بين العبث القانوني وتأسيس الاستبداد

30 مارس 2025   |  آخر تحديث: 01:15 (توقيت القدس)
الشيباني في دمشق، 25 فبراير 2025 (علي حج سليمان/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تشكيل الأمانة العامة للشؤون السياسية في سوريا يثير القلق: القرار رقم 53 يعكس توجهات الإدارة الجديدة نحو تأسيس منظومة استبداد جديدة، مشابهة لنظام الأسد السابق، من خلال الإشراف على النشاطات السياسية وصياغة السياسات العامة.

- إعادة توظيف أصول حزب البعث: القرار يشير إلى نية إنشاء حزب سياسي جديد يستغل أصول حزب البعث وأحزاب الجبهة الوطنية، مما يعيد المنظمات والنقابات تحت سيطرة السلطة الجديدة.

- تجاوز الصلاحيات القانونية: القرار يتجاوز صلاحيات وزير الخارجية المنصوص عليها في القانون السوري، مما يثير مخاوف من تجاوز القوانين في المرحلة المقبلة.

أعطى القرار رقم 53 الذي صدر يوم الخميس الماضي عن وزير الخارجية والمغتربين السوري أسعد الشيباني، القاضي بتشكيل الأمانة العامة للشؤون السياسية، مؤشراً سلبياً على الطريقة التي ستدير بها الإدارة الجديدة في سورية المرحلة الانتقالية، سواء لناحية عدم الالتزام بالإعلان الدستوري والقوانين التي وضعتها الإدارة نفسها، أو لناحية التأسيس لمنظومة استبداد جديدة تستنسخ في جزء منها منظومة استبداد آل الأسد السابقة. فالقرار 53 الذي قضى باستحداث الأمانة العامة للشؤون السياسية، حدد أولى مهام هذه الهيئة بتولي الإشراف على إدارة النشاطات والفعاليات السياسية داخل سورية، وتنظيمها وفقاً للوائح والقوانين الناظمة، إضافة إلى المشاركة في صياغة ورسم السياسات والخطط العامة المتعلقة بالشأن السياسي. وهذه المهمة تتماهى إلى حد بعيد مع الدور الذي كان يقوم به حزب البعث لناحية التحكّم والإشراف على الحركة السياسية في سورية، خصوصاً إذا ما صحت معلومة تفيد بأن الهيئة السياسية نفسها بصدد إنشاء حزب سياسي يمثّل السلطة الحالية ويجمع النواة الصلبة لهيئة تحرير الشام التي حُلّت.

كما أن المصيبة الكبرى تكمن في البند الثاني في القرار الذي أوكل إلى الهيئة "أو الحزب المزمع إنشاؤه" مهمة العمل على إعادة توظيف أصول حزب البعث العربي الاشتراكي، وأحزاب الجبهة الوطنية التقدمية وما يتبع لها من منظمات ولجان منحلة، بما يخدم المهام والمسؤوليات السياسية والوطنية. الأمر الذي يعني أن المنظمات والنقابات التي كانت تتبع لحزب البعث وأحزاب الجبهة والتي كان ينتظر السوريون تحررها من سلطة الحكومة وأن تكون مهمتها نشر ثقافة العمل المدني والدفاع عن حقوق منتسبيها أمام الحكومة، ستعود مجدداً لتكون تحت عباءة السلطة الجديدة، لأن الموضوع هنا لا يقتصر على إعادة توظيف الأصول المادية لتلك المنظمات، إذ تم فعلياً إنشاء مكتب خاص بالرقابة على المنظمات والنقابات ضمن الهيئة السياسية هو من يقرر من سيقود تلك المنظمات وكيف.

واللافت في قرار وزير الخارجية أنه خارج صلاحياته المنصوص عنها بالقانون السوري، والتي أقرها الإعلان الدستوري، والذي يحدد صلاحيات وزير الخارجية بالإشراف على الشؤون الخارجية، ولم يعتمد على أي سند قانوني يمنحه صلاحية الإشراف على النشاطات السياسية داخل البلاد، أو إدارة أي أصول مادية تابعة لجهات أخرى، الأمر الذي يشي بأن موضوع تجاوز القوانين والعبث بها قد يكون إحدى سنن المرحلة المقبلة.

المساهمون