيسية في الحرب. وقال فان هولن: "ما تقوله إدارة ترامب هو أن أي شيء مباح. يمكنك تجاهل القانون الأميركي في ما يتعلق بتوفير المساعدات الإنسانية واستخدام الأسلحة التي يوفرها دافعو الضرائب الأميركيون".
وفي واقع الأمر لم تكن إدارة بايدن بحاجة للمذكرة لضبط تزويد إسرائيل بالأسلحة لو أنها طبقت المعايير القانونية التي تربط بين توفير الأسلحة الأميركية وحقوق الإنسان والمخاوف الإنسانية، بما في ذلك قانون المساعدات الخارجية وقانون مراقبة تصدير الأسلحة. وتقول سارة ياجر، مديرة منظمة هيومن رايتس ووتش في واشنطن، إن المذكرة "لم تكن ضرورية لو اتبعت إدارة بايدن القوانين الأميركية بشأن نقل الأسلحة"، وأضافت: "سؤالي لفريق ترامب هو: هل ستُظهِرون للشعب الأميركي أنكم ملتزمون بالقوانين الأميركية عند إرسال الأسلحة إلى الحلفاء؟".