Skip to main content
تحذير أميركي من تحرك تركي: اقتراب العملية العسكرية ضد "قسد"؟
أمين العاصي ــ غازي عنتاب
سلام حسن ــ القامشلي
تعد الولايات المتحدة من أبرز الداعمين لـ"قسد" (هديل أمير/الأناضول)

فتح التحذير الأميركي من السفر إلى شمال سورية، الباب مجدداً أمام احتمال قيام الجيش التركي قريباً بعملية واسعة النطاق ضد "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، والتي لطالما اعتمدت على الطرفين الروسي والأميركي لدرء أي خطر تركي يتهددها.

تحذير أميركي من عملية تركية

وقالت القنصلية الأميركية في أربيل بإقليم كردستان العراق، أول من أمس الجمعة، إنها "تراقب تقارير موثوقة ومفتوحة المصدر، عن عمل عسكري تركي محتمل في شمال سورية وشمال العراق خلال الأيام المقبلة". وأضافت: "تواصل حكومة الولايات المتحدة تقديم النصيحة الشديدة لمواطني الولايات المتحدة لتجنب هذه المناطق".

وجاء التحذير الأميركي عقب اتهام تركيا لحزب العمال الكردستاني و"وحدات حماية الشعب" الكردية، التي تعد النواة الصلبة لـ"قسد"، بالمسؤولية عن التفجير الذي وقع في مدينة إسطنبول التركية في 13 من شهر نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، وأسفر عن سقوط ستة قتلى، وإصابة أكثر من 80 آخرين.

حذّرت واشنطن من عمل عسكري تركي في سورية أو العراق

ولطالما رفضت الولايات المتحدة قيام الجيش التركي بتوغل جديد في العمق السوري على حساب "قسد"، إلا أن تحذير القنصلية الجمعة ربما يعني حصول أنقرة على ضوء أخضر للقيام بعمليات عسكرية في الشمال السوري ضد أي هدف يمكن أن يشكل خطراً على الأمن القومي التركي.

لا استعدادات لعملية تركية ضد "قسد"

لكن مصدراً في الجيش الوطني السوري المعارض، الموالي لتركيا، أكد في حديث مع "العربي الجديد"، أنه لا توجد أي استعدادات في الشمال من قبل فصائل هذا الجيش لشنّ عملية عسكرية وشيكة على "قسد"، سواء في غربي الفرات أو شرقه، مستبعداً القيام بعمل واسع النطاق "في المدى المنظور".

ويعتمد الجيش التركي على فصائل المعارضة السورية المرتبطة به في شنّ أي عملية برّية ضد "قسد"، ويكتفي هو بالدعم والإسناد الجوي، خصوصاً من الطيران المسيّر.

وتواصل القوات التركية استهداف الوحدات الكردية في سورية. وأعلنت وزارة الدفاع التركية في بيان أمس السبت، عن "تحييد 5 إرهابيين" من "الوحدات" كانوا يستعدون لشنّ هجمات على مناطق عمليتي " نبع السلام" و"غصن الزيتون" في الشمال السوري، وفق البيان.

من جهته، رأى رياض درار، وهو الرئيس المشترك لـ"مجلس سورية الديمقراطي" (مسد)، الذراع السياسية لقوات "قسد"، أن "التحذير الأميركي يعني إشارة إلى أن مكان الخطر مساحة واسعة (العراق وسورية)"، مضيفاً أنه "لا يمكن للجيش التركي دخول هذه المناطق بشكل موسع واحد".

واعتبر درار، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "أشكال التدخل التركي هذه المرة قد تكون مختلفة من خلال القصف المدفعي أو ضربات جوية"، مضيفاً أن "التدخل العسكري البرّي ليس بالسهولة بمكان في شمال سورية، لأنه لا يوجد ضوء أخضر روسي وأميركي".

وأشار الرئيس المشترك لـ"مسد"، إلى أن الأتراك "لا يمكنهم التدخل في عين العرب أو منبج بسبب وجود أميركي وفرنسي وبريطاني وروسي"، مضيفاً: "في منطقة رأس العين (شرق الفرات) هناك اتفاق لوقف إطلاق النار بين أنقرة وواشنطن، ولا أعتقد أن الأتراك سيتجاوزونه".

