تحفظ سياسي في الجزائر على مسودات قوانين الأحزاب والجمعيات: تراجع عن التعددية

08 فبراير 2025
السكرتير الأول لجبهة القوى الاشتراكية يوسف أوشيش، 9 سبتمبر 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أعربت أحزاب جزائرية عن قلقها من مسودتي قانوني الأحزاب والجمعيات، محذرة من تضييق الممارسة السياسية وتحويل الأحزاب إلى امتدادات إدارية تابعة لوزارة الداخلية، مما يهدد التعددية السياسية.
- أكدت حركة مجتمع السلم على ضرورة تحرير القوانين من التحكم والتضييق، مشددة على حماية الحريات السياسية والإعلامية والنقابية، بينما وصفت الأمينة العامة لحزب العمال المسودات بأنها "مفزعة".
- عبر حزب جيل جديد والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية عن مخاوفهما من زيادة البيروقراطية والفساد، مقترحين تأجيل المناقشة وإجراء نقاش شامل.

أعلنت أحزاب سياسية في الجزائر تحفظها الشديد بشأن مسودتي قانوني الأحزاب والجمعيات الجديد، واعتبرت هذه المسودات أنها تثير القلق، ووصفتها بـ"المفزعة"، بسبب مخاوف من تضييقها على الممارسة السياسية، وسط مطالب بإعادة صياغتها أو تأجيل ذلك إلى حين فتح نقاش جدي بشأنها.

وطرحت جبهة القوى الاشتراكية، (أقدم أحزاب المعارضة)، حزمة تحفظات بشأن مسودة القانون الجديد، وحذرت من أن الصيغة المطروحة ستؤدي إلى التضييق على الممارسة السياسية. وقال السكرتير الأول للحزب، يوسف أوشيش أمس إن "هذه القوانين تثير قلقًا مشروعًا وتطرح العديد من التساؤلات حول نوايا السلطة جراء هذه الإصلاحات، مشيراً إلى أن المسودات المطروحة "تتوجه إلى السيطرة على المجتمع بصورة شبه مطلقة، تعكس رغبة واضحة في فرض الرقابة على المجتمع والتحكم الكامل في الحريات الأساسية، وإضعاف الأحزاب السياسية، وذلك عبر تحويلها إلى مجرد امتدادات إدارية تابعة بشكل كلي لوزارة الداخلية، مما يؤدي إلى القضاء على أي استقلالية أو حرية سياسية".

ووصف أوشيش مسودات قانوني الأحزاب والجمعيات، بأنها "تتعارض تمامًا مع الالتزامات التي قطعتها السلطة الحالية، وتمثل تراجعًا عن التعددية ومبادئ استقلالية الأحزاب وتضعها محل تشكيك، وهي قوانين محيرة وغير مقبولة"، محذرًا من أن رغبة السلطة "في تقليص الأحزاب السياسية إلى مجرد أجهزة سيمثل خطأً فادحًا يقضي على الحياة الديمقراطية".

وفي السياق، أبدت حركة مجتمع السلم، كبرى أحزاب المعارضة في البرلمان، تحفظاتها بشأن ما وصفته الذهنية السياسية القائمة على السيطرة في صياغة القوانين الناظمة للعمل السياسي والمدني. وأكد البيان الأخير للحركة السبت الماضي ضرورة "تحرير القوانين الناظمة للحياة السياسية والجمعوية والنقابية من ذهنية التحكم وكل أشكال التضييق وتسهيل وتخفيف الإجراءات أمام كل من يريد المساهمة في تدبير الشأن العام". وشددت على "أهمية حماية الحريات السياسية والإعلامية والنقابية باعتبارها حقوقًا دستورية غير قابلة للتقييد أو التسقيف"، فيما وصفت الأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون مسودة قانون الأحزاب "بالمفزع"، خاصة ما يخص منع قيادات الأحزاب من تولي قيادتها لأكثر من عهدتين، وحذرت أن هذا المشروع يجب أن يسحب لأنه سيقضي على التعددية السياسية.

مطالب بحسب المسودات

 من جانبه، سلم حزب جيل جديد (تقدمي)، رداً مكتوباً إلى الرئاسة بشأن مشروع قانون الأحزاب السياسية ومشروع قانون الجمعيات، أكد فيه أن هذه المسودات تثير المخاوف بشكل كبير، وأكد وثيقة الرد المسلم إلى الرئاسة أن "مشروع الإصلاح السياسي، كما هو معروض، مزيج من القوانين القمعية والتنظيمية التي تحول الأحزاب السياسية إلى مجرد ملحقات إدارية، وبدلًا من تنظيم حياة سياسية حرة ومسؤولة، فإن هذه القوانين تقيد الأحزاب السياسية في لائحة داخلية قاتلة على الأكثر، لا تسمح باستمرار الأحزاب السياسية التي تحمل التجديد والانفتاح، بسبب التدابير الخانقة والتعسفية"، مضيفًا أن "هذه المشاريع، كما هي مصوغة، ستزيد من الفجوة بين المواطنين والدولة، وستعزز تضخم البيرقراطية التي ستصبح في النهاية هيمنة وموئلًا للفساد، وستلغي في النهاية جميع هياكل تشكيل القيادات السياسية للمسؤولين المستقبلين في الأمة". واقترح جيل جديد أن يتم تأجيل مناقشة هذه المشاريع الإصلاحية إلى ما بعد نقاش عميق وجاد يشمل جميع مكونات المجتمع السياسي والمجتمع المدني والشخصيات الوطنية.

من جانبه، هاجم التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية (تقدمي)، مسودتي قانوني الأحزاب والجمعيات، وعبر، في رده على مراسلة الرئاسة، عن قلقه تجاه مضمونها، واعتبر أن المسودة بصيغتها الحالية "تمهد الطريق لمحو أي قاعدة سياسية حزبية، وتجعل وزارة الداخلية هي الآمر والناهي في الحياة الحزبية". وأبدى التجمع تحفظه خاصة على المواد التي تمنع القياديين في الاستمرار على رأس الأحزاب لأكثر من عهدتين. وقال إن هذا الإجراء "يعيق بروز شخصيات سياسية ذات كاريزما"، محذرًا، في السياق ذاته، من بنود تخص التحكم في خطاب الأحزاب السياسية بشكل يفرض الرقابة على أي انتقاد سياسي، مشيرًا إلى أن منع الأحزاب من مقاطعة الانتخابات تحت طائلة الحل في حال عد مقاطعة موعدين انتخابيين متتاليين، يدخل في إطار"الحد من حرية العمل الحزبي، والحق في مقاطعة الانتخابات كاستراتيجية انتخابية".

وكانت الرئاسة الجزائرية قد سلمت الأحزاب مسودات قانوني الأحزاب والجمعيات لإثرائها، ويتضمن قانون الأحزاب تدابير جديدة تمنع قيادة الأحزاب لأكثر من عهدتين وتمنع إقامة علاقات مع قوى سياسية خارجية من دون موافقة السلطات، كما تمنع أي ارتباط عضوي بين الحزب والجمعيات، وتفرض نسبًا معينة من الشباب والنساء في هياكل الأحزاب.