تبدي إسرائيل قلقاً متعاظماً من تداعيات الهجمات التي تستهدف سفنها في البحر الأحمر، بحر العرب، والمحيط الهندي، على مستقبل تجارتها الخارجية وخطوط الإمداد الحيوية التي يعتمد عليها اقتصادها ومجتمعها.
وأشار معلق الشؤون الاستخبارية في صحيفة "هآرتس" يوسي ميلمان، إلى أن الهجمات التي تستهدف السفن التي يملكها رجال الأعمال الإسرائيليون، والتي تنفذها إيران بشكل مباشر والحوثيون، تهدد التجارة الخارجية لإسرائيل، لافتاً إلى أن تل أبيب تؤمّن 99% من البضائع التي تحتاجها عبر النقل البحري.
وفي تحليل نشرته الصحيفة في عددها الصادر اليوم الأربعاء، لفت ميلمان إلى أن الحرب التي تخوضها إيران والحوثيون ضد السفن الإسرائيلية، تتمثل في اختطاف بعض السفن التي يملكها رجال أعمال إسرائيليون، أو مهاجمتها بطائرات مسيّرة انتحارية، كما عكس ذلك استهداف سفينة يملكها رجل الأعمال عيدان عوفر والتي هوجمت قبل ثلاثة أيام بمسيّرة انتحارية من طراز "شاهد 136"، وهو نفس الطراز من المسيّرات الذي تستخدمه روسيا في شنّ هجمات في أوكرانيا.
وأوضح أن إسرائيل مترددة إزاء كيفية الرد على الهجمات التي تتعرض لها سفنها، لا سيما في ظل إدراكها أن هذه الهجمات تندرج في إطار تحرك إيراني لمحاولة فتح جبهة قتال ثالثة، بالإضافة إلى جبهتي غزة ولبنان.
وبحسب ميلمان، هناك تباين داخل دوائر صنع القرار في إسرائيل إزاء آليات الرد على هذه الهجمات. وأوضح أنه في وقت يرى بعض المسؤولين في تل أبيب أنه يتوجب عدم غض الطرف والردّ على هذه الهجمات، فإن معظم المسؤولين الإسرائيليين يرون أنه يتوجب التعاطي مع هذه الهجمات على أساس أنها تحدٍّ دولي، وأنه يتوجب على إسرائيل عدم التصدي له لوحدها.
وبحسب مصدر عسكري إسرائيلي تحدث إليه ميلمان، فإنه تتوجب الاستفادة من المخاوف الدولية من أن تفضي الهجمات على السفن التجارية إلى ارتفاع رسوم التأمين عليها، مما سيقود إلى ارتفاع الأسعار على مستوى العالم، وسيحفز المزيد من الدول على التدخل لوقف هذه الهجمات.
وأشار إلى أن الحكومة الإسرائيلية أجرت بالفعل مداولات سرية حول سبل التعاطي مع الهجمات التي ينفذها الحوثيون ضد السفن، وإطلاقهم الصواريخ الموجهة والطائرات المسيّرة على "إيلات"، لافتاً إلى أن وزيرة المواصلات الإسرائيلية الليكودية ميري ريغيف كشفت عن إجراء "مداولات طوارئ لمناقشة سبل وضع حلول لهذه التحديات".
ونقل ميلمان عن قائد سلاح البحرية الإسرائيلي السابق أليعازر ماروم قوله إن "إسرائيل تخوض حرباً بحرية"، مستدركاً بالقول: "على الرغم من أن سلاح البحرية الإسرائيلي يحوز قدرات تمكنه من تأمين السفن التجارية الإسرائيلية لوقت طويل، إلا أنه يتوجب التعامل مع هذه الظاهرة كمشكلة عالمية، مما يستدعي تدخل المجتمع الدولي، وتحديداً الولايات المتحدة".
وذكر ميلمان أن الهجمات التي تتعرض لها السفن التي تعود ملكيتها لرجال أعمال إسرائيليين، تمتد على مساحات واسعة من المحيط الهندي، وبحر العرب، وخليج عمان، ومضيق باب المندب، والبحر الأحمر، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وإسرائيل تشكان في أن إيران والحوثيين يوظفون قراصنة صوماليين في تنفيذ هجمات ضد السفن، كما حدث لسفينة تعود ملكيتها لعائلة عوفر هوجمت قبل ثلاثة أيام بالقرب من جزيرة سقطرى اليمنية.
ووفق ضابط كبير سابق في سلاح البحرية الإسرائيلية تحدث إليه ميلمان، فإن الهجمات التي شنّتها إيران قبل خمس سنوات ضد سفن تعود ملكيتها لرجال أعمال إسرائيليين جاءت رداً على هجمات تعرضت لها سفن إيرانية، ونسبت المسؤولية عنها إلى إسرائيل.
وأعاد ميلمان إلى الأذهان حقيقة أن إسرائيل شنّت، في الفترة الفاصلة بين عامي 2016 و2018، هجمات ضد سفن إيرانية كانت تنقل النفط إلى سورية، دون أن تعلن مسؤوليتها عنها، حيث كان هدف هذه الهجمات منع إيران من تجاوز العقوبات المفروضة عليها، وفي الوقت ذاته المسّ بالقدرات الاقتصادية لنظام بشار الأسد، الذي كان يمنح "حزب الله" جزءاً من عوائد بيع النفط، كما زعم المعلق الإسرائيلي.
وأبرز أن تقارير أجنبية كشفت عن أن إسرائيل أغرقت في 2021 سفينة مدنية إيرانية يطلق عليها "سابيز" في البحر الأحمر، من منطلق أن الإيرانيين أجروا عليها تعديلات لتصبح مركز تجسس بحرياً، ومركز رقابة وتحكم، يعود إلى الحرس الجمهوري الإيراني.