تحذير من استهداف مكتسبات الثورة التونسية عبر "تركيع" القضاء

تحذير من استهداف مكتسبات الثورة التونسية عبر "تركيع" القضاء

23 يناير 2022
تتوالى الانتقادات لانفراد سعيّد بالسلطة (فتحي بلعيد/ فرانس برس)
+ الخط -

حذر "الحزب الجمهوري" بتونس، في بيان يوم الأحد، من استهداف القضاء ممثلا في المجلس الأعلى للقضاء، وذلك في ظل ما يتعرّض له من هجمة شرسة ومحاولة لإخضاعه وتطويعه خدمة لرئيس الجمهورية قيس سعيّد.

وذكر البيان أن سعيّد "يسعى إلى استكمال جمع كل السلطات بين يديه وإلغاء دور الهيئات الرقابية، للتغطية على الفشل الذريع في التعاطي مع قضايا التونسيين الحارقة، وفي مقدمتها الأزمة الاقتصادية والمالية التي تتهدد الدولة بالإفلاس والانهيار".

وأعرب "الجمهوري" عن استهجانه واستنكاره "استهداف السلطة القضائية ومحاولة ترذيلها وضرب استقلاليتها وإعاقتها عن لعب دورها في إقامة العدل وضمان علوية القانون"، مدينا "إقحام القضاء العسكري وتوظيفه لاستهداف المدنيين والمعارضين للنهج الانقلابي".

وقال الأمين العام للحزب "الجمهوري" عصام الشابي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "القضاء آخر حصن من البناء الديمقراطي يتم استهدافه اليوم من طرف سلطة 25 يوليو/ تموز، فبعد إغلاق البرلمان وإلغاء الحكومة وإغلاق الهيئات الوطنية الرقابية والتعديلية، فإن هناك اليوم شيطنة وترذيلا للقضاء وللمجلس الأعلى للقضاء"، مشيرا إلى أن الاستهداف "هو في الحقيقة للبناء الدستوري، باعتبار أن المجلس الأعلى للقضاء سلطة مستقلة، ولكن رئيس الجمهورية يهاجم يوما بعد يوم القضاء محاولا الضغط عليه".

وأوضح الشابي أن هناك "محاولة لتطويع القضاء ليكون في يد الرئيس لمهاجمة خصومه السياسيين ومعارضيه"، معتبرا أن "ما يحصل خطير، فرغم أن المجلس بصدد القيام بدوره من خلال التمسك بالبناء الدستوري، واستقلاليته ورفض تدخل السلطة التنفيذية، إلا أن هناك محاولات لتركيعه".

وأشار الشابي إلى أنه "لا بد من دعم المجلس الأعلى للقضاء والدفاع عن استقلاليته، مشددا على أن "إصلاح المنظومة القضائية مطروح، ولكن بعد الخروج من الحالة الاستثنائية، ويكون في إطار الدستور ووفق المعايير الدولية وليس وفق مشيئة الحاكم بأمره (سعيّد)".

وتابع قائلا: "هذه الأركان أساسية لكل عملية إصلاح، وما عدا ذلك فهو محاولات لاستهداف القضاء ولإخضاعه للسلطة التنفيذية، وهناك رغبة للعودة بالقضاء إلى ما قبل الثورة، حيث يخضع القضاة في قرارهم ونقلهم وتأديبهم للسلطة، أي لوزير العدل ورئيس الجمهورية"، مضيفا أنه "ضمن مسار 25 يوليو، فإن الرئيس يحاول أن يأتي على آخر مكتسبات الثورة، وبالتالي المعركة ليست معركة القضاة وحدهم، بل كل التونسيين وكل من يتمسكون بالبناء الدستوري وبالمسار الديمقراطي".

وبيّن الشابي أن الاستهداف "لم يشمل القضاة فقط بل التعددية الحزبية أيضا، والإعلام من أجل محاولة توظيفه لخدمة أجندة سياسية، وهناك استهداف للهيئة العليا المستقلة للانتخابات"، موضحاً أن رئيس الجمهورية "لم يبق هيئة ولا مؤسسة إلا واستهدفها، وهو لا يؤمن إلا برأيه، ولا يعترف بشركائه، ولا يريد الاستماع لأي نداء ولا لدعوات التعقل، ولا الحوار".

وأكد أمين عام الحزب "الجمهوري" أنه "عوض وضع حد للأزمة، فإن هناك هروبا للأمام، والأزمة السياسية تتعمق والأزمة المالية تتفاقم، والدولة مهددة بالانهيار، وللأسف، رئيس الجمهورية لا يولي أي اهتمام بالقضايا الجوهرية والأساسية، مع غياب الرؤية والتصور الواضح للإنقاذ، وكل هذه العوامل ستجبر الرئيس على إنهاء هذه المرحلة، ولكن يجب إنهاؤها بأقل التكاليف وقبل انهيار الدولة".

