تحقيق إيطالي يوثّق استخدام إسرائيل الدعاية الرقمية لاستهداف فرانشيسكا ألبانيز

11 يوليو 2025   |  آخر تحديث: 11 يوليو 2025 - 00:12 (توقيت القدس)
فرانشيسكا ألبانيز خلال مؤتمر صحافي في كوبنهاغن، 12 فبراير 2025 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- كشفت تحقيقات صحافية عن استخدام إسرائيل للدعاية الرقمية لتشويه سمعة المقرّرة الخاصة للأمم المتحدة، فرانشيسكا ألبانيز، عبر حملات إعلانية مدفوعة على غوغل، بهدف التلاعب في نتائج البحث واتهامها بانتهاك الحياد.
- أطلقت الحكومة الإسرائيلية حملة دعائية واسعة النطاق باستخدام الذكاء الاصطناعي لنشر مقاطع فيديو مضللة على وسائل التواصل الاجتماعي، للترويج لروايات كاذبة عن المساعدات الإنسانية في غزة، رغم القوانين الأوروبية ضد المحتويات الزائفة.
- أعربت النائبة الإيطالية ستيفانيا أسكاري عن تضامنها مع ألبانيز، مشيرة إلى أن الحملة ضدها تأتي بعد تقريرها الذي ندّد بتورط شركات غربية في دعم الاحتلال، مؤكدة على ضرورة محاسبة هذه الشركات.

 

لجأت إسرائيل إلى الدعاية الرقمية الموجّهة لتشويه سمعة المقرّرة الخاصة للأمم المتحدة،

فرانشيسكا ألبانيز، بحسب ما يوثّق تحقيق صحافي نشره موقع "فان بيدج" الإيطالي، وذلك على غرار حملات سابقة شنّتها دولة الاحتلال ضد من تصفهم بـ"أعدائها"، سواء أكانوا جمعيات أم حركات، أم حتى وكالات أممية، على غرار الحملة التي شنّتها على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023. وتزامن نشر التحقيق مع إعلان وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، أن الولايات المتحدة فرضت عقوبات على ألبانيز بسبب مساعي الأخيرة لدفع المحكمة الجنائية الدولية إلى اتخاذ إجراءات بحق مسؤولين وشركات ومديرين تنفيذيين أميركيين وإسرائيليين.

وبحسب التحقيق الذي نشره الأربعاء موقع "فان بيدج" الإيطالي، تحت عنوان "الحكومة الإسرائيلية تشتري مواد إعلانية على محرك البحث غوغل لتشويه سمعة فرانشيسكا ألبانيز"، فإن الحكومة الإسرائيلية تسعى منذ عدة أشهر لفرض روايتها عن الحرب في غزة، من خلال حملة إعلانية مدفوعة على محرك البحث غوغل، ولتشويه سمعة ألبانيز، وهي باحثة ومحامية إيطالية، تشغل هذا المنصب منذ عام 2022. وذكر الموقع أنه عند البحث عن اسم ألبانيز على غوغل، لم تعد صفحة ويكيبيديا الخاصة بها تظهر في النتائج الأولى كما كان يحدث حتى وقت قريب، بل تصدّر النتائج رابط لصفحة إعلانية مدفوعة تابعة لموقع govextra.gov.il، وهو نطاق فرعي رسمي للحكومة الإسرائيلية. ويتضمّن النص المعروض اتهامات مباشرة ضد ألبانيز بأنها "انتهكت مراراً وتكراراً، خلال فترة عملها، مبادئ الحياد والنزاهة المهنية التي تشكّل جوهر ولايتها في الأمم المتحدة"، كذلك تشير الوثيقة إلى سلسلة من الانتهاكات المزعومة للمعايير الأخلاقية الأممية، وتتهمها بتكرار التواصل مع "جماعات إرهابية"، من بينها حركة حماس.

