ترامب... لعله فرصة

05 فبراير 2025
ترامب في البيت الأبيض، 3 فبراير 2025 (جيم واتسون/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- بدأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب ولايته الثانية بنهج حازم، حيث ركز على تعزيز "احترام أميركا" من خلال قرارات سياسية واقتصادية جريئة، متجاهلاً وجهات نظر الآخرين، مما أدى إلى توترات مع دول مثل المكسيك والصين وأوروبا والشرق الأوسط.

- يعتبر ترامب العالم ساحة اقتصادية مقسمة إلى مناطق ربح وخسارة، مما يثير خصومات سياسية واقتصادية متعددة، بما في ذلك الضغط على الدول العربية لقبول "صفقة القرن" المتعلقة بقطاع غزة.

- يمكن أن تشكل سياسات ترامب فرصة للعالم العربي للاستفادة من الخلافات الأميركية مع جيرانها وأوروبا، مما يعزز التكتلات الإقليمية للدفاع عن مصالحها السياسية والاقتصادية.

جاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب بحرارة واندفاع سياسي كبير في ولايته الثانية، في الغالب يمكن إجراء تقييم أولي لرؤساء في بداية ولايتهم من 100 يوم الأولى، لكن ترامب مختلف تماماً، بحيث يمكن تقييمه من خلال 100 ساعة الأولى لولايته الثانية، حين وضع الرجل خريطة العالم أمامه منذ الساعة الأولى، وبدأ في جس نبض العالم وتوزيع القرارات، وإلقاء القنابل السياسية والاقتصادية، من المكسيك إلى الصين، ومن الدنمارك وأوروبا إلى الشرق الأوسط.

بالنسبة لترامب فإن العالم كان يعاني من اختلال واعتلال سياسي يتوجّب علاجه، لكن هذا العلاج من ذلك النوع الذي له محدد واحد، وهو "احترام أميركا". واحترام أميركا بالنسبة لترامب له معنى واحد أيضاً، وهو أن يكون القرار الأميركي نافذاً متى اتُخذ، ومهما كانت المنطقة المعنية به وتداعياته عليها، ذلك أن ترامب لا يبدو معنياً من وجهة نظره بوجهات نظر الآخرين، وفي منطقه فإن خريطة العالم تضم منطقتين فحسب، أميركا وباقي العالم، وهذا يختصر بالتفسير الاقتصادي عقل "تاجر" يختصر السوق في منطقة ربح ومنطقة خسارة. بهذا المنحى، سيخاصم ترامب كثيراً، ويشتت جهد الولايات المتحدة على إثارة مشكلات وخصومات سياسية واقتصادية متعددة مع أكثر من طرف، بغض النظر عما إذا كانت الدول والمجموعات التي ستدخل محل الخصومة تملك عوامل مقاومة لمقاربات ترامب السياسية والاقتصادية أم لا، بما فيها جوار الولايات المتحدة كالمكسيك وكولومبيا وغيرها، أو دول الاتحاد الأوروبي، أو الدول العربية كالأردن ومصر التي يضغط عليها ترامب للقبول باستئناف "صفقة القرن"، من خلال خطة التهجير التي يقترحها حلاً لقطاع غزة.

عند هذا الحد، يمكن أن ينقلب ترامب بالنسبة للمنطقة العربية إلى "فرصة" بقليل من المقاومة السياسية، إذا توفر الحد الأدنى من التفاهم العربي. فرصة من حيث أنه متى كانت الولايات المتحدة على غير وفاق مع جيرانها، كندا والمكسيك وكولومبيا، ومتى تعمّقت الخلافات الاقتصادية بين واشنطن وبكين، تحوّل ذلك إلى فرصة يمكن استثمارها عربياً. ومتى كانت أميركا على خلاف مع الاتحاد الأوروبي، أمكن الاستفادة من كل هذا الخلاف بقدر ما، اقتصادياً وسياسياً بالنسبة لقضايا حيوية وحساسة في الإقليم العربي كالقضية الفلسطينية (لا توافق غالبية دول أوروبا على خطة تهجير الفلسطينيين خارج غزة)، فالثابت في التاريخ السياسي الحديث أن القضايا العربية تخسر أكثر حين تكون واشنطن على وفاق كلّي مع أوروبا.

لعل ترامب الذي يدير المؤسسة الأميركية بذهنية رجل الأعمال لا بذهنية السياسي، فرصة أو يكاد، عربياً أو بالنسبة لمناطق أخرى. هكذا يمكن رؤية المسألة على هذا النحو من زاوية مغايرة، حيث يمكن أن تؤدي بعض قراراته الاقتصادية والسياسية خصوصاً، لعودة التكتلات الإقليمية إلى دورها الدفاعي عن مجالاتها السياسية والاقتصادية الحيوية، ورفض المساس وتغيير الأسس والقواعد التي تحكم قضايا بعينها، على غرار التشدد العربي ضد التهجير، والتحفز الذي يبديه الاتحاد الأوروبي حيال صورة الثور الأميركي الهائج التي يركّزها ترامب عن نفسه وسياساته.
 

المساهمون