استمع إلى الملخص
- أوكل تبون لوزير الخارجية إدارة الأزمة مع فرنسا، مشيرًا إلى توتر العلاقات بسبب اعتراف فرنسا بالمبادرة المغربية في الصحراء الغربية، وأشاد بتطور العلاقات الاقتصادية مع إيطاليا وعودة العلاقات الطبيعية مع إسبانيا.
- تناول تبون العلاقات مع مالي وأهمية الدور الجزائري، وأكد على القمة الثلاثية المرتقبة في طرابلس لتعزيز التعاون في المغرب العربي دون إقصاء أي دولة.
أكد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون رفض الجزائر المشاركة في اجتماعات "جزئية" تدعو إليها أطراف عربية لصياغة قرارات أو ترتيبات تخص القضية الفلسطينية. وأضاف: "نرفض أن يكون وجود الجزائر في القمم العربية للتزكية فقط"، كما أعلن عن تكليف وزير الخارجية أحمد عطاف بإدارة ملف الأزمة مع فرنسا.
وقال الرئيس تبون في حوار تلفزيوني، بُث ليلة السبت - الأحد، إن "الاجتماعات السرية ليست سوقنا (أسلوبنا)، ولا نشارك فيها. إما أن نجتمع ونقرر في العلن وإلا فكل دولة تتحمل مسؤوليتها"، مضيفاً: "أنا لم أفهم هذه الاجتماعات الجزئية، أنا لا أشارك في اجتماعات فقط لأختم وأصادق على ما لم يكن محل اتفاق وتفاهم"، مشدداً على أن "كل ما يحاك هنا وهناك لفرض أجندات تخص القضية الفلسطينية لا يعنينا (لن نكون طرفاً فيه)". وكان الرئيس الجزائري قرر عدم المشاركة شخصياً في القمة العربية الطارئة التي استضافتها مصر في 4 مارس/آذار الجاري، بسبب ما وصفته الرئاسة الجزائرية بـ"الاختلالات والنقائص التي شابت المسار التحضيري لهذه القمة، حيث تم احتكار هذا المسار من قبل مجموعة محدودة وضيقة من الدول العربية التي استأثرت وحدها بإعداد مخرجات القمة دون أدنى تنسيق مع بقية الدول العربية المعنية كلها بالقضية الفلسطينية".
وانتقد تبون آليات عمل الجامعة العربية وعجزها عن اتخاذ مواقف جدية تخدم المصالح العربية، وقال: "أفضل عدم التعليق على عمل الجامعة العربية لتجنب زيادة الشرخ"، مضيفاً: "منذ السبعينيات والجزائر تطالب بإصلاح الجامعة العربية، هذه الهيئة تأسست بعد الحرب العالمية الثانية، كل الهيئات الأممية والإقليمية تجددت آليات عملها باستثناء الجامعة العربية التي لم تتغير آليات عملها"، مشيراً إلى أن "الجزائر لم تتأخر في الدفاع عن القضية الفلسطينية والجميع يشهد بذلك".
الأزمة بين الجزائر وفرنسا
وعند سؤاله عن الأزمة السياسية بين الجزائر وفرنسا، قال تبون: "أوكلت لوزير الخارجية (أحمد عطاف) حل المسائل الخلافية مع فرنسا، ومنحت ثقتي الكاملة لوزير الخارجية للتعاطي مع ملف العلاقة مع فرنسا"، مضيفاً: "بعض المسائل الخلافية مع فرنسا جرت فبركتها عن عمد. بالنسبة لنا، لدينا محدد واحد للعلاقة مع فرنسا هو الرئيس (إيمانويل) ماكرون أو من يوكله وكل المشاكل تعالج معه"، وأشار إلى أن "العلاقة مع الرئيس الفرنسي فيها فترات عادية وفترات فتور وهذه هي طبيعة العلاقات"، مشدداً على أنه "لا أحد يمكنه المساس بالجالية الجزائرية في فرنسا، نحن هنا لحمايتهم طالما يحترمون قوانين الدولة التي يعيشون فيها".
وتشهد العلاقات بين الجزائر وباريس أزمة سياسية ودبلوماسية غير مسبوقة منذ رفض تبون زيارة باريس في يناير/كانون الثاني 2023 ثم في مايو/أيار من نفس العام، وتفاقمت الأزمة إلى حدود القطيعة السياسية بعد يوليو/تموز 2024 في أعقاب إعلان باريس الاعتراف بالمبادرة المغربية للحكم الذاتي في منطقة الصحراء المتنازع عليها، تلتها قضية توقيف الجزائر للكاتب الفرانكوجزائري بوعلام صنصال ورفض الجزائر التعاون مع باريس في قبول ترحيل رعايا جزائريين ترفض فرنسا وجودهم على أراضيها.
وفي المقابل، أشاد تبون بعلاقات بلاده مع إيطاليا وتطور العلاقات الاقتصادية بين الجزائر وروما، كما أشار إلى عودة للعلاقات الطبيعية مع إسبانيا، وقال: "كانت هناك فترة فتور وتجاوزنا هذه المرحلة، سفيرنا عاد إلى مدريد وعادت العلاقات بين البلدين، وجزء من الأغنام التي قررنا توريدها (مليون أضحية) سيتُورَّد من إسبانيا"، كما أشاد تبون بعلاقات بلاده مع كل من ألمانيا وسلوفينيا والتشيك وصربيا ومع الجمهوريات السابقة للاتحاد السوفييتي.
وبشأن الأزمة السابقة مع الجارة الجنوبية مالي، لمح تبون إلى بداية تفهم الماليين أهميةَ العلاقة والدور الجزائري، وقال: "بالنسبة للأشقاء في مالي، الجزائر لا تريد أن تفرض أية خيارات على مالي، إخوتنا في مالي يعرفون اليوم أننا لسنا مجرد جيران بل أشقاء، ويدركون أننا لم نسع في يوم ما لفرض إملاءات. وهناك طرف ثالث يعمل على تسميم علاقاتنا مع جيراننا في الجنوب ويبث الاشاعات"، وكانت تصريحات للسفير المالي الجديد في الجزائر محمد أماغا دولو، عقب لقائه قبل أيام مع تبون، عززت اتجاه المصالحة بين البلدين، إذ قال إن "مالي والجزائر دولتان شقيقتان يجمعهما التاريخ والجغرافيا. نحن نتقاسم معاً مصيراً مشتركاً في مجالات السلم والأمن والتنمية".
وبشأن القمة الثلاثية التي تُعقد قريباً في العاصمة الليبية طرابلس بين قادة الجزائر وتونس وليبيا، قال تبون: "اللقاء التشاوري بين الجزائر وتونس وليبيا هدفه لم الشمل في منطقة المغرب العربي، وهذا اللقاء التشاوري ليس إقصاءً لأي دولة. كل المناطق نظمت نفسها إلا منطقة المغرب العربي بقيت من دون تنظيم، ولذلك نحاول أن يكون هذا الإطار الثلاثي للتنسيق والتشاور في منطقتنا" مضيفاً: "علاقاتنا مع موريتانيا جيدة ومستمرة، لا نريد إقصاء أي دولة". وحول العلاقات مع واشنطن في ظل إدارة دونالد ترامب، قال تبون: "لدينا علاقات جيدة مع واشنطن، وهي تتطور بشكل جيد، استقبلت ثلاث مرات قائد أفريكوم ، لكن هذه العلاقات لا تؤثر على علاقاتنا مع روسيا أو مع الصين أو غيرها".