بين تحذيرين اثنين!

بين تحذيرين اثنين!

17 يوليو 2021
يتصاعد الغضب الشعبي ضد السلطة الفلسطينية (عباس مومني/فرانس برس)
+ الخط -

لا شيء يعكس حالة السلطة الفلسطينية في رام الله وتراجع التأييد لها وشرعيتها مثل تحذيرين اثنين صدرا أخيراً، كل بلهجة مختلفة عن الأخرى، وموجّه لجمهور آخر، لكن التحذيرين يؤكدان تراجع شعبية السلطة الوطنية الفلسطينية وتعاظم عدم الرضا عنها في أقل تعبير.

التحذير الأول صدر بلهجة الوعيد على لسان نائب رئيس حركة "فتح" محمود العالول، السبت الماضي، في سياق رد الحركة والسلطة على تظاهرات الغضب والاحتجاج على مقتل الناشط الفلسطيني المعارض نزار بنات. العالول حذر في كلمته المعارضين للسلطة الفلسطينية قائلاً: "لا تستفزوا فتح لأنها إذا تعرضت للاستفزاز فلن ترحم أحداً".

أما التحذير الثاني فنقله هذا الأسبوع، مسؤول الملف الفلسطيني ـ الإسرائيلي في الخارجية الأميركية، هادي عمر، الذي زار إسرائيل ورام الله، وعاد من رام الله يحمل لمن التقاهم من الخارجية الإسرائيلية ومنسق أنشطة الاحتلال، مطالب فلسطينية من حكومة الاحتلال لاتخاذ خطوات لتعزيز مكانة السلطة الفلسطينية وتحسين الأوضاع الاقتصادية لأن عدم ذلك ينذر بخطر انهيار السلطة الفلسطينية.

التحذيران يعكسان حالة بؤس السلطة الفلسطينية القابضة على منظمة التحرير، سواء بفعل خطاب الوعيد للمعارضة والتلويح بالقوة والقمع (الممارس أصلاً بشكل دائم عبر التنسيق الأمني وخارج نطاق هذا التنسيق) وتحوّل لهجة التحذير إلى شبه استجداء لحكومة الاحتلال لتعزيز مكانة السلطة كي لا يداهمها خطر الانهيار وبالتالي عدم الاستقرار، وإرفاق ذلك بسلسلة مطالب فلسطينية للعودة لأي شكل من أشكال الاتصالات والحوار مع أعتى الحكومات الإسرائيلية، على الرغم من إعلان وزير خارجية حكومة الاحتلال يئير لبيد أنه لا مجال في الظروف الحالية لتطبيق حل الدولتين.

كل هذا يزيد من حالة الغضب الفلسطيني، لكن من المهم الانتباه إلى أن تحذيرات هادي عمر تعكس أيضاً لأول مرة ربما اعترافاً من قيادة السلطة بتراجع شعبيتها، لكنها بدلاً من محاسبة النفس، خصوصاً بعد وأد خيار الانتخابات، تلوّح بالعصا لشعبها، من جهة، وترجو حكومة الاحتلال مساعدتها عملياً على البقاء كي لا تنهار، من جهة ثانية. تؤكد حالة البؤس هذه أن الرهان على التنسيق الأمني والدعم الأميركي والإسرائيلي لتفادي الانهيار، لن يكون مصيره النجاح إلا إذا جاء على رؤوس الفلسطينيين أنفسهم وتوحش السلطة في قمع معارضيها، وكل من تسوّل له نفسه الاعتراض على عمليات السحل والاعتقال والضرب وحتى القتل، كما في حالة نزار بنات.

المساهمون