Skip to main content
تدريبات تركية روسية مشتركة في إدلب... والهدف "أم 4"
أمين العاصي
تدرب الروس والأتراك على صدّ الهجمات (دليل سليمان/فرانس برس)

شرع الطرفان التركي والروسي في تدريبات عسكرية مشتركة في الشمال الغربي من سورية، في خطوة ربما تسبق فتح الطريق الدولي الذي يربط غربي البلاد بشمالها، والمعروف بـ"أم 4"، ما يؤكد حرصهما على استمرار اتفاق موسكو، الذي أبرم في العاصمة الروسية في مارس/آذار الماضي.
وذكرت وسائل إعلام روسية، أمس الأول، أن التدريبات أجريت في مدينة سراقب في ريف إدلب الشرقي والواقعة تحت النفوذ الروسي. وأوضحت أن العسكريين الروس والأتراك تدربوا على السير ضمن قافلة واحدة، وصدّ الهجمات وإجلاء الجرحى. ووفق هذه الوسائل، فقد شمل برنامج التدريب التحرّكات في المناطق التي قد تكون فيها كمائن للمسلّحين، مشيرة إلى أنّ العسكريين الروس والأتراك يستخدمون نظاماً خاصاً للإشارات الضوئية أثناء الأعمال المشتركة. وأوضحت أن الجانب الروسي شارك بمدرعات من نوع "بي تي إر – 82 آ" وعربات "تيغر" المدرعة، بينما شارك الجانب التركي بمدرعات كيربي "Kirpi".

تسيطر فصائل المعارضة السورية على جانب كبير من "أم 4" داخل محافظة إدلب

ومن الواضح حرص الطرفين على استمرار العمل باتفاق موسكو، إثر مواجهات بين قوات النظام ومليشيات إيرانية من جهة وفصائل المعارضة من جهة ثانية، انتهت بتراجع الأخيرة عن مساحات كبيرة في ريفي إدلب وحلب. ومنذ ذلك الحين لم يستطع الروس والأتراك استعادة الحركة على الطريق الدولي "أم 4" الذي يربط الساحل غربي البلاد، بمدينة حلب كبرى مدن الشمال السوري، رغم أن كل التفاهمات الروسية التركية تتضمن هذا البند. وأعاقت مجموعات متشددة، يُعتقد أنها تنتمي إلى تنظيم "حراس الدين" مساعي أنقرة وموسكو لفتح هذا الطريق، حيث استهدفت أكثر من مرة دوريات روسية تركية مشتركة عليه.
ويبدأ طريق "أم 4" من مدينة اللاذقية، كبرى مدن الساحل السوري غربي البلاد، ثم يخترق ريف اللاذقية الشمالي الشرقي وصولاً إلى مدينة جسر الشغور في ريف إدلب الغربي، ثم يمر بقرية فريكة قاطعاً ريف إدلب الجنوبي، حيث يمر عبر مدينة أريحا. وفي مدينة سراقب في ريف إدلب الشرقي، يلتقي "أم 4" مع "أم 5" القادم من مدينة حماة، ليشكلا طريقاً واحداً باتجاه مدينة حلب. وتسيطر فصائل المعارضة السورية على جانب كبير من "أم 4" داخل محافظة إدلب، من قرية عين حور بريف اللاذقية الشمالي الشرقي إلى بلدة النيرب بالقرب من سرمين.

وأعرب العقيد مصطفى البكور، وهو قيادي في فصائل المعارضة في شمال غربي سورية، في حديث مع "العربي الجديد"، عن اعتقاده أن التدريبات التركية الروسية المشتركة "تندرج في إطار التنسيق الدائم بين الروس والأتراك وفق أستانة وسوتشي". ولفت إلى أنه سبق للطرفين إجراء تدريبات مشتركة في محافظة إدلب "على نطاق ضيق في إطار اتفاقية فتح طريق أم 4". وحول قدرة الطرفين التركي والروسي على استعادة الحركة على الطريق، اعتبر بكور أنه "يمكن لهم فتح الطريق، مع وجود بعض المخاطر على مستخدميه من أتباع النظام وروسيا وإيران". وأضاف "لا يزال قسم كبير من الفصائل، سواء المتشددة، أو التي تتبع المعارضة السورية يرفض هذا الإجراء". وتابع "يجب الأخذ بعين الاعتبار أن موافقة قيادات بعض الفصائل التابعة للمعارضة السورية على الاتفاقيات الروسية التركية لا تعني موافقة جميع العناصر، وبالتالي فإن قدرة فصائل أستانة على ضبط عناصرها ضعيفة".

عباس شريفة: الفصائل المتشددة لا تمتلك القوة لوقف فتح الطريق

من جهته، رأى الباحث السياسي المتخصص في شؤون الجماعات المتشددة عباس شريفة، في حديث مع "العربي الجديد"، أنه "لا توجد صعوبات حقيقية تواجه فتح طريق أم 4". وقال "أعتقد أن الفصائل المتشددة لا تمتلك القوة لوقف فتح الطريق، لكنها بالتأكيد، ومن خلال خلاياها الموجودة في شمال غربي البلاد، ستعمل على إعاقة سير الدوريات وفتح الطريق، من خلال عمليات التلغيم والاستهداف".
وكانت مجموعة متشددة تطلق على نفسها اسم "كتائب خطاب الشيشاني" أعلنت مسؤوليتها عن استهداف الدوريات الروسية التركية على طريق "أم 4" مرتين، الأولى منتصف يوليو/تموز والثانية مطلع أغسطس/آب 2020. ويُعتقد أنها غطاء لمجموعات متشددة تنتشر في الشمال الغربي من سورية، ترفض بشكل معلن التفاهمات الروسية التركية، وفي مقدمتها تنظيم "حراس الدين" الذي يضم مجموعات هي الأكثر تشدداً في محافظة إدلب وبعض ريف اللاذقية الشمالي. وتؤكد الوقائع الميدانية أن قدرة هذا التنظيم، ومجموعات تدور في فلكه، محدودة في عرقلة المحاولات التركية الروسية استعادة الحركة على "أم 4"، في ظل انتشار آلاف الجنود الأتراك في نحو 60 نقطة وقاعدة في عموم محافظة إدلب، منذ مطلع العام الماضي. ويبدو أن هناك موافقة غير معلنة من "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) على تسهيل المهمة التركية الروسية في شمال غربي سورية، حيث عملت "الهيئة" على تهيئة الظروف لانتشار الجنود الأتراك في إدلب، في مسعى واضح لنزع صفة التطرف عنها وتقديم نفسها على أنها جزء من الحل. لذا من المتوقع أن تعمل "الهيئة" على صد أي محاولة من قبل المجموعات المتشددة غير المنضوية فيها لإعاقة الخطة الروسية التركية لجهة فتح الطريق الدولي "أم 4"، الذي تأمل موسكو أن يكون عامل إنعاش وتحريك لاقتصاد النظام السوري المتهالك.
وكان الجيش التركي سحب أواخر العام الماضي أغلب نقاطه العسكرية التي كانت محاصرة من قبل قوات النظام، في أرياف حماة وحلب وأدلب. وأقام نقاطا أخرى غير بعيدة عن خطوط التماس بين قوات النظام والمليشيات الإيرانية التي تساندها وبين فصائل المعارضة السورية التي تتماهى مع الرؤية التركية حيال الشمال الغربي من سورية، حيث تعد جزءا من تفاهمات مسار أستانة، التي يعقد الثلاثي الضامن المشارك فيه، تركيا، وإيران، وروسيا، جولة جديدة من المباحثات في 16 فبراير/شباط الحالي في مدينة سوتشي الروسية.