استمع إلى الملخص
- تعارض تركيا الوجود العسكري الأميركي في المنطقة، واستغلت الفوضى الناتجة عن الحرب في أوكرانيا لتحقيق مصالحها، حيث يُعتبر القرار تنفيذًا للمطالب التركية.
- أثار القرار قلقًا في قبرص بسبب احتمال تقليص الوجود العسكري الأميركي، مما قد يُغير التوازن في شرق البحر الأبيض المتوسط وسط تصاعد التوترات.
قالت صحيفة حرييت التركية، اليوم الاثنين، إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمر بإغلاق قاعدة عسكرية بطلب من الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان. ونقلت حرييت عن عن صحيفة "ديمقراطية" اليونانية أن ترامب أمر بإغلاق قاعدة "ألكسندروبوليس"، المعروفة في تركيا باسم "دده آغاش". ولفتت إلى أن هذه الخطوة تشكل خسارة استراتيجية لأثينا، إذ إن القاعدة تشكل درعاً لليونان في مواجهة المخاطر القادمة من تركيا بحسب وصف الصحيفة.
وتعارض تركيا منذ سنوات الوجود العسكري الأميركي في المنطقة، وبالتالي فإن قرار ترامب يعني أنه ينفذ المطالب التركية، بحسب الصحيفة التي أشارت إلى أنه "في خضم الفوضى التي أحدثتها النهاية المحتملة للحرب في أوكرانيا، اغتنمت تركيا الفرصة لتشكيل الوضع بما يخدم مصالحها".
وكانت القاعدة العسكرية اكتمل تشكلها مع انطلاق الحرب الروسية في أوكرانيا ونشطت بشكل كبير مع توظيفها في إيصال الدعم الأميركي لأوكرانيا من أسلحة وذخائر ومختلف أنواع الدعم العسكري، وأمرت إدارة ترامب بإجراء مراجعة عاجلة لمدى الحاجة إلى استمرار عمل القاعدة التي نشطت في فترة إدارة بايدن.
من ناحية أخرى، نقلت الصحيفة التركية عن موقع نيوزبريك الإخباري أن اللقاءات الأميركية الروسية بخصوص أوكرانيا، في حال تُوجت بشكل إيجابي، فإن الحاجة إلى القاعدة ستنتفي لدى الولايات المتحدة الأميركية. وشددت على أن تركيا ستكون سعيدة أكثر من روسيا في حل صدور قرار بهذا الصدد، إذ كانت تركيا كررت عدة مرات انزعاجها من هذه القاعدة وطالبت بإغلاقها على الفور. ولفت الموقع الإخباري إلى أن البرلمان اليوناني سيضطر إلى الإجابة على معضلة ما إذا كانت القاعدة تخدم مصالح اليونان في نهاية المطاف، وبطبيعة الحال أي قرار يتم اتخاذه سيضع أثينا في موقف صعب.
وكانت القاعدة تُعرف بأنها واحدة من أهم المراكز اللوجستية لحلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة في المنطقة، ويشعر المسؤولون اليونانيون بالقلق من أن يؤدي إغلاق القاعدة إلى إضعاف استراتيجية الدفاع في البلاد. وأنشأت أميركا في 2021 القاعدة في منطقة ألكسندروبوليس اليونانية، على مقربة من الحدود التركية، وحشدت فيها عدداً كبيراً من الجنود والآليات العسكرية، الأمر الذي أثار قلق أنقرة لا سيما أن ذلك ظهر وكأنه مسعى لتحقيق التوازن بين اليونان وتركيا.
وبعد إنشاء القاعدة توالت تصريحات تركية أعربت عن مراقبتها التطورات هناك عن كثب، منها تصريحات لوزير الدفاع السابق خلوصي آكار أفاد فيها أن "تركيا تراقب الحشود العسكرية لعدد من الدول في تلك المنطقة وتعتقد أنها مجرد مناورات عسكرية ويتم متابعة ما يجري هناك".
وبحسب وسائل إعلام تركية، تناقلت الخبر بشكل موسع، أثار قرار ترامب الجديد قلق قبرص أيضاً، حيث يستعد رئيس الجزيرة نيكوس خريستودوليديس لاحتمال قيام إدارة ترامب أيضاً بتقليص الوجود العسكري الأميركي في قبرص. وتمتلك الولايات المتحدة أنشطة عسكرية واستخبارية كبيرة في قبرص، وإذا أعادت واشنطن النظر بوجودها في الجزيرة فقد يؤدي ذلك إلى تغيير التوازن في شرق البحر الأبيض المتوسط بشكل كبير.
وتصاعد التوتر في شرق المتوسط منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في 7 اكتوبر/تشرين الأول 2023 مع امتداد تداعيات الحرب إلى خارج حدود فلسطين، لتستشعر تركيا بأنها مهددة بالحشودات العسكرية الأميركية والغربية في جزيرة قبرص.
وأصدرت الإدارة الأميركية السابقة قرارات متتالية برفع حظر توريد السلاح لقبرص، تبعه معاهدات عسكرية بين الجانبين وبناء أميركا قاعدة عسكرية وحشد الجنود والعتاد والسفن فيها، وهي وإن كانت تبدو موجهة للتطورات في الشرق الأوسط ومنع اندلاع حرب إقليمية، إلا أن لها أبعاداً تتمثل بتقديم الدعم اللامحدود لإسرائيل من جهة، وتوجه رسائل تحذير من جهة ثانية لبقية الدول، ومن بينها تركيا التي كانت تراقب التطورات عن كثب.