واستبعد درار "حصول عملية تركية واسعة في شمال سورية". وقال: "ربما يكون هناك تدخل جزئي للتعويض عن التصعيد الكبير الذي حصل بعد عملية تفجير إسطنبول"، معرباً عن اعتقاده بأن "هذا التفجير يكاد يكون لعبة استخبارية لإعادة تدوير مسألة التدخّل في الشمال السوري والحصول على موافقة على هذا التدخل من الطرف الأميركي"، بحسب رأيه.

المتحدث باسم "قسد": جاهزون لمقاومة أي تقدم للقوات التركية

وفي السياق، أكد المتحدث باسم قوات "قسد"، آرام حنا، لـ"العربي الجديد"، أن هذه القوات "جاهزة لمقاومة أي تقدم لقوات الاحتلال التركي على طول خطوط التماس". وأكد أن القوات الأميركية في منطقة شرقي نهر الفرات "ملتزمة بمهامها ضمن مواقع انتشارها الحالية من دون أي تغييرات حتى اللحظة"، مشدداً على أن "التحالف الدولي لا يمكن أن يسمح باحتلال المزيد من الأراضي السورية".

حسابات تركية للعملية العسكرية

وتعد الولايات المتحدة التي تحتفظ بوجود في الشمال الشرقي من سورية، من أبرز الداعمين لـ"قسد"، التي كانت بمثابة الذراع البرّية للتحالف الدولي ضد "داعش". وتجد "قسد" نفسها بين فترة وأخرى في مواجهة التهديد التركي، فهي بنظر أنقرة تشكل خطراً على الأمن القومي التركي، كونها مرتبطة بحزب العمال الكردستاني المصنف إرهابياً لدى العديد من دول العالم.

وتلجأ هذه القوات إلى الجانبين الروسي والأميركي لدرء الخطر التركي عنها، لكن تفجير إسطنبول فجّر غضب أنقرة التي قالت على لسان وزير خارجيتها مولود جاووش أوغلو، أول من أمس الجمعة، إن العمليات العسكرية التركية ستستمر في سورية والعراق ولن تتوقف. وأضاف الوزير التركي، في تصريحات صحافية: "ستستمر ضربات قواتنا وعملياتنا الخاصة التي تنفذها القوات المسلحة وأجهزة الاستخبارات، ضد قيادات حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب في شرق سورية، وشمال العراق".

لكن المحلل السياسي التركي هشام جوناي، استبعد في حديث مع "العربي الجديد"، عملية عسكرية تركية وشيكة في الشمال السوري، مضيفاً أن الجيش التركي "ربما يقوم بقصف معسكرات أو مواقع لحزب العمال أو قوات قسد في شمال سورية وشمال العراق".

وأعرب جوناي عن اعتقاده بأن "الجيش التركي لن يدخل الأراضي السورية بسبب الوجود الأميركي، فضلاً عن حسابات الانتخابات التركية المقبلة (في يونيو/حزيران المقبل)"، مشدّداً على أن "عملية واسعة النطاق صعبة في الشمال السوري".

وكان الجيش التركي وفصائل المعارضة السورية التابعة له على وشك القيام بعملية واسعة النطاق في الشمال السوري أواخر العام الماضي ومنتصف العام الحالي، بعد مقتل وإصابة جنود أتراك بقصف من مناطق تسيطر عليها "قسد". ولكن أنقرة جُوبهت برفض روسي - أميركي لأي تغيير في خريطة السيطرة في الشمال السوري لصالحها، وهو ما أدى إلى تجميد المسعى التركي في دفع "قسد" أكثر عن حدودها الجنوبية.

وكان الجيش التركي قد شنّ 3 عمليات واسعة النطاق في شمال سورية. العملية الأولى كانت ضد "داعش"، وبدأت في منتصف 2016 وانتهت مطلع عام 2017 بالسيطرة على مجمل ريفي حلب الشمالي والشمالي الشرقي.

والعملية الثانية كانت في مطلع عام 2018 ضد الوحدات الكردية في منطقة عفرين، في ريف حلب الشمالي الغربي، وانتهت بطرد هذه الوحدات من المنطقة التي باتت تحت النفوذ التركي. وحصلت العملية الثالثة في أكتوبر/تشرين الأول 2019 ضد "قسد"، والتي انتهت سريعاً مع سيطرة الأتراك على شريط حدودي في شرق الفرات، بطول مائة كيلومتر وعمق 33 كيلومتراً.