هذه الإعلانات، وفقاً للتحقيق، تشكّل جزءاً من حملة أوسع أطلقتها "وكالة الإعلان الحكومية الإسرائيلية"، وهي كيان إعلامي تابع لحكومة بنيامين نتنياهو، وتسعى للتلاعب في رواية الأحداث عبر أدواتها الخاصة للإعلام التجاري، لخدمة الأجندة السياسية للحكومة. وقد تبيّن للموقع، من خلال تحليل المواد المدفوعة على Google Ads والبحث في بوابة "شفافية الإعلانات" التابعة لغوغل في إيطاليا، أن النطاق govextra.gov.il هو راعي الصفحة الدعائية ضد ألبانيز لأول مرة يوم 5 يوليو/ تموز الجاري، والمحدّثة يوم 8 من الشهر ذاته. هذه الصفحة تندرج، وفقاً لبيانات غوغل، تحت فئة: الأسرة والمجتمع. وتابع الموقع أن الآلية هنا بسيطة: ما عليك إلا أن تدفع لتتصدّر صفحة ما نتائج البحث في غوغل باستخدام نظام "الدفع مقابل النقر" (Pay-per-click)، حيث يختار المستخدمون كلمات مفتاحية معينة مرتبطة بمنتجاتهم أو خدماتهم، ومن ثم يصنعون إعلانات نصّية موجّهة، بحيث تظهر كمحتوى "مُموّل" في نتائج البحث الأولى. وأوضح أن استهداف ألبانيز لم يكن مصادفة، إذ إن المقرّرة الأممية ندّدت، في التقرير الذي قدّمته في 30 يونيو/ حزيران الماضي إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بتورّط شركات التكنولوجيا الأميركية الرئيسية في دعم العمليات العسكرية الإسرائيلية، ووصفت الاقتصاد الإسرائيلي بأنه قائم على "الاحتلال غير الشرعي، والفصل العنصري، والآن الإبادة الجماعية"، داعية إلى محاسبة الشركات الخاصة المتورطة.

ولفت الموقع إلى أن الحملة الدعائية ضد ألبانيز ليست الأولى، إذ أطلقت الحكومة الإسرائيلية في مايو/ أيار 2024 حملة مماثلة ضد أونروا. وكشف التحقيق أن وكالة الإعلان الحكومية الإسرائيلية لم تتلاعب فقط بنتائج البحث، بل رعت أيضاً مقاطع فيديو مُولَّدة باستخدام الذكاء الاصطناعي على منصات التواصل الاجتماعي مثل إنستغرام، وفيسبوك، وتيك توك، ويوتيوب، تزعم تنفيذ حماس لهجمات لم تحدث قط، أو تروّج لروايات "مساعدة إنسانية إسرائيلية واسعة النطاق" في غزة، تُظهر أطفالاً فلسطينيين وهم يعانقون صناديق مواد غذائية تصل إليهم من "آلاف الشاحنات الإسرائيلية". كذلك ظهرت هذه المقاطع كإعلانات ضمن فيديوهات لمؤثرين وصنّاع محتوى إيطاليين، مثل أدريان ريدنيك المعروف باسم "كاليل".

واستدرك "فان بيدج" أنه على الرغم من أن قانون الخدمات الرقمية للاتحاد الأوروبي (Digital Services Act) يفرض إزالة سريعة للمحتويات الزائفة والدعائية ذات الطابع الإرهابي، ويهدّد بفرض غرامات تصل إلى 6% من الإيرادات العالمية السنوية على الشركات المخالفة، فلا يزال مستمرّاً تصوير فيديوهات عبر الذكاء الاصطناعي حول المعونات الإنسانية الموجّهة إلى غزة، وحملة التشويه ضد الأونروا، والآن تتصدّر نتائج البحث في غوغل صفحة مدفوعة من قبل الحكومة الإسرائيلية، تتضمّن اتهامات بالغة الخطورة بحق فرانشيسكا ألبانيز.

من جهتها، أوضحت النائبة ستيفانيا أسكاري، عضو مجلس النواب عن حركة 5 نجوم، ورئيسة المجموعة البرلمانية للسلام بين فلسطين وإسرائيل، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "حكومة دولة إسرائيل الإرهابية تموّل من ناحية حملة رقمية تهدف إلى تشويه سمعة المقرّرة الأممية فرانشيسكا ألبانيز، كذلك فإن الولايات المتحدة تستهدفها من ناحية أخرى بالعقوبات". وأشارت أسكاري، في حديث خاص لـ"العربي الجديد"، إلى أن "جميع هذه التحرّكات العبثية ظهرت بعد أيام قليلة من نشر تقرير ألبانيز، الذي ندّدت فيه بالشركات الغربية التي تتربّح من الإبادة الجماعية، والمتواطئة مع الاحتلال الإسرائيلي الإجرامي وغير القانوني للأراضي الفلسطينية". وأضافت: "لقد تقدّمت صباح اليوم بطلب إحاطة برلماني إلى رئيسة الوزراء ميلوني، ووزير الخارجية تاياني، للإدلاء بشهادتهما بشأن ما ذُكر في تقرير ألبانيز، وإدانة أيّ شكل من أشكال التدخّل السياسي حيال مقرّري الأمم المتحدة". وأعربت البرلمانية الإيطالية عن كامل تضامنها "مع فرانشيسكا ألبانيز، التي اضطرت إلى الدفاع عن نفسها من حكومات تصف نفسها بالديمقراطية، بينما تستخدم أساليب مافيوية وإرهابية بهدف تخويفها وإسكاتها".