استمع إلى الملخص
- الدعم الأمريكي لسورية مرتبط بإنجاز اتفاق أمني مع إسرائيل، مما يتطلب خبرة في التفاوض، خاصة في ظل الظروف المعقدة التي تواجهها سورية، مثل تدمير منظومة الدفاع الجوي وتقييد حركة الجيش.
- يجب أن تظل الاتفاقات الأمنية مؤقتة، وألا تتجاوز التفاهمات الأمنية، مع ضرورة أن تكون ضمن إطار عربي وتحظى بموافقة السوريين لضمان تحول إيجابي.
تشكّل الزيارة التي يبدأها الرئيس السوري أحمد الشرع، غداً الاثنين، إلى الولايات المتحدة منعطفاً استراتيجياً مهماً في تاريخ سورية الحديث. لا يعود السبب إلى أنها الزيارة الأولى لرئيس سوري للولايات المتحدة منذ نحو ستة عقود، ولا لأن الشرع سيلقي كلمة سورية في الجمعية العامة للأمم المتحدة لأول مرة منذ أكثر من ستة عقود، ولكن لما سيترتب على هذه الزيارة من نتائج من شأنها أن تغيّر وجه سورية. يتوقع المتفائلون أن تتحوّل سورية من بلد مقسم بين قوى أمر واقع مدعومة من جهات خارجية، إلى بلد موحد ومستقر سياسياً، له حضوره في المحافل الدولية، ومن بلد مدمر اقتصادياً، واجتماعياً، وفيزيائياً (مدن وبنى تحتية)، إلى بلد ذي اقتصاد قوي ومتماسك، جاذب للاستثمارات، وذلك من خلال رفع كامل للعقوبات الأميركية المفروضة على سورية، ومن خلال استجلاب دعم سياسي فعلي لتكون سورية موحدة، ومستقرة. هذا الأمر، إن حصل، من شأنه أن يشكل تحوّلاً تاريخياً إيجابياً على مستوى البلاد في حال استطاعت الدبلوماسية السورية استغلال الإرادة الدولية، والإرادة الأميركية المجمعة بتوافق قل أن يجتمع حول دولة ما، على أن تكون سورية دولة موحدة ومستقرة.
إلا أن الدعم الأميركي للإدارة السورية الجديدة يبدو مرتبطاً بشكل وثيق بإنجاز اتفاق أمني مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، التي تديرها أكثر الحكومات تطرفاً، والتي تسعى لانتزاع أكبر قدر من التنازلات من الطرف السوري لإتمام هذا الاتفاق، الأمر الذي يتطلب قدراً كبيراً من الخبرة في التعاطي مع هذا الملف. ويفاوض السوريون الجانب الإسرائيلي وهم مدفوعون لكسب رضا الولايات المتحدة، الحليف الرئيسي لإسرائيل، بهدف رفع كامل العقوبات المفروضة على سورية. كما أن الكثير من أوراق قوتهم التفاوضية قد تم سحبها منهم منذ بداية تحرير سورية، خصوصاً مع تدمير إسرائيل منظومة الدفاع الجوي السورية ومعظم مراكز الأبحاث والمواقع العسكرية الاستراتيجية، فيما الجانب الإسرائيلي المنتشي بالقضاء على أذرع إيران، يتعامل بمنطق المنتصر، عبر الاستباحة اليومية للأراضي والأجواء السورية، وتقييد حركة الجيش السوري في الجنوب والتدخّل في محافظة السويداء. هذه الظروف المعقّدة التي تعيشها الدولة السورية الناشئة تجعل من أي اتفاق أمني ينطوي على الكثير من التنازلات، ويتوجب على الإدارة السورية ألا تُكسب أياً منها صفة الديمومة، وألا تتخطى الاتفاقات حاجز التفاهمات الأمنية، كون المستويات الأخرى من التفاوض يجب أن تكون ضمن إطار عربي وأن تحظى بموافقة السوريين، وذلك كي يبقى التحوّل التاريخي ضمن إطاره الإيجابي.