تدابير استثنائية للجيش اللبناني لمنع الفوضى عقب تحركات مناصري حزب الله
استمع إلى الملخص
- الحكومة اللبنانية تشدد على حصر السلاح بيد الدولة ودراسة الورقة الأميركية، مع توجيهات للأجهزة الأمنية للحفاظ على الأمن، وسط غياب التواصل بين رئيس الوزراء نواف سلام وحزب الله.
- حزب الله يعارض بشدة قرارات الحكومة، مؤكداً عدم تسليم سلاحه ومطالباً بضمانات لحماية لبنان، محذراً من تصدي الشعب لأي محاولة لتنفيذ هذه القرارات.
يواصل مناصرو حزب الله اللبناني تحركاتهم منذ ليل الخميس الفائت، تأكيداً على موقفهم الرافض لمقرّرات الحكومة بشأن "خطة حصر السلاح بيد الدولة والموافقة على أهداف الورقة الأميركية"، وذلك في وقتٍ لا تزال الاحتجاجات "مضبوطة" في ظل قرار أمني حاسم بمنع انزلاق الشارع نحو الفوضى أو الانفجار.
وتشهد مناطق في الضاحية الجنوبية لبيروت والجنوب والبقاع منذ الخميس مسيرات ليليّة بالسيارات والدراجات النارية لشبانٍ يحملون أعلام حزب الله وحركة أمل ويرددون هتافات معارضة لحكومة الرئيس نواف سلام، وتتطور في بعض الأحيان إلى قطع للطرقات وإشعال إطارات، لكن سرعان ما يتدخل الجيش اللبناني ويكثف من انتشاره في محاولة لضبط الوضع.
ويحرص الجيش اللبناني عند كلّ تحرّك على إقامة حواجز ثابتة عند بعض التقاطعات وإقفال المداخل التي تربط بين المدن ذات الحساسية الحزبية والطائفية ومنع المسيرات من الدخول إليها وذلك لتفادي حصول أي احتكاك كما يكثف من انتشاره بشكل غير مسبوق، سواء في بيروت أو الجنوب أو البقاع وفي نقاط يتمركز فيها للمرة الأولى تأكيداً منه على قراره الحاسم بالحفاظ على الأمن والاستقرار.
وحذّر الجيش اللبناني في بيان، أول من أمس السبت، المواطنين من تعريض أمن البلاد للخطر من خلال تحركات غير محسوبة النتائج، مؤكداً أنه يحترم حرية التعبير السلمي عن الرأي، لكن لن يسمح بأي إخلال بالأمن أو مساس بالسلم الأهلي أو قطع الطرقات أو التعدي على الأملاك العامة والخاصة، مؤكداً أيضاً ضرورة تحلّي المواطنين وجميع الفرقاء بالمسؤولية في هذه المرحلة الصعبة، وأهمية وحدتهم وتضامنهم "بهدف تجاوز الأخطار المحدقة ببلدنا".
وبحسب معلومات "العربي الجديد"، فإنّ قرار الحكومة متخذ بشأن تشديد الإجراءات للحفاظ على الاستقرار والأملاك العامة والخاصة، ولا تواصل حتى الساعة بين رئيس الوزراء نواف سلام وحزب الله بشأن هذه التحركات. وتقول مصادر رسمية لبنانية لـ"العربي الجديد"، إنّ "القرار الرسمي متخذ لناحية حصر السلاح بيد الدولة وهذا لا تراجع عنه، وسيتم مواصلة دراسة ومناقشة الورقة الأميركية بعدما جرى الخميس إقرار أهدافها، كذلك، فإنّ هناك توجيهات مشددة للأجهزة الأمنية كافة للحفاظ على الأمن والاستقرار ومنع تفلّت الشارع، فالوضع دقيق وهناك طبعاً توترات طائفية وحزبية، ولكن الأجهزة الأمنية ستقوم بواجبها ودورها وكل ما يتوجب لقطع الطريق أمام أي سيناريو من شأنه أن يودي بالبلد إلى مخاطر عدّة".
وتشير المصادر إلى أن "الإجراءات الأمنية المشددة ستبقى خلال هذه الفترة، والتواصل مستمرّ على صعيد الرؤساء الثلاثة، وخصوصاً بين الرئيسين جوزاف عون ونبيه بري، والأخير يتواصل بدوره مع حزب الله، وهناك تأكيدات بأنّ لا نية لتفجير الشارع أو حصول أي تصادم مع الجيش، والحراك من جانب الحزب وحركة أمل سيكون سياسياً".
من جهته، يقول مسؤول عسكري في الجيش اللبناني لـ"العربي الجديد"، إنّ "الجيش اللبناني يقوم بواجبه، وسيفعل كل ما يتوجب للحفاظ على الأمن والاستقرار، وهو لا يريد أن يتواجه مع المواطنين أو يصطدم معهم، بل يطلب منهم التظاهر بشكل سلمي مع عدم الاعتداء على الأملاك العامة والخاصة، لأن هذه التصرفات ستكون موضع ملاحقة وتوقيف".
ويشير المسؤول إلى أن "هناك خطة أمنية تنفذ على صعيد التعامل مع هذه التحركات على مستوى كيفية الانتشار والمداخل التي يجب إقفالها ربطاً بالمناطق التي تعد حساسة طائفياً وسبق أن شهدت اشتباكات ومواجهات بين المواطنين، في فترات ماضية، وهذا أمر أساسي ومهم لأنه يمنع أن يتواجه شارعان بوجه بعضهما"، لافتاً إلى أن "الجيش يتعامل بحزم مع كل قطع للطريق أو تعد على الأملاك العامة والخاصة".
وفي موقف لحزب الله اليوم، قال عضو كتلة "الوفاء للمقاومة"، النائب إيهاب حمادة، إن ما "فعلته الحكومة هو ضرب للميثاقية وإن الشعب سيسقطها، ولن تكمل حتى الانتخابات النيابية القادمة، ونعاهد الناس الأوفياء بأن المقاومة لن تسلّم إبرة من سلاحها، وأن هذا المشروع سيفشل".
ووافق مجلس الوزراء في جلسة عقدها يوم الخميس الماضي برئاسة الرئيس جوزاف عون في قصر بعبدا، وبعد انسحاب وزراء حزب الله وحركة أمل، على الأهداف الواردة في مقدِّمة الورقة التي تقدَّم بها الجانب الأميركي بشأن تمديد وتثبيت إعلان وقف الأعمال العدائية في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، من أجل تعزيز حل دائم وشامل وذلك في ضوء التعديلات التي كان قد أدخلها المسؤولون اللبنانيون، كما قرّر في جلسته الأولى يوم الثلاثاء الماضي، "تكليف الجيش اللبناني وضع خطة تطبيقية لحصر السلاح قبل نهاية العام الحالي بيد الجهات المحددة في إعلان الترتيبات الخاصة بوقف الأعمال العدائية وحدها وعرضها على مجلس الوزراء قبل 31 من الشهر الجاري لنقاشها وإقرارها".
وتضمنت المذكرة 11 هدفاً، أبرزها، اتخاذ الخطوات الضرورية لبسط سيادة لبنان بالكامل على جميع أراضيه، بهدف تعزيز دور المؤسسات الشرعية وتكريس السلطة الحصرية للدولة في اتخاذ قرارات الحرب والسلم وضمان حصر حيازة السلاح بيد الدولة وحدها في جميع أنحاء لبنان، ضمان ديمومة وقف الأعمال العدائية، بما في ذلك جميع الانتهاكات البرية والجوية والبحرية، من خلال خطوات منهجية تؤدي إلى حل دائم وشامل ومضمون، الإنهاء التدريجي للوجود المسلح لجميع الجهات غير الحكومية، بما فيها حزب الله، في كافة الأراضي اللبنانية، جنوبي الليطاني وشماله، مع تقديم الدعم المناسب للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، وانسحاب إسرائيل من النقاط الخمس، وتسوية قضايا الحدود والأسرى بالوسائل الدبلوماسية من خلال مفاوضات غير مباشرة.
نائب عن حزب الله: قرار الحكومة لن ينفذ
من جهته، قال النائب عن كتلة حزب الله حسين جشي لـ"العربي الجديد"، إن "التحركات في الشارع عفوية، والحزب لم يتخذ أي قرار بتحريك الشارع، ومن الطبيعي أن يكون للناس ردّة فعل، فهي لديها مشاعر وشهداء، ونحن هنا لا نتحدث عن أشخاص، بل بيئة وثقافة المقاومة"، مشيراً إلى أن "من مسؤولية القوى الأمنية ضبط الأمور، أما الناس فمن حقها أن تعبّر عن رأيها وموقفها".
ويعتبر جشي، في حديثه مع "العربي الجديد"، أن "الشارع ليس المشكلة، ولا خلفية لحزب الله للدخول بأي مشكل مع أحد، ولا مع الجيش، المشكلة هي في قرار الحكومة، وعليها أن تتراجع عنه وإلا لن يُنفذ". ويشير جشي في معرض رده على سؤال حول خيارات حزب الله، إلى أن هناك تواصلا عبر الرئيس نبيه بري، و"بالنسبة إلى حزب الله فلا حلول وسط، وخطواتنا لن تكون باتجاه أي حل وسط، وقرارنا نهائي ومحسوم ولا نقاش فيه، وعلى الحكومة التراجع أو إيجاد مخرج"، مستبعداً في المقابل أن يكون هناك استقالات من الحكومة.
ويؤكد جشي: "نحن مع حصرية السلاح بيد الدولة، ومع أن تكون الدولة قوية، وأن يكون هناك استراتيجية كما عبّر عنها الرئيس جوزاف عون، لكن نحن نريد ضمانات عملانية، ونريد دولة قوية تحمي شعبها"، مضيفاً "الإسرائيلي يحاول أن يحصل على ما عجز عن الحصول عليه خلال الحرب، وذلك عبر الوسيط الأميركي، من هنا فليعطونا أي ضمانة عملانية وأي شيء منطقي لحماية البلد، فنحن لا نحمل مشروع قتل شبابنا وأولادنا، نحن نريد حماية الوطن والعيش بكرامة".
على صعيد متصل، شدد نائب رئيس المجلس السياسي لحزب الله، الوزير السابق محمود قماطي، على أن الحكومة اللبنانية "لن تستطيع أن تسحب سلاح المقاومة، فهذا أمر مستحيل دونه دماء في مواجهة العدو الخارجي"، مؤكداً أن "المقاومة ليست معزولة أو محاصرة، بل هي جزء من جبهة وطنية عريضة".
ورأى قماطي، خلال لقاء وفد حزب الله مع الأمين العام للحزب الشيوعي، حنا غريب، اليوم، أن "الحكومة باعت الوطن وأعطت الخارج شيكاً من دون رصيد، ولن تستطيع تحقيق ما تريد". وحذر من أن "الشعب اللبناني كله سيتصدى للحكومة إن حاولت تنفيذ قرارها"، مشيراً إلى أن "المقاومة ولدت من رحم الاحتلال، حيث لم تستطع الدولة حماية المواطنين وردع العدوان"، داعياً الحكومة إلى "تصحيح المسار والابتعاد عن القرارات التي تضر لبنان".