تحرك احتجاجي للكشف عن نتائج التحقيق في انفجار بيروت

تحرك احتجاجي للكشف عن نتائج التحقيق في انفجار بيروت ومخاوف من طمس الحقيقة

04 نوفمبر 2020
لا تزال آثار الانفجار تلاحق من عايشوه (Getty)
+ الخط -

نفذ عددٌ من المحتجين، اليوم الأربعاء، مسيرة باتجاه منزل المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي فادي صوّان، للمطالبة بكشف نتائج التحقيق بعد مرور 3 أشهر على الكارثة التي خلّفت أكثر من 190 قتيلاً، وآلاف الجرحى، ودمّرت جزءاً كبيراً من العاصمة اللبنانية، وشرّدت عائلات وتركت قسماً كبيراً من المواطنين من دون أي سقف يحميهم من الطقس العاصف والماطر والبرد القارس خلال فصل الشتاء.

ورفع المحتجون لافتات وشعارات تطالب بإعلان نتائج التحقيقات أمام الرأي العام، إذ اعتبروا أنّه كما قُتِلَ المئات بشكل علني، على القاضي أن يكشف علناً مسار الملف، حيث إن التحفّظ الذي يتمسّك به المحقق العدلي، يسقط باعتبارهم أمام هول الجريمة.

ويخشى المحتجون، بحسب تأكيدهم خلال المسيرة، أن يكون الهدف وراء المماطلة تركيب ملفٍ، بحيث يكون ما حصل في مرفأ بيروت "قضاءً وقدراً"، وناجماً عن "تقصير أو إهمال غير مقصودَيْن"، ما من شأنه أن يستّر على الفاعلين، ويبقيهم بعيدين من المحاسبة والعقاب.

وحذّر المشاركون في المسيرة، الذين صمّموا على مواصلة تحرّكهم على الرغم من الأمطار الغزيرة الناجمة عن المنخفض الجوي الذي يضرب لبنان اليوم وغد الخميس، من طمس الحقائق، وإلّا ستنتقل المواجهة الفعلية إلى الشارع، لمحاكمة كلّ الفاعلين أمام محكمة الشعب، معبّرين عن امتعاضهم من صمت القاضي صوان، وهي المرة الخامسة التي يعتصمون فيها أمام منزله من دون أن يكبّد نفسه عناء مخاطبة الناس الذين يرفضون في ذكرى مرور 3 أشهر على الانفجار نسيان ما حدث، ومتابعة الحياة كأنّ مجزرة لم تحصل في الرابع من أغسطس/آب الماضي.

ولم تؤدِّ التحقيقات بعد مرور 3 أشهر على الانفجار إلى محاسبة كبار المسؤولين والمعنيين في مرفأ بيروت تبعاً لوظائفهم ومناصبهم، التي تجعلهم مسؤولين حكماً عمّا حصل، رغم أن القسم الأكبر منهم أقرّ بعلمه بوجود مواد نيترات الأمونيوم، فيما اكتفى القضاء بالاستماع إلى عددٍ منهم بصفة شاهدٍ فقط، واقتصرت التوقيفات على بعض الشخصيات الأمنية والإدارية.

في المقابل، انضمت نقابة أفواج الإطفاء إلى فرع منظمة العفو الدولية بالمملكة المتحدة في دعوة حكومة المملكة إلى الضغط من أجل إجراء تحقيق دولي كامل في الانفجار المدمر الذي هز بيروت. وقالت عاملة الإطفاء البريطانية هولي فيرغسون، التي تعمل في خدمة الإطفاء منذ 11 عاماً، إن انفجار بيروت أشبه بـ"كابوس مروع".

وبحسب بيان نشرته المنظمة الإثنين الماضي، تقول، فيرغسون، إن فريق الإطفاء اللبناني "خذل بشدة" من قبل المسؤولين الذين كانوا يعرفون أن مواد كيميائية خطرة تم تخزينها في المرفأ لكنهم تقاعسوا عن التصريح بهذه المعلومات.

وبعد مرور ثلاثة أشهر على الانفجار تعتقد منظمة العفو الدولية ونقابة أفواج الإطفاء بأنه بات واضحاً بشكل متزايد أن السلطات اللبنانية الحالية لا تنوي إجراء تحقيق فعال وشفاف ومحايد، ما يحرم الضحايا من حقوقهم في الحقيقة، والعدالة، والتعويض، ومن ضمنهم عائلات الإطفائيين الذين لقوا حتفهم وهم يؤدون عملهم في مرفأ بيروت.

ولم يخرج اللبنانيون بعد، ولا سيما من المقيمين في العاصمة ومحيطها، من صدمة الانفجار، ولا يمرّ يوم أو حدث إلّا ويذكّرهم بالكارثة التي حلّت عليهم، كما حصل مع بدء العواصف الرعدية، إذ عبّر الكثير من المواطنين عن مخاوف راودتهم نتيجة أصوات الرعد والبرق، التي أعادتهم سريعاً إلى يوم الانفجار، ولم يتمكّنوا من النوم طيلة الليل، وأشاروا إلى أنه من الصعب أن يخرجوا في وقتٍ قريب من هذه "التروما" والصدمة النفسية، والاضطرابات التي أحدثتها اللحظات المرعبة التي مرّوا بها، وهم الذين يخشون وقوع انفجار ثانٍ في أية لحظة نتيجة انعدام الثقة في المنظومة الحاكمة وممارساتها التي تغلّب فيها المصلحة الخاصة على تلك العامة، والتي لا تزال تعتمدها وتستمر في تدمير البلد للحصول على حصة أو منصب، ولم يردعها الانفجار ومشاهد الضحايا والدمار وانتفاضة شعب بمختلف أطيافه.

وفضح الطقس العاصف والماطر مرّة جديدة عجز السلطة وفسادها وسياساتها القائمة على المماطلة والهدر وغياب الرؤية المنظمة والواضحة، إذ تكرّرت المشاهد نفسها اليوم كما كل سنة، لناحية الطرقات التي تغمرها الأمطار، وزحمة السير في مختلف المناطق، نتيجة برك المياه التي توزعت بسبب التأخر في أعمال الصيانة والإهمال، وما نتج عن ذلك أيضاً من الصدامات المرورية، والسيول التي خلفت أضراراً في المنازل التي دخلت إليها، والمزروعات والممتلكات.

كذلك، تسبب المنخفض الجوي، والرياح الشديدة، بسقوط مبنى في منطقة المدوّر – بيروت، كان آيلاً للسقوط، لكنّه خالٍ من السّكان وغير مأهول، وهو من المباني المتضرّرة من جراء انفجار مرفأ بيروت. ولا تزال مبانٍ كثيرة غير قابلة للسكن، في ظلّ الطقس العاصف ولم تنتهِ الأعمال فيها حتى اليوم.