استمع إلى الملخص
- الإفادة قُدمت للمحكمة العليا في سياق قرار إقالة بار، الذي جُمد مؤقتًا، مما ينذر بأزمة داخلية جديدة في إسرائيل.
- وصفت الصحافة الإسرائيلية الإفادة بأنها "مزلزلة"، ودعت حركات احتجاجية إلى كشفها للجمهور، معتبرة أن نتنياهو يمثل خطرًا على الديمقراطية.
تشغل إفادة رونين بار، رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك)، ضد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الرأي العام الإسرائيلي، وسط تحذيرات من خطورة المعلومات المعلنة التي تحويها، فضلاً عن السرّية، واعتبارها لائحة اتهام صريحة بحق نتنياهو. وذهب البعض لوصفها بـ"المخيفة"، فيما هاجم آخرون بار ودافعوا عن نتنياهو، الذي اتهم من جهته رئيس "الشاباك" بالكذب والتضليل. وتنذر هذه القضية بأزمة داخلية إسرائيلية جديدة قابلة للتصاعد أكثر.
وأمس الاثنين، قدّم بار إلى المحكمة العليا (أعلى سلطة قضائية)، إفادة مكتوبة رداً على قرار إقالته الذي اتخذته الحكومة الشهر الماضي، وجمّدت المحكمة تنفيذه. وفي 20 مارس/ آذار الماضي، صدقت الحكومة الإسرائيلية على إقالة رئيس "الشاباك"، على أن يدخل القرار حيز التنفيذ في العاشر من إبريل/ نيسان الجاري. لكن المحكمة العليا جمّدت في 21 مارس قرار الحكومة إقالة بار لحين النظر في التماسات قُدِّمت إليها ضد إقالته من المعارضة. كما أصدرت المحكمة الشهر الجاري، أمراً مؤقتاً يمنع الحكومة من إقالة بار، أو الإعلان عن إيجاد بديل له، أو إصدار تعليمات للمسؤولين الخاضعين لسلطته، وذلك بعد بحث التماسات قدّمتها المعارضة ضد إقالته.
واستعرض بار في الجزء المعلن من الإفادة، الأسباب التي تقف وراء إقالته، وسبب خلافاته مع الحكومة ورئيسها، ومن بينها أنّ نتنياهو طلب منه الانصياع له وليس للمحكمة في حال حدوث أزمة دستورية، وعقد اجتماعات بدون توثيق، وقمع الاحتجاجات ضد الحكومة، كما حاول إجباره على تقديم رأي قانوني يفيد بأنّ نتنياهو لا يستطيع الإدلاء بشهادته في قضايا الفساد المتهم بها، فضلاً عن اعتبار بار أنّ إبعاده عن فريق التفاوض الإسرائيلي أضرّ باحتمالات التوصل إلى صفقة مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تعيد المحتجزين الإسرائيليين في غزة.
ووصف الكاتب والصحافي في صحيفة يديعوت أحرونوت ناحوم برنيع إفادة بار، أمس الاثنين، بأنها "وثيقة غير مسبوقة في تاريخ الدولة منذ 77 عاماً"، و"مزلزلة"، فيما اعتبر يوسي فيرتر في صحيفة هآرتس أنّ إفادة بار تؤكد أنّ نتنياهو "يمثل خطراً فورياً على الديمقراطية والإجراءات الرسمية، وعلى معايير النزاهة والإنصاف، وعلى الصهيونية"، معتبراً أنّ على رؤساء المحكمة العليا أن يأمروا بإجراء تحقيق جنائي.
وذكر الصحافي والكاتب بن درور يميني في "يديعوت أحرونوت" أنّ احتمالات كذب بار "قريبة من الصفر"، لافتاً إلى تصريحات رؤساء سابقين لـ"الشاباك" بأن ثمة أموراً مشابهة حصلت معهم أيضاً. وتجاوز نتنياهو جميع الخطوط الحمر، برأي الكاتب، في ظل حرصه على مصالحه والمقربين منه، غير مكترث للمصالح القومية. وأشار يميني إلى أنّ جميع رؤساء الأذرع الأمنية تحمّلوا المسؤولية عن أحداث السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ويطالبون بلجنة تحقيق رسمية، فيما الشخص الوحيد الذي يعارض التحقيق ويتنصل من تحمّل المسؤولية هو رئيس الحكومة، ما يعزز الثقة برؤساء الأجهزة الأمنية أكثر من نتنياهو.
وتساءل الكاتب "ما الذي يجب أن يحدث أكثر من ذلك لكي يتركنا نتنياهو ومن أجل انطلاق إسرائيل نحو مستقبل أفضل؟"، معتبراً أنّ "إفادة رئيس الشباك هي زلزال، وإن كانت لدى نتنياهو ذرة صغيرة من الحرص على إسرائيل، فعليه عدم انتظار حدوث احتجاجات ولا تشكيل لجنة تحقيق، ولا قرار من المحكمة العليا، وإنما عليه النهوض والذهاب". وتعتبر العديد من الآراء الإسرائيلية أنّ "نتنياهو يدفع نحو تآكل المؤسسة الديمقراطية، هذا عدا عن أنّ الإفادة السرية لبار قد تحمل معلومات أخطر من تلك التي يُسمح بنشرها للجمهور".
وبرر نتنياهو قرار إقالة بار بـ"انعدام الثقة" فيه، وذلك ضمن تداعيات أحداث السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، بينما لمّح بار إلى وجود دوافع سياسية وراء قرار رئيس الحكومة، وأن سبب ذلك هو رفض بار تلبية مطالب نتنياهو بـ"الولاء الشخصي".
ودعت حركة جودة الحكم، التي كانت من بين مقدّمي الالتماسات ضد إقالة بار، إلى "كشف الإفادات الكاملة للجمهور"، مدعية أنّ "إفادة رئيس الشاباك تُظهر أنّ نتنياهو غير مؤهل". واعتبرت حركات احتجاج أنّ نتنياهو يتصرّف كديكتاتور، وأنّ إفادة رئيس "الشاباك" هي "اتهام خطير ضد نتنياهو يظهر تضارب مصالح حاد في تصرفاته". واعتبرت حركة "آلة الحقيقة"، وهي إحدى الجهات التي قدّمت التماساً ضد إقالة بار، أنّ إفادة الأخير "تثبت بشكل نهائي أنّ الإقالة تمّت لتعيين رئيس شاباك كتعيين شخصي يسمح بالسيطرة الكاملة لرئيس الوزراء على جهاز الأمن السرّي".
كما هاجمت منظمة "إخوة في السلاح" نتنياهو، وقالت إنّ "استخدام خدمات الأمن ضد المواطنين لم يعد مجرد علامة على الديكتاتورية، بل هو تصرف ديكتاتوري واضح". الخبير القانون المحامي غاي شنعار كتب في صحيفة معاريف قائلاً إنّ "الدراما القانونية التي تدور الآن في المحكمة العليا، إثر الإفادة التي قدّمها رئيس الشاباك رونين بار، تمثل ذروة المواجهة المباشرة والحتمية بين أمن الدولة ومسألة مصداقية القيادة السياسية على أعلى مستوى".