بيان أميركي فرنسي سعودي يُحدّد مواصفات الرئيس اللبناني

بيان أميركي فرنسي سعودي مشترك يُحدّد مواصفات الرئيس اللبناني

22 سبتمبر 2022
تنتهي ولاية ميشال عون في 31 أكتوبر المقبل (الأناضول)
+ الخط -

شدّدت المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية وفرنسا على "أهمية إجراء الانتخابات الرئاسية في لبنان بموعدها المحدّد وفق الدستور اللبناني"، وذلك في وقتٍ مرّ قرابة الشهر على المهلة الدستورية التي بدأت مطلع شهر سبتمبر/أيلول الجاري، من دون أن يدعو رئيس البرلمان نبيه بري مجلس النواب لعقد جلسة انتخاب رئيس جديدٍ للبلاد، بانتظار التوافق المُسبَق.

وأشارت الدول الثلاث في بيان مشترك إلى ضرورة انتخاب رئيس "يمكنه توحيد الشعب اللبناني ويعمل مع الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية لتجاوز الأزمة الحالية"، ما وُضِع في خانة المواصفات الأميركية السعودية الفرنسية للرئيس الجديد الذي سيخلف رئيس الجمهورية ميشال عون بعد انتهاء ولايته في 31 أكتوبر/تشرين الأول المقبل.

وتبرز أخيراً حركة دبلوماسية في لبنان تجاه المسؤولين اللبنانيين ورؤساء الأحزاب التقليديين، أبرزها من جانب السفير السعودي وليد بخاري، والسفيرة الفرنسية آن غريو، وهما يحملان الملف الرئاسي في طليعة اهتماماتهما، مؤكدين على ضرورة اجراء الاستحقاق في موعده، وأن يكون الرئيس الجديد قادرا على جمع اللبنانيين والحفاظ على علاقات لبنان مع الخارج، وذلك في وقتٍ يعدّ التزام لبنان باستحقاقاته الدستورية وبرامج إصلاحية ممراً إلزامياً لحصوله على دعم مالي خارجي.

وكان رئيس "حزب القوات اللبنانية" سمير جعجع، كشف بعد لقائه السفير السعودي، أنه لم يجرِ التطرق إلى الأسماء المرشحة للانتخابات الرئاسية، لكن تم التداول في المواصفات المطلوبة، وهي بأن المملكة "لن تقبل بالتعاطي مع رئيس يميل للفساد أو يقوم بتعزيز اللا دولة على حساب الدولة".

ووُضِعَ موقف جعجع ومن خلفه المواصفات المذكورة، في خانة إقفال الطريق السعودي كما الفرنسي والأميركي، نظراً للتنسيق القائم بينهم، على أي مرشح يصبّ في خانة "حزب الله"، سواء رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، أو رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية، ما يرفع في المقابل من حظوظ قائد الجيش العماد جوزيف عون الذي بحسب أوساط سياسية لبنانية يعدّ من المرشحين المتقدمين في السباق الرئاسي ولا سيما أنه يحظى بتأييد أميركي لافت، وهناك حرص خارجي على استقرار لبنان الأمني وضرورة دعم قواته المسلحة الشرعية.

واجتمع يوم الأربعاء على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة ممثلون من الولايات المتحدة الأميركية، الجمهورية الفرنسية، والمملكة العربية السعودية لمناقشة الملف اللبناني، وقد صدر عن وزراء خارجية الدول الثلاث بيان، عبّروا فيه عن دعم بلادهم المستمرّ لسيادة لبنان وأمنه واستقراره.

ودعا الوزراء الثلاثة إلى "تشكيل حكومة قادرة على تطبيق الإصلاحات الهيكلية والاقتصادية اللازمة لمعالجة الأزمة السياسية والاقتصادية في لبنان، وتحديداً الإصلاحات الضرورية للوصول إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي"، علماً أن لبنان دخل مسارا جدياً نحو تشكيل حكومة جديدة يرأسها نجيب ميقاتي، لكنها ستكون شبيهة بتلك الحالية، مع تعديلات طفيفة، في وقت تُتهم من قبل الجهات الدولية بالتأخر عن القيام بتعهداتها الإصلاحية التي أعطتها للصندوق عند توقيع الاتفاق الأولي على مستوى الخبراء في إبريل/نيسان الماضي.

وعبّر الوزراء عن استعدادهم للعمل المشترك مع لبنان لدعم تنفيذ هذه الإصلاحات الأساسية التي تعتبر حاسمة لمستقبل الاستقرار والازدهار والأمن في لبنان، مؤكدين على دور القوات المسلحة اللبنانية وقوى الأمن الداخلي المسؤولين عن حفظ سيادة لبنان واستقراره، مع أهمية استمرارهما بالقيام بدور أساسي في حماية الشعب اللبناني في ظل أزمة غير مسبوقة.

وأكد الوزراء وفق البيان على ضرورة قيام الحكومة اللبنانية بتنفيذ أحكام قرارات مجلس الأمن 1559، 1701، 1680، و2650 والقرارات الدولية ذات الصلة بما في ذلك تلك الصادرة من جامعة الدول العربية، والالتزام باتفاق الطائف المؤتمن على الوحدة الوطنية والسلم الأهلي في لبنان.

وتتّصل هذه القرارات الدولية لبنانياً بالدرجة الأولى بـ"حزب الله"، وتنص على نزع سلاحه، كما وتعنى بالتمديد لقوات الطوارئ الدولية العاملة في الجنوب "اليونيفيل" التي وسّعت حركتها بالفعل في قرار التجديد الصادر أواخر أغسطس/آب الماضي، وسط اعتراض "حزب الله" عليه، في وقتٍ جرى الحديث عن مسعى من قبل حليف الحزب الرئيس ميشال عون عبر وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بو حبيب الذي يعد من حصته الوزارية، لإلغاء بعض القرارات الدولية خدمة للحزب، الذي يرى أن هناك حصاراً عليه وجهوداً خارجية لإنهائه، بيد أن مكتب بو حبيب نفى ذلك.

ميقاتي يناشد الدول بالوقوف إلى جانب لبنان في محنته

على صعيد آخر، ناشد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي "الدول الشقيقة والصديقة" بالوقوف إلى جانب لبنان في محنته الراهنة وأن تؤازره للخروج منها، ومعالجة تداعياتها الخطيرة على الشعب اللبناني وبنية الدولة وهيكليتها، معبراً عن "تطلع لإعادة عقد مؤتمر أصدقاء لبنان الذي لطالما احتضنته فرنسا بالتعاون مع أصدقاء لبنان وأشقائه".

وأكد ميقاتي في كلمته في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك التزام لبنان بتنفيذ كامل مندرجات القرار 1701 وكافة قرارات الشرعية الدولية، شاكراً "اليونيفيل لما تبذله من تضحيات وجهود من أجل الحفاظ على الاستقرار في جنوب لبنان، بالتنسيق الوثيق مع الجيش اللبناني الذي نتطلع معكم وعبركم إلى تعزيز قدراته العسكرية وتخفيف الأعباء المادية عليه".

وفي ملف ترسيم الحدود البحرية جنوباً الذي تلعب فيه الولايات المتحدة دور الوسيط، جدد ميقاتي تمسّك لبنان المطلق بسيادته وحقوقه وثروته في مياهه الإقليمية ومنطقته الاقتصادية الخالصة، مكرراً رغبة لبنان الصادقة في التوصل إلى حلٍّ تفاوضي طال انتظاره، مشيراً في السياق، إلى إحراز تقدم ملموس "نأمل أن نصل به إلى خواتيمه المرجوة في وقتٍ قريبٍ".

وقال إن "لبنان مصمّم على حماية مصالحه الوطنية وخيرات شعبه وعلى استثمار موارده الوطنية، ويعي أهمية سوق الطاقة الواعد في شرق المتوسط لما فيه ازدهار اقتصادات دول المنطقة وتلبية حاجات الدول المستوردة".

وكرر ميقاتي التزام لبنان مبدأ النأي بالنفس، "سعياً لإبعاد وطننا قدر المستطاع عمّا لا طاقة له به"، وذلك في وقتٍ يصوَّب على "حزب الله" بزعزعة علاقات لبنان الخارجية ولا سيما منها العربية والخليجية السعودية.

وأضاف أن "انتماء لبنان العربي وريادته في الالتزام بالقضايا العربية هما ترجمة لما جاء في دستوره وفي اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية الدامية التي عصفت ببلادي، ولا بد من أن أؤكد، تكراراً، التزامنا التام بهذا الاتفاق، وعدم تساهلنا مع أية محاولة للمس بمندرجاته".