تحركات المبعوث الأممي في العراق: تفكيك الفصائل المسلحة؟
عقد الحسان حزمة واسعة من الاجتماعات مع قيادات سياسية شيعية في بغداد (الأمم المتحدة)
للأسبوع الثاني على التوالي، تتصدر لقاءات المبعوث الأممي الخاص في العراق ساحة الاهتمام السياسي في البلاد، بعد تقارير وتسريبات صدرت عن سياسيين ومستشارين بالحكومة تحدثت عن ضغوط دولية على العراق لتفكيك الفصائل المسلحة الحليفة لإيران والتهديد بعقوبات دولية على العراق. وأجرى رئيس بعثة الأمم المتحدة إلى العراق محمد الحسان خلال الأسبوعين الماضيين سلسلة من اللقاءات المهمة في بغداد والنجف، التي زارها مرتين على التوالي وعقد اجتماعا مع المرجع الديني علي السيستاني ونجله محمد رضا السيستاني، قبل أن ينتقل إلى طهران للقاء مسؤولين إيرانيين، وركزت على الملف العراقي تحديدا، كما عقد الحسان حزمة واسعة من الاجتماعات مع قيادات سياسية شيعية مختلفة في بغداد، لم يُكشف عن مضمونها.
لكن إبراهيم الصميدعي، وهو مستشار بالحكومة العراقية، قال الثلاثاء إن الحكومة العراقية تلقت طلباً واضحاً من أطراف دولية وإقليمية، لم يسمها، بـ"ضرورة تفكيك" سلاح الفصائل المسلحة. وأضاف الصميدعي، في تصريحات لمحطة تلفزيون عراقية محلية، أن "هناك ضغوطاً دولية متزايدة على الحكومة العراقية لضبط السلاح المنفلت خارج إطار الدولة، كما طُلب منا بشكل صريح تفكيك سلاح الفصائل المسلحة باعتبار ذلك جزءاً من الجهود لإعادة الاستقرار إلى العراق وضمان السيادة الوطنية"، متحدثا عما قال إنها "الشكوك عند الغرب وأميركا" حيال الحشد الشعبي، ولذلك "يطالبون بحل الحشد وإنهاء نظام الدولة والدولة الرديفة، كما أن القرار السياسي قادر على إنهاء هذه الحالة وتنفيذ حل الفصائل التي تمتلك وجودا سياسيا، ونعتقد أن ثنائية الدولة والمقاومة ستنتهي قريبا".
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بدوره قال إن "العراق لم يتلق أي تهديد تجاه أي قضية. لا توجد أي شروط لحل الحشد الشعبي"، مستدركا بالقول: "كل الرسائل التي تلقيناها بالزيارات والاتصالات تؤكد على التزام الدول بأمن العراق واستقراره"، مشددا على تأكيدات الدول بـ"بالوقوف مع العراق تجاه أي تهديد إرهابي يحاول المساس بحدوده".
وذكر السوداني أن "ممثل الأمين العام للأمم المتحدة بالعراق (محمد الحسّان) يدعو إلى المزيد من التوافق السياسي"، لافتاً إلى وجود قرار بإعلان "جدول زمني لحصر السلاح وإنهاء أي وجود لأي مجاميع أو فصائل خارج نطاق المؤسسات الأمنية"، بالتزامن مع الإعلان عن جدول انتهاء مهام قوات التحالف الدولي بالعراق، المقرر في نهاية العام المقبل.
لكن عضوا بارزا في البرلمان العراقي تحدث لـ"العربي الجديد" عن تلقي الحكومة خلال الأيام الماضية ما وصفه بـ"مواقف دولية" رافضة استمرار وجود الفصائل المسلحة الحليفة لإيران بالعراق والتي باتت تطغى على المشهد السياسي والأمني بالبلاد، وضرورة تفكيك الحالة المسلحة بالعراق المتمثلة بالفصائل.
وقال النائب، طالبا عدم الكشف عن هويته، وهو عضو بلجنة الأمن والدفاع البرلمانية، إن "رسائل تلقتها مرجعية النجف، وقادة سياسيون فضلا عن الحكومة، تشير إلى خطورة تلك الفصائل على مستقبل العراق، لكونها تمثل أذرعاً إيرانية تنفذ إرادة وأجندة طهران في دولة العراق"، وأوضح أن "الحديث كان متعلقا بمؤسسة أو كيان الحشد الشعبي ككل، والحديث عن سبب بقائه مع وجود أكثر من مليون جندي وعنصر أمن نظامي بالعراق سوى أن فصائل كثيرة فيه تنفذ أجندات إيرانية".
علي الفتلاوي، القيادي في حركة "أنصار الله الأوفياء" العراقية، قال لـ"العربي الجديد"، إن "الفصائل لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن تترك سلاحها، ولا تخشى أي تهديدات، كما أنها لا تعير أي أهمية لما يجري الحديث بشأنه عن ضغوطات غربية أو أممية، فلا يمكن تسليم السلاح في ظل وجود الاحتلال الأميركي وكذلك التوسع الإسرائيلي الخطير في سورية"، وفقا لقوله.
ولفت إلى أن "الفصائل مستعدة لمواجهة أي تهديد ضدها من أي قوة دولية، ولا يمكن لأي جهة خارجية فرض تفكيك هذه الفصائل، وإذا جرى أي اعتداء على الفصائل من أي جهة فسيكون لهذه الفصائل رأي آخر، وهذا الأمر تم إبلاغ الجميع به في العراق وبشكل واضح"، وختم بالقول إن "الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق محمد الحسان يجب عليه الالتزام بعمله المكلف به، وألا يكون ساعي بريد لأطراف غربية"، وفقا لقوله.
الناشط السياسي المقرب من التيار الصدري مجاشع التميمي، قال لـ"العربي الجديد"، إن القوى السياسية العراقية "عاجزة عن فهم مصالح العراق العليا. يقومون بتفسير الأمور بحسب مصالحهم الشخصية أو الحزبية، وممثل الأمين العامل المتحدة السفير محمد الحسان لا يمتلك القوة في فرض رؤية الأمم المتحدة، بل إنه يقدم النصح والإرشاد".
وأضاف "ما يقوم به الحسان ولقاءاته المستمرة مع المرجعية والحكومة العراقية هي محاولات من الأمم المتحدة لتحاشي أي ضربة إسرائيلية على المنشآت العراقية والقوات الأمنية والعسكرية، والسعي الحقيقي لتفكيك سلاح الفصائل الذي أصبح يهدد استقرار المنطقة وليس العراق فقط، خاصة في ظل وجود إرادة دولية تعمل على ذلك بعد إسقاط نظام بشار الأسد، فالعمل مستمر على قطع كافة أذرع إيران في المنطقة".
ويرى أن المبعوث الأممي "يلعب دورا مهما بالوقت الحالي في إيصال الرسائل المهمة للعراق، وهذا الأمر قد يدفع بالحكومة العراقية إلى الطلب من جديد لتمديد عمل بعثة الأمم المتحدة في العراق، لقرب انتهاء مدة عملها في نهاية السنة الجديدة، فالعراق في ظل هذه التطورات الخطيرة يحتاج بالتأكيد إلى عامل ضبط إيقاع وعامل يلعب دوراً في التهدئة وله مقبولية إقليمية ودولية".