انتقادات للاستشارة الإلكترونية في تونس

وأمام الوضع السائد، اجتمع عدد من ممثلي الجمعيات المدنية لبحث إمكانيات العمل المشترك للمرحلة القادمة، وتنسيق المواقف المشتركة التي يمكن اعتمادها بخصوص المسار الذي اقترحه الرئيس التونسي بمناسبة خطابه يوم 13 ديسمبر/ كانون الأول الماضي.

وخلص المشاركون إلى أنّ هناك تخوفا حقيقيا على الحريات، مؤكدين أنّ الاستشارة (الاستفتاء الرسمي) التي اقترحها سعيّد لا يمكن أن تعوض حوارا عموميا وطنيا يستوجب إشراك القوى المدنية والاجتماعية والسياسية.

وأكدوا في بيان لهم، اليوم الأحد، أنّ الاستشارة بشكلها الحالي لا يمكن أن تعكس بأي حال حقيقة المواقف في تعدديتها، ولا يمكن أن تعبّر عن تطلعات كل التونسيات والتونسيين، وتشوبها إخلالات وتحمل تخوفات عديدة.

وأوضحوا أنها "لا تراعي الفجوة الرقمية، سواء من خلال النفاذ أو القدرة على التحكم، ولا تحمي المعطيات الشخصية في صورة ضرورة الاستعانة بأشخاص آخرين لملء الاستمارة، ولا تضمن عدم استخدام البيانات المخزنة لاحقا".

ولاحظوا أنها "تحرم العديد من الأشخاص الذين يستخدمون هواتف ليست بأسمائهم الشخصية (شركات، شباب) ولا تضمن نفاذ ذوي وذوات الإعاقة إليها، إضافة إلى الأميين، وغيرهم من الفئات"، مضيفين أن "الاستشارة بشكلها الحالي تبدو صورية ومجرد ذريعة لتوجيه المسار نحو خيارات محددة مسبقا من دون ضمانات منهجية واضحة، ولا تقترح حلولا وترتكز على تشخيص سطحي لمشكلات معلومة للجميع، والأسئلة موجهة بمرجعيات مسبقة، والخيارات المقترحة ضعيفة منهجيا شكلا ومضمونا".

وشددوا على أن "الاستشارة لا تركز على الخيارات الكبرى في المجالين الاقتصادي والاجتماعي، في حين أنهما المسألتان الاستراتيجيتان الرئيسيتان لرسم ملامح المستقبل"، مؤكدين "عدم وجود شفافية حول منهجية تحليل النتائج أو اللجنة المكلفة بالتقرير التأليفي وضمانات حياديتها وموضوعيتها ومهنيتها".

ومن بين الموقعين على البيان، جمعية "تفعيل الحق في الاختلاف"، و"الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية"، وجمعية "متطوعون بوعرادة"، وجمعية "مدى للمواطنة والتنمية"، و"مرصد الدفاع عن الحق في الاختلاف"، وغيرها.

"النهضة" تطالب بالتسريع في كشف ملابَسات مقتل المتظاهر رضا بوزيّان

طالبت كتلة "حركة النهضة" البرلمانية، بالإسراع في كشف ملابسات مقتل المتظاهر رضا بوزيان، وإطلاع الرأي العام على آخر مخرجات الأبحاث بشأنه.

كما حملت "النهضة" في بيان مساء الأحد، القائم بأعمال وزارة الداخلية، المسؤوليّة المباشرةَ عمّا يمكن أن تؤول إليهِ الوضعية الصحيّة لعضو مجلس نواب الشعب نور الدين البحيري.

وأكد البيان "رفض سياسة تجويع النواب والتنكيل بهم، وحرمانهم من التغطية الاجتماعية والصحية"، مشيرًا إلى وجود عديد من النواب في وضع صحي حرج.

وشدد البيان على "ضرورة الانتباه لخطورة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وما نتج عن ذلكَ من ارتفاعٍ لنسب البطالة وغلاءٍ للأسعار وفقدان للمواد الأساسيّة وضربٍ للمقدرة الشرائية للمواطنين".

وقالت "النهضة" إنها "تُبدي تفهُّما لانشغال الهيئات الأممية وعلى رأسها المفوضية السامية لحقوق الإنسان بتدهوُر المسار الديمقراطي في تونس وما نتج عنه من إلغاء للدستور واحتكار للسلطات واستهداف لمختلف الهيآت الرقابية والتعديليّة".

وحيّت "الروح النضاليّة لصمود التونسيَّات والتونسيّين في مقاومة الانقلاب"، وأعربت عن مساندتهَا للسلطة القضائية ونضالها الذي تبذلهُ لضمان استقلاليّتهَا ضد الهجمة الممنهجَة التي تتعرّض لها.