استمع إلى الملخص
- تحالف السيادة بقيادة خميس الخنجر طالب بتمرير قانون العفو بسرعة، بينما دعم تحالف "الإطار التنسيقي" قرار المحكمة كحق دستوري.
- محافظو الأنبار ونينوى وصلاح الدين عطلوا الدوام الرسمي احتجاجًا، مما يعكس تعقيدات المشهد السياسي وتداخل الأجندات السياسية مع القضايا القانونية.
أثار قرار المحكمة الاتحادية العليا (أعلى سلطة قضائية في العراق)، بوقف تنفيذ قوانين العفو العام والأحوال الشخصية وإعادة عقارات الدولة، التي أقرها البرلمان في سلة واحدة قبل أسبوعين بعد جدل دام لفترة طويلة، بوادر أزمة وانقساماً سياسياً في البلاد، فبينما انتقدت القوى السنية القرار متهمة المحكمة بـ"التسييس" دافع تحالف "الإطار التنسيقي" عنه.
ومساء أمس الثلاثاء، أصدرت المحكمة الاتحادية أمراً بإيقاف تنفيذ قوانين العفو العام والأحوال الشخصية وإعادة العقارات، في إجراء قالت إنه "وقائي مؤقت إلى حين الفصل في مدى دستورية القوانين موضوع الدعاوى ومطابقتها للدستور من عدمه"، معتبرة أن "الآثار التي تترتب على تنفيذ القوانين لا يمكن تلافيها عند صدور حكم يقضي بعدم دستوريتها، ولا سيما أن صفة الاستعجال تقوم على أساس فكرة الحماية العاجلة المؤقتة التي لا تهدر حقاً ولا تكسبه". ووفقاً لنص الأمر الولائي فقد تقدم 10 نواب بدعاوى طلبوا فيها إصدار أمر ولائي بإيقاف تنفيذ القوانين بدعوى عدم سلامة إجراءات التصويت خلال جلسة التصويت.
واستفز القرار القوى السياسية السنية، التي عملت على تمرير قانون العفو العام، الذي كان ضمن ورقة الاتفاق السياسي، ما دفعها إلى انتقاد القرار والتحشيد ضده. وفي لهجة واتهامات غير مسبوقة، عبّر رئيس حزب "تقدم" محمد الحلبوسي، عن رفضه للقرار، معتبراً أنه "مجحف". وقال في تدوينة: "قلنا سابقاً ونؤكدها مراراً وتكراراً، إن قانون العفو الذي تم إقراره هو لإنصاف الأبرياء المظلومين حصراً، ولا نقبل بخروج الإرهاب الذي اكتوينا به قبل غيرنا وأكثر، لكن لا نقبل أن تُسيس المحكمة الاتحادية غير الدستورية، وتضرب القوانين والتشريعات عرض الحائط وتصدر أمرها الولائي المجحف بحق الأبرياء والمظلومين".
وقال "سنواجه ونتصدى لقرار إيقاف تنفيذ قانون العفو بكل الوسائل القانونية والشعبية"، داعياً إلى "تظاهرات عارمة تهز أركان الظلم وتعلن رفضها لولاية محكمة جاسم عبود العميري (رئيس المحكمة الاتحادية) على السلطات، إضافة إلى العمل على مقاطعة شاملة وكاملة لكل المؤسسات والفعاليات التي لا تحترم إرادة الشعب والاتفاقات بين مكوناته".
من جانبه، دعا تحالف السيادة بزعامة خميس الخنجر، المحكمة الاتحادية إلى تمرير قانون العفو، والنظر في صحته بأسرع وقت ممكن، وقال التحالف في بيان، إنه "في الوقت الذي نؤكد فيه احترامنا الكامل لقرارات المحكمة الاتحادية ومؤسسات الدولة الدستورية، فإننا نبدي استغرابنا الشديد من قرار إيقاف إنفاذ التعديل الثاني لقانون العفو العام، الذي يأتي انسجاماً مع بنود ورقة الاتفاق السياسي التي تم التوافق عليها بين مختلف القوى الوطنية".
وأضاف، أن "قانون العفو العام يمثل خطوة أساسية نحو إنصاف المظلومين والأبرياء الذين طاولهم الحيف والحرمان خلال السنوات الماضية. كما أن إقرار هذا القانون من شأنه أن يُعيد الحقوق إلى أصحابها، ويُسهم في ترسيخ الثقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة، مما يعزز وحدة الجبهة الداخلية ويقوي النسيج الوطني في ظل التحديات التي تواجه البلد".
تعطيل الدوام الرسمي في الأنبار ونينوى وصلاح الدين
في غضون ذلك، أصدر محافظو الأنبار ونينوى وصلاح الدين، قرارات بتعطيل الدوام الرسمي لهذا اليوم الأربعاء، احتجاجاً على القرار. وقد لا يخلو القرار من جانب سياسي، خصوصاً أنه صدر بعد أيام من وعود زعيم ائتلاف "دولة القانون" نوري المالكي، بإيقاف تنفيذ قانون العفو العام، معتبراً أن "تشريعه ناقص"، مشدداً أن "القانون أحيل الى المحكمة الاتحادية، وأنه لن يسمح بـ"إخراج القتلة والإرهابيين من السجون".
وقال عضو في اللجنة القانونية البرلمانية لـ"العربي الجديد"، إن "القرار سيفتح الباب أمام مشاكل وأزمات سياسية جديدة"، مشيرًا إلى أن "القوى السنية تعتبر القرار استهدافاً سياسياً ضد قانون العفو، وجاء بضغط من قوى متