ترامب عبد الله صالح

ترامب عبد الله صالح

10 نوفمبر 2020
يتزايد تمسك ترامب بالسلطة (جابين بوتسفورد/Getty)
+ الخط -

أعادت التصريحات التي يكررها دونالد ترامب، منذ أيام، بأنه الرئيس الشرعي الفائز في الانتخابات الأميركية، شريط الذكريات إلى "ترامب صغير" حكم اليمن 33 سنة. وبدلاً من إقراره بانتهاء عصره، لجأ لزرع الفتن والانقلابات، حتى قُتل وترك لشعبة لعنة قد تلاحقه 3 عقود.
في واشنطن، التاريخ يعيد نفسه. قال ترامب إنه سيوافق على انتقال سلس للسلطة عندما يتأكد من نزاهة الانتخابات، في تطابق مع مقولة الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، التي أعلن فيها، عقب انتفاضة 2011، أنه مستعد للرحيل من السلطة لكن "على أسس سليمة، وسيسلمها إلى أيادٍ أمينة، لا أيادٍ مريضة وحاقدة وفاسدة". قال صالح للشارع المطالب برحيله "سنواجه التحدّي بالتحدّي". وها هو ترامب يكرر، من أميركا، الأسطوانة ذاتها لمن يقول إنه قد سقط بالانتخابات، ويصرخ بعبارات قذافية "هؤلاء الناس لصوص... أجهزة المدن الكبرى فاسدة... هذه انتخابات مسروقة". وربما في تغريدة قادمة يقول "من أنتم؟".
حتى الآن، وبعد أيام من السقوط المدوي، لا يزال ترامب في المرحلة الأولى، وهي صعوبة التصديق بأنه لم يعد رئيساً. ويتزايد تمسكه بالسلطة عندما يعلم بأن من أسقطه وسيحكم البيت الأبيض بعده هو "الرجل الناعس".
وبما أن العجرفة والاستهانة بالخصوم صفة مشتركة، فليس من المستبعد أن يكرر ترامب، خلال الأيام المقبلة، مقولة التحدي الشهيرة التي أطلقها ترامب اليمن، باللهجة العامية "لا قد خُلق ولم تنجبه أمه بعد من يقل لعلي عبد الله صالح يرحل"، أو "البيت الأبيض أبعد عليكم من عين الشمس".
جنون العظمة عند ترامب يقول إنه قرر الرحيل، لكن بالتقسيط، كما فعل شبيهه اليمني. ففي 2012، وعندما فقد الأمل بالحكم عقب انتخاب عبدربه منصور هادي رئيساً، ظل صالح يتمسك بصفة الرئيس، ويبعث التهاني إلى نظرائه العرب بصيغة "بعث الرئيس علي صالح رئيس المؤتمر الشعبي برقية تهنئة". هكذا الصفة، ثم الاسم ثم الكيان المرؤوس. كان الأهم عنده أن يظل رئيساً لأي كيان، ولو كان اتحاد نقابات النقل. وعلى مجلس الشيوخ تكليف ترامب برئاسة رابطة كرة الغولف للمحترفين، رغم أنه فاشل فيها.
من المبكر أن نتصور هرولة الولايات المتحدة نحو النموذج اليمني. لكن لا يزال هذا العام العجيب يخبئ لنا 50 يوماً مقبلة، ولا نريد أن نصحو يوماً وقد أصبحت العاصمة واشنطن تحت حصار مسلح وبوادر انقلاب، في تكرار للطريقة التي انتقم بها "صالح" من خلفه هادي ومن اليمنيين جميعاً. حتى يناير/ كانون الثاني المقبل، سيناور ترامب، ويلوح بكافة المعارك القضائية في سبيل حماية ملفه المتخم بالفساد. ظل ترامب طيلة سنوات حكمه الأربع يضغط على زر "تسجيل خروج" الولايات المتحدة من التجمعات الدولية والوكالات الأممية، ابتداء من منظمة الصحة العالمية إلى مجلس حقوق الإنسان، وصولاً إلى اتفاقية المناخ والاتفاق النووي. ومع رجل كهذا، ليس من المستبعد أن تكون انتخابات 2020 هي لحظة تسجيل خروج أميركا من مضمار الديمقراطية.