بوتين وبزشكيان يوقعان اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين إيران وروسيا

17 يناير 2025
بوتين وبزشكيان بعد توقيع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية، موسكو 17 يناير 2025 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تعزيز التعاون الدفاعي والأمني: توقيع اتفاقية شراكة استراتيجية بين روسيا وإيران تشمل 47 مادة لتعزيز التعاون في مجالات الدفاع والأمن، دون التزامات بالدفاع المشترك، مع التركيز على التعاون الاستخباراتي والأمني.

- التعاون الاقتصادي ومواجهة العقوبات: الاتفاقية تهدف لمواجهة العقوبات أحادية الجانب، تطوير بنية تحتية للمدفوعات، وتعزيز التعاون المصرفي باستخدام العملات الوطنية، مما يعكس تعميق العلاقات الاقتصادية بين البلدين.

- التوجهات السياسية والتعاون الإقليمي: الاتفاقية تؤكد تقارب مواقف روسيا وإيران في القضايا الدولية، مع التركيز على الشرق الأوسط وسوريا، وتثير قلق الغرب بسبب تعزيز التعاون الدفاعي، رغم تأكيد عدم استهداف أي دولة.

وقّع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الجمعة، اتفاقية شراكة استراتيجية بين بلديهما، في ختام محادثات بين الطرفين في العاصمة الروسية موسكو. ويزور بزشكيان الكرملين لأول مرة منذ توليه الرئاسة في يوليو/ تموز الماضي بعد مصرع سلفه في حادث تحطم طائرة هليكوبتر.

أبرز بنود اتفاقية الشراكة الاستراتيجية

وتنص اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي وقعها الرئيسان الروسي والإيراني في موسكو، والمكونة من 47 مادة، على تعزيز التعاون في مجال الدفاع والأمن من دون أي التزمات بالدفاع المشترك في حال تعرض أي من البلدين لعدوان، وفق ما يكشفه نص الاتفاقية الوارد في الموقع الرسمي للكرملين. 

وجاء في البند 3 من المادة الثالثة من الاتفاقية أنه في حال تعرض أي من طرفيها لعدوان، فعلى الطرف الثاني "ألا يقدم للمعتدي أي عون عسكري أو غيره من العون من شأنه الإسهام في مواصلة العدوان، بل يسهم في تسوية الخلافات الناشبة في إطار ميثاق الأمم المتحدة وغيره من أحكام القانون الدولي". وتقتضي المادة الرابعة "تبادل الطرفين معلومات وخبرات والارتقاء بمستوى التعاون بين الأجهزة الاستخبارية والأمنية بهدف تعزيز الأمن القومي والتصدي للتهديدات المشتركة".

وفي الشق الاقتصادي من الاتفاقية، تنص مادتها الـ19، على تصدي الطرفين لتطبيق العقوبات أحادية الجانب، بما فيها تلك التي تفرضها دول خارج أراضيها، وتصنفها على أنها "أعمال غير قانونية دولياً وغير ودية" مع التزامهما بعدم الانضمام أو دعم مثل هذه الإجراءات من قبل أي طرف ثالث في حال كانت تمس بأحد الطرفين. وتقتضي المادة الـ20 الدفع بالتعاون بهدف إقامة بنية تحتية عصرية للمدفوعات لا تخضع لدول ثالثة، والانتقال إلى إجراء الحسابات الثنائية بالعملتين الوطنيتين، وتعزيز التعاون المصرفي المباشر.

وستحل الاتفاقية الجديدة محل اتفاقية أساسيات العلاقات ومبادئ التعاون بين موسكو وطهران المؤرخة بعام 2001. ورغم أن موسكو وطهران بدأتا إعداد الاتفاقية منذ عام 2022، إلا أنه جرى تأجيل التوقيع عليها مراراً، إلى أن جرى التوصل إلى الصيغة النهائية لها في العام الماضي. 

الصورة
من اجتماع بزشكيان وبوتين في موسكو، 17 يناير 2025 (Getty)
من اجتماع بزشكيان وبوتين في موسكو، 1 يناير 2025 (Getty)

وقال بوتين في مؤتمر صحافي في ختام محادثاته مع بزشكيان: "نتفق في ضرورة عدم التوقف عند ما حققناه، وأن نرتقي بعلاقاتنا على نحو كيفي. ذلك هو جوهر اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة الموقعة بين الدولتين، والتي تضع أهدافا طموحة وإرشادات تعميق التعاون الثنائي على المدى البعيد في المجالات السياسي والأمني والتجاري - الاستثماري والإنساني". وأضاف: "هذه الوثيقة تشكل اختراقاً حقاً وتهدف إلى خلق الظروف اللازمة للتنمية المستقرة والمستديمة في روسيا وإيران ومنطقتنا الأوراسية بأسرها". ورد بزشكيان بأن المعاهدة ستشكل "أساساً متيناً" للعلاقات بين البلدين، مضيفاً أنه يعتقد أن بلديهما يمكنهما الانتهاء من الاتفاقيات الخاصة ببناء محطة للطاقة النووية في إيران.

بوتين خلال محادثات مع بزشكيان: مواقفنا متطابقة

كذلك، أكد بوتين  تقارب مواقف روسيا وإيران حيال أغلبية القضايا الدولية، قائلاً: "بالطبع، تطرقنا مع السيد الرئيس إلى عدد من القضايا الملحة للسياسة الخارجية. مواقف روسيا وإيران حيال أغلبيتها متطابقة". وتطرق بوتين أيضاً إلى الملف السوري، مؤكداً أن "مصير سورية يجب أن يحدده السوريون أنفسهم"، ومستطرداً: "ننطلق من أن مستقبل سورية يجب أن يحدده السوريون أنفسهم عبر الحوار الشامل".

وفي ما يتعلق بالوضع في الشرق الأوسط، رحّب بوتين باتفاق وقف إطلاق النار في غزة، قائلاً: "تناولنا قضايا الشرق الأوسط على ضوء اتفاق وقف أعمال القتال في قطاع غزة الذي جرى التوصل إليه قبل أيام وينصّ على لمّ شمل الرهائن الإسرائيليين والمعتقلين الفلسطينيين المفرج عنهم مع عائلاتهم". واعتبر أن ذلك "يفسح الطريق أمام الزيادة المهمة لكميات المواد الغذائية والوقود والأدوية الموردة إلى غزة". من جهته، تقدم بزشكيان بالشكر لبوتين على دوره في ما قال إنه "بناء علاقات الأخوة بين إيران وروسيا".

يذكر أن لقاء بوتين وبزشكيان الذي عُقد اليوم هو الأول بينهما في ظلّ الواقع الجيوسياسي الجديد بعد سقوط نظام حليفهما بشار الأسد في سورية في 8 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وتراجع النفوذ الإيراني في المنطقة جراء إضعاف حزب الله نتيجة للحرب الإسرائيلية.

ووطدت روسيا علاقاتها مع إيران ودول أخرى معادية للولايات المتحدة، مثل كوريا الشمالية، منذ بداية الحرب في أوكرانيا، ولديها اتفاقيات استراتيجية مع بيونغ يانغ وحليفتها الوثيقة بيلاروسيا، فضلاً عن اتفاقية شراكة استراتيجية مع الصين.

ومن المرجح، أن يثير الاتفاق بين موسكو وطهران، الذي سيمتد 20 عاماً ويتضمن بنوداً بشأن تعزيز التعاون الدفاعي، قلق الغرب. وتقول موسكو وطهران إنّ توطيد علاقاتهما ليس موجهاً ضد أي دولة أخرى. وتستخدم روسيا طائرات مسيرة إيرانية بشكل مكثف خلال الحرب في أوكرانيا. واتهمت واشنطن طهران في سبتمبر/ أيلول بتسليم صواريخ باليستية قصيرة المدى إلى موسكو لاستخدامها في الحرب. وتنفي إيران إمداد روسيا بطائرات مسيرة أو صواريخ.

وأحجم الكرملين عن تأكيد حصوله على صواريخ إيرانية، لكنه أقرّ بأنّ تعاونه مع طهران يشمل "المجالات الأكثر حساسية". وكان بوتين التقى مع بزشكيان على هامش قمة مجموعة بريكس في مدينة قازان الروسية في أكتوبر/ تشرين الأول، وعلى هامش منتدى ثقافي في تركمانستان في الشهر نفسه.

تقارير دولية
التحديثات الحية

ويرافق بزشكيان في زيارته إلى موسكو وزير النفط، ومن المرجح، وفقاً لوكالة رويترز، مناقشة العقوبات الغربية على القطاع خلال الزيارة. واستبعد الصحافي المتخصص في الشؤون الإيرانية الخبير بالمجلس الروسي للشؤون الدولية نيكيتا سماغين أن تشكّل الاتفاقية نقلة نوعية في مستوى العلاقات بين البلدين، لا سيما في مجال الدفاع والأمن نظراً إلى تباين مصالح البلدين وتشابكها في ملفات عدة إقليمياً ودولياً.

وقال سماغين، الذي عمل مراسلاً لوكالة تاس الرسمية الروسية في طهران بضع سنوات، لـ"العربي الجديد": "بدأت الأحاديث حول إبرام الاتفاقية منذ عهد الرئيس الإيراني الأسبق حسن روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف، ولكن عملية تدقيقها استغرقت وقتاً طويلاً ربما لوجود خلافات بشأن قسم أو أقسام من الاتفاقية".

وقلّل من أهمية التوقعات بأن التوقيع على الاتفاقية سيحدث نقلة في مستوى العلاقات الروسية الإيرانية، مضيفاً: "مقارنة مع فحوى الاتفاقيات التي أبرمتها إيران مع الدول مثل سورية والصين وفنزويلا، تبدو اتفاقية الشراكة مع روسيا أقرب إلى مذكرة نيات من شأنها تثبيت المستوى الحالي للتعاون".

من جانبه، رأى رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط الأستاذ الزائر بالمدرسة العليا للاقتصاد في موسكو مراد صادق زاده أن التوقيع على الاتفاقية في قمة بوتين وبزشكيان يشكل تثبيتاً لمستوى التعاون، لا سيما في مجال التجارة والاقتصاد طالما لا تنص النسخة النهائية من الاتفاقية على إقامة تحالف عسكري.

وقال صادق زاده لـ"العربي الجديد": "يشكل التوقيع على الاتفاقية تثبيتاً مهماً لمستوى العلاقات التجارية والاقتصادية والسياسية بين موسكو وطهران اللتين توجهتا منذ عام 2015 نحو آفاق جديدة من التعاون والتنسيق في مختلف جوانب الأجندتين الثنائية ومتعددة الأطراف. على الرغم من رغبة فريق الإصلاحيين بقيادة بزشكيان في عقد مفاوضات مع الغرب، إلا أنهم يرغبون أيضاً في مواصلة نهج الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، من جهة مزيد من التقارب مع روسيا، ما يعني أنهم يعتبرون موسكو شريكاً رئيسياً على المستويين الإقليمي والعالمي".

المساهمون