استمع إلى الملخص
- التنافر بين ترامب ونتنياهو يهدد الاتفاق، خاصة مع تجاهل مسألة الاستيطان في الضفة الغربية، مما قد يؤدي إلى انهيار الاتفاق الذي يعتبره البعض "استراحة" وليس سلاماً حقيقياً.
- تواجه خطة ترامب تحديات داخلية وخارجية، مع ضغوط في واشنطن وتحديات قبل انتخابات الكنيست، مما يجعل تحقيق "السلام الدائم" مستبعداً في المدى المنظور.
وصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، اليوم الاثنين، في زيارة قصيرة يلقي خلالها كلمة في الكنيست الإسرائيلي ثم يتوجه إلى شرم الشيخ للمشاركة في "قمّة السلام" التي تعقد هناك، لتتويج اتفاق وقف النار في غزة، الذي نزل في رصيده بوصفه إنجازاً مميّزاً. في المحطتين، يطغى على الزيارة الطابع الاحتفالي. كما ينطوي حضور ترامب في لحظة الإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين على رغبة في التمهيد للمرحلة الثانية من الاتفاق، ولو أنه من غير الواضح حتى الآن إلى أي مدى يعتزم الذهاب في إصراره على ترجمتها.
اكتفى ترامب قبل مغادرته الولايات المتحدة بوضع زيارته في خانة التحرك للبناء على وقف النار باتجاه تعزيز فرص "السلام الدائم" في المنطقة، في إشارة مبطنة إلى حلّ الدولتين المذكور في المرحلة الثانية من الاتفاق، وإن بلغة ملتوية، والتي سارع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو
منذ البداية إلى رفضه عندما حصر موافقته بالمرحلة الأولى فقط، وهو ما جرى تفسيره بأنه تلويح بعزمه على تحدي ترامب في الشقّ الثاني من خطته.يتجاهل الاتفاق مسألة الاستيطان المنفلت في الضفة، والذي يمكن تحويله إلى صاعق لتفجير الخطة
أمس الأحد، جاءت الإشارة الثانية في هذا السياق عندما رفضت حكومة نتنياهو المشاركة اليوم الاثنين في قمّة شرم الشيخ. مؤشر آخر على تنافر جديد بدأت تتبلور ملامحه بين نتنياهو والرئيس الأميركي حول المتبقي من الخطة، وذلك في لحظة ما زال فيها "وقف النار مهدداً بالانهيار، كما تُبين سوابق مثل هذا الإجراء"، بحسب الدبلوماسي العتيق ريتشارد هاس، وخصوصاً أن الاتفاق ما زال في "بداياته الهشّة" و"مخردقاً" بالثقوب والنواقص، مثل "تجاهله لمسألة الاستيطان" المنفلت في الضفة والذي يمكن تحويله إلى صاعق لتفجير خطة ترامب، ولا سيما أنّ ما جرى "ليس اتفاق سلام بل هو أقرب إلى استراحة"، كما وصفه آرون ميلر، الباحث في مؤسسة كارنيغي للدراسات في واشنطن والخبير في شؤون المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية. فالشكوك في النيّات ما زالت كفّتها راجحة. والاعتقاد ولو المبطّن لدى المشكّكين هو أن نتنياهو الذي وافق مضطراً، لن يتردد في نسف الاتفاق عندما تتاح له الفرصة ولو أن هناك من يستبعد هذا الاحتمال، بعدما "انكسرت شوكته".
قد تتحرك الجهات الضاغطة في واشنطن والأوساط المعنية تقليدياً بتطويق أي تنافر شخصي بين البيت الأبيض وإسرائيل
لكن في النهاية الخواتيم مرهونة بمدى عزم ترامب على استكمال "غير المسبوق" الذي بدأه. فهناك من العوامل ما يكفي لحثّه على المضي قدماً في خطته، مثل المكاسب التي حقّقها في هذه الجولة والتي ساعدته في تصحيح العجز السياسي في رصيده المحلي. في المقابل، هناك من الحسابات ما قد تدفعه إلى فرملة هذا التوجه، كأن تتحرك الجهات الضاغطة من داخل المنظومة الحاكمة في واشنطن ومن الأوساط المعنية تقليدياً بتطويق أي تنافر شخصي بين البيت الأبيض وإسرائيل.
يأتي ذلك لا سيما أن فريق الأمن القومي في البيت الأبيض يفتقر إلى الخبرات في إدارة يتولى الرئيس فيها مع فريق لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة طبخ السياسات الخارجية التي يحسم البيت الأبيض أمرها في نهاية المطاف وفق القواعد المعمول بها في حسابات الصفقة، كما هو معروف. الآن يملك ترامب الزخم، والحوافز متوفرة. لكن الترجيحات عموماً تستبعد تحقيق كامل مشروعه في المدى المنظور، وفي أحسن الأحوال ليس قبل انتخابات الكنيست الإسرائيلي بعد عام إذا تمخضت عن معادلة جديدة لغير صالح نتنياهو.
ترامب لا يقوى على الانتظار حتى ذلك الحين. فهل يكسر المألوف والموروث كما فعل في الأسبوع الماضي لتمرير كامل مشروعه؟ أم يكتفي بإنجاز وقف النار والإفراج عن الأسرى؟ وإذا قرّر عدم التراجع عن هدف "السلام الدائم"، فبأي حدود ومضامين؟