استمع إلى الملخص
- تناول التحديات الأمنية، مشيراً إلى الانقسامات الإقليمية والصراعات في شمال شرق سوريا، وضرورة الحوار بين السلطات وقوات سوريا الديمقراطية، محذراً من تهديدات داعش والجريمة.
- شدد على الحاجة لدعم دولي للاستقرار الاقتصادي ورفع العقوبات، مع التأكيد على توفير التمويل للعمليات الإنسانية، ودعا إلى منع سوريا من أن تصبح ملاذاً للإرهاب.
أكد مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى سورية غير بيدرسون أن "سلطات تصريف الأعمال في سورية تعهدت بأن تكون سورية الجديدة شاملة لجميع السوريين، ومبنية على أسس ذات مصداقية، وفقاً لخريطة طريق تتعلق بالحكم والدستور والانتخابات". وأشار إلى أن "موقف السلطات السورية يتقاطع مع المبادئ الأساسية لقرار مجلس الأمن رقم 2254، لكنه شدد على أن "التنفيذ الفعلي سيكون مفتاح النجاح". وجاء ذلك خلال إحاطته في اجتماع دوري لمجلس الأمن الدولي في نيويورك حول الملف السوري، حيث استعرض نتائج اجتماعاته مع مختلف أطياف المجتمع السوري، مؤكداً أهمية نجاح العملية الانتقالية السياسية.
وفي الوقت نفسه، أعرب بيدرسون عن مخاوفه بشأن غياب سيادة القانون ووجود نقص في إطار دستوري للتعليمات والقرارات السياسية، بالإضافة إلى غياب الاتصالات المنهجية والشفافية. كما أشار إلى تعبير البعض عن مخاوفهم "بسبب اتخاذ سلطات تصريف الأعمال قرارات تتعلق بإعادة هيكلة المؤسسات، مما قد يؤثر على بعض الجماعات". ولفت إلى أن "العديد من الذين التقى بهم، من رجال ونساء، عبروا عن قلقهم إزاء التقارير التي تتحدث عن ممارسات تمييزية ضد النساء، وعن تزايد الضغوط الاجتماعية عليهن في عدد من المجالات". كما أكد أن السوريات "لا يردن الحماية فقط، بل أيضاً المشاركة الهادفة في صنع القرار والتعيينات في المناصب الرئيسية، بناءً على مؤهلاتهن".
تحديات أمنية وتعقيدات سياسية
وفي ما يتعلق بالوضع الأمني، أشار بيدرسون إلى أن الجهود الحالية نحو الانتقال السياسي "تجري في ظل حالة انقسام إقليمي وصراع ساخن في شمال شرق سورية، وهو أمر يثير قلقاً كبيراً". ولفت إلى أنه "لا تزال هناك أعمال عدائية يومية على الخطوط الأمامية تؤثر على المدنيين والبنية التحتية المدنية، بالإضافة إلى تبادل القصف المدفعي والغارات الجوية، وتزايد السيارات المفخخة في المناطق السكنية، مما أدى إلى سقوط ضحايا من المدنيين".
ورحب المبعوث الأممي بالحوار بين السلطات الجديدة في دمشق وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، رغم عدم ظهور أي تقدم حتى الآن. وأضاف: "أشجع بشدة الولايات المتحدة وتركيا والشركاء الإقليميين والسوريين على العمل معًا من أجل إيجاد حلول حقيقية تعزز السلام والاستقرار في شمال شرق سورية". كما أشار إلى تعقيدات أمنية إضافية، بما في ذلك "التهديد المستمر لوجود داعش، ومناطق الفراغ الأمني، وارتفاع الجريمة في بعض المناطق". وتوقف كذلك عند "تعبير العديد من السوريين عن مخاوف جدية بشأن إدراج المقاتلين الأجانب في رتب عليا في القوات المسلحة الجديدة، فضلاً عن الأفراد المرتبطين بالانتهاكات".
انتهاكات إسرائيلية في الجولان
وأشار المسؤول الأممي إلى تقارير من قوات الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك (اندوف) تفيد بأن الجيش الإسرائيلي "أقام مواقع متعددة في منطقة الفصل، مما يعد انتهاكاً لاتفاقية فك الارتباط بين القوات لعام 1974". وأضاف: "أناشد المجلس دفع إسرائيل للوفاء بالتزاماتها المتعلقة بوجودها المؤقت. وأشدد على ضرورة انسحابها، وأن تعمل الأمم المتحدة مع إسرائيل وسلطات تصريف الأعمال لتحقيق هذا الهدف".
الوضع الاقتصادي وإعادة الإعمار
على الصعيد الاقتصادي، شدّد بيدرسون على الحاجة الملحة لمساعدة المجتمع الدولي لضمان الاستقرار الاقتصادي في البلاد، خاصة في ما يتعلق بتحريك عملية رفع العقوبات. وأشار إلى أن التحديات الاقتصادية تتزايد بسرعة، بما في ذلك الخفض المفاجئ لمساهمات دول مانحة في المساعدات الإنسانية. وقال بيدرسون: "سيقيس السوريون النجاح من خلال مؤشرات مثل الكهرباء، وأسعار المواد الغذائية، ومستويات التوظيف. ويتعين على الدول التي تفرض العقوبات اتخاذ خطوات ذات مغزى نحو تخفيفها، خاصة في القطاعات الحيوية مثل الطاقة، والاستثمارات، والتمويل، بما في ذلك البنك المركزي".
من جهتها، أكدت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، جوي ميسويا، أن خفض التمويل للعمليات الإنسانية ينعكس بشكل كبير على قدرة الأمم المتحدة لتوسيع نطاق عملها. وأضافت أن "عشرات المرافق الصحية تواجه خطر الإغلاق، كما تم تعليق خدمات المياه والصرف الصحي في مخيمات النازحين في الشمال الغربي، مما أثر على أكثر من 635 ألف شخص".
وأشارت ميسويا إلى أن الأمم المتحدة ما زالت تنتظر المزيد من التوضيح بشأن الآثار المترتبة على تجميد الأنشطة الإنسانية الممولة من الولايات المتحدة، إذ شكل التمويل الأميركي أكثر من ربع الدعم لخطة الاستجابة الإنسانية في سورية. وأضافت أن تأخير أو تعليق التمويل سيؤثر سلباً على قدرة السوريين المعرضين للخطر في الوصول إلى الخدمات الأساسية. وأعلنت أن الأمم المتحدة تناشد للحصول على 1.2 مليار دولار أميركي للوصول إلى 6.7 ملايين شخص حتى مارس/آذار، حيث يتم العمل على تطوير نداء كامل لبقية العام بناءً على تقييمات جديدة.
مواقف دولية
من جهتها، قالت المندوبة الأميركية، دورثي شيا، إن "دول مجلس الأمن يجب أن تواصل الضغط على سلطات تصريف الأعمال لتمثيل كافة الأصوات السورية في مستقبل سورية". وأكدت على "ضرورة منع سورية من أن تصبح ملاذاً آمناً للإرهاب"، موضحة أن "نظام الأسد سمح لإيران ووكلائها، بما في ذلك حزب الله، باستخدام الأراضي السورية لتهديد الأمن الإقليمي والاتجار بالأسلحة". وأضافت أن "الولايات المتحدة قلقة من تشكيل مجموعات جديدة في سورية تحرض على العنف، بما في ذلك محاولات جر إسرائيل إلى صراع مباشر"، مشيرة إلى أن "هذه المجموعات تتلقى الدعم المالي واللوجستي من إيران".
أما مندوب روسيا، فاسيلي نيبنزيا، فقد تحدث عن التحديات السياسية والاقتصادية المستمرة في سورية، مشيراً إلى الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي وضرورة الانسحاب غير المشروط من الأراضي السورية. وأكد أهمية إنشاء قناة مباشرة للتواصل بين دمشق وبيروت لضمان الاستقرار الأمني والسياسي في المنطقة.
خطوات الحكومة السورية
وفي تصريح لمندوب سورية لدى الأمم المتحدة، قصي الضحاك، استعرض الخطوات التي اتخذتها الحكومة الانتقالية لتعزيز الأمن والاقتصاد، مؤكداً أن "الأولويات المستقبلية تشمل تحقيق السلم الأهلي، وإرساء العدالة الانتقالية لمحاسبة المجرمين المسؤولين عن الجرائم ضد السوريين". وأضاف أنه "سيتم التركيز على وحدة الأراضي السورية، وتوسيع سلطة الدولة على كامل التراب الوطني، إلى جانب بناء مؤسسات قوية تقوم على الكفاءة والعدالة والتشاركية". وأكد أن "سورية الجديدة لن تكون ملاذاً للإرهاب"، مشدداً على ضرورة رفع العقوبات بشكل كامل.
وأشار الضحاك إلى "الاعتداءات المستمرة من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي على الأراضي السورية"، مؤكداً أن "إسرائيل تسعى لتكريس واقع جديد من خلال توغل قواتها العسكرية في أراضٍ سورية إضافية، بما في ذلك جبل الشيخ ومحافظة القنيطرة". ودعا إلى "ضرورة إلزام إسرائيل باحترام اتفاقية فض الاشتباك لعام 1974، وضمان انسحابها من المناطق المحتلة، واحترام قرارات مجلس الأمن ذات الصلة".