بوليفيا: مرشحان يمينيان إلى جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية
استمع إلى الملخص
- تعاني البلاد من تضخم سنوي يقارب 25% ونقص في العملات الأجنبية والوقود، مما يدفع الناخبين للتفكير في معاقبة حزب الحركة نحو الاشتراكية الحاكم منذ 2005.
- يعد المرشحون بتغييرات جذرية في النموذج الاقتصادي، حيث يواجهون تحديات كبيرة في استعادة الاستقرار الاقتصادي بعد تراجع عائدات الغاز ونقص الاستثمار.
يتجه مرشحان يمينيان لخوض الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية في بوليفيا بعد تصدرهما نتائج الجولة الأولى، التي أُجريت أمس الأحد، وفقاً لاستطلاعات رأي، ما يمهد لإنهاء حكم اليسار المستمر منذ نحو عقدين. وأحدث السيناتور رودريغو باز، الذي ينتمي ليمين الوسط، مفاجأة غير متوقعة بحلوله أولاً ونيله ما بين 31,3 و31,6 في المئة من الأصوات، وفقاً لتوقعات تستند إلى نتائج جزئية لاستطلاعات أجرتها مؤسستا ايبسوس وكابتورا. وأظهرت الاستطلاعات أيضاً أن الرئيس اليميني السابق خورخي "توتو" كيروغا حل ثانياً بنسبة تراوح بين 27,1 و27,3 في المئة.
وكان فرز الأصوات بدأ، مساء الأحد، بعد يوم انتخابي احتدمت فيه المنافسة في ظل أزمة اقتصادية عميقة أضعفت اليسار الحاكم، حيث من المتوقع أن يعود اليمين إلى السلطة بعد نحو عقدين في المعارضة. وتواجه بوليفيا، الواقعة في منطقة الأنديس، أسوأ أزمة، منذ جيل، تنعكس في تضخم سنوي يقترب من 25 في المئة ونقص حاد في العملات الأجنبية والوقود. وأظهرت استطلاعات الرأي أن الناخبين يريدون معاقبة حزب الحركة نحو الاشتراكية (ماس) الحاكم، منذ 2005 تاريخ انتخاب إيفو موراليس أول رئيس من السكان الأصليين.
وكانت التوقعات حصرت المنافسة بين رجل الأعمال الوسطي اليميني سامويل دوريا ميدينا وخورخي "توتو" كيروغا، واعتبرتهما الأوفر حظاً لخلافة الرئيس، لويس آرسي، الذي لا يسعى لإعادة الترشح في ظل تآكل شعبيته. وتعهد الرجلان بإحداث تغييرات جذرية في النموذج الاقتصادي القائم على دور كبير للدولة، إذا ما فازا في الانتخابات. ويريدان تقليص الإنفاق العام وفتح البلاد أمام الاستثمارات الأجنبية، وتعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة، التي تراجعت في عهد موراليس الذي يعتبر نفسه مناهضاُ للرأسمالية والإمبريالية.
وأظهرت استطلاعات أولية تقارب دوريا ميدينا (66 عاماً) وكيروغا (65 عاماً) عند حوالى 20 في المئة، وخلفهما ستة مرشحين آخرين من بينهم رئيس مجلس الشيوخ اليساري أندرونيكو رودريغيز. وستُجرى جولة إعادة في 19 أكتوبر/تشرين الأول إذا لم يحصل أي مرشح على الأغلبية المطلقة. وقال دوريا ميدينا للصحافة، بعد الإدلاء بصوته في مركز اقتراع في لاباز: "اليوم هو يوم مهم جداً في بوليفيا لأنه من خلال التصويت يمكننا الخروج من الأزمة الاقتصادية بشكل سلمي وديموقراطي".
هل يتكرر سيناريو الأرجنتين في بوليفيا؟
وقالت أليسيا فاكافلور (62 عاماً) بعد الإدلاء بصوتها رغم البرد القارس، في مدرسة في وسط لاباز: "نمر بأزمة هائلة، لذا نحتاج إلى تغيير"، وشددت كارلا كورونيل (46 عاماً) على الحاجة إلى نهج جديد، مؤكدة أن "الاشتراكية لم تجلب لنا أي خير". وأبدت مارسيلا سيربا (63 عاماً)، وهي من السكان الأصليين واعتادت التصويت للحركة نحو الاشتراكية، دعمها لكيروغا. وقالت في تجمع انتخابي في أحد شوارع لاباز "لقد تركتنا الحركة نحو الاشتراكية، جميعاً، في الحضيض".
وقال محللون إن الانتخابات تُشبه انتخابات الأرجنتين عام 2023 عندما أطاح الناخبون بالحزب اليساري البيروني، الذي حكم لفترة طويلة، وانتخبوا المرشح الليبرتاري خافيير ميلي سعياً لوضع حد لأزمة عميقة. وقالت دانييلا أوسوريو ميشيل، المتخصصة في العلوم السياسية البوليفية في المعهد الألماني للدراسات العالمية والإقليمية: "ما يبحث عنه الناس الآن، بعيداً عن التحول من اليسار إلى اليمين هو العودة إلى الاستقرار".
وعلى عكس ميلي الذي كان مبتدئا في السياسة، فإن دوريا ميدينا وكيروغا يخوضان رابع حملة رئاسية لهما. فدوريا ميدينا مليونير ووزير تخطيط سابق، أما كيروغا الصريح في خطاباته والذي تدرب كمهندس في الولايات المتحدة، فشغل منصب نائب الرئيس خلال فترة الديكتاتور السابق هوغو بانزر بعد إصلاحاته، ثم شغل الرئاسة لفترة قصيرة عندما تنحى بانزر إثر إصابته بالسرطان في 2001. وقال في اليوم الأخير لحملته في لاباز، الأربعاء الماضي: "سنغير كل شيء، كل شيء تماماً بعد 20 سنة ضائعة".
وشهدت بوليفيا أكثر من عقد من النمو القوي وتحسن وضع السكان الأصليين في عهد موراليس، الذي أمّم قطاع الغاز واستخدم العائدات في برامج اجتماعية قلصت نسبة الفقر المدقع إلى النصف. لكن الاستثمار المحدود في التنقيب أدى إلى تراجع عائدات الغاز، التي بلغت ذروتها في 2013 من 6,1 مليارات دولار إلى 1,6 مليار دولار العام الماضي. وفيما لا يزال الليثيوم، المورد الرئيسي الآخر، غير مُستغل، أوشكت العملات الأجنبية اللازمة لاستيراد الوقود والقمح والمواد الغذائية على النفاد.
وخرج مواطنو بوليفيا مراراً إلى الشارع احتجاجاً على ارتفاع الأسعار وطول طوابير الانتظار للحصول على الوقود والخبز والمواد الأساسية. وقال الطالب ميغيل أنخيل ميرندا (21 عاماً): "خلال السنوات العشرين الماضية كانت لدينا مداخيل جيدة، لكن الحكومة لم تستثمر أو تقترح طرقا جديدة لتوسيع نطاق الاقتصاد".
وهيمن موراليس الذي مُنع من الترشح لولاية رابعة، على الحملة الانتخابية. ودعا أنصاره من سكان الأرياف إلى إبطال أصواتهم احتجاجاً على رفض السلطات السماح له بالترشح مرة أخرى. وأيدت ماتيلده تشوك أبازا، وهي زعيمة جمعية نسائية ريفية للسكان الأصليين من أنصار موراليس، دعوته للإدلاء بـ"أصوات باطلة" وقالت "لا نريد العودة إلى القرن العشرين" مشددة على أن البوليفيين المعروفين بثورتهم "سينهضون في أي وقت".
(فرانس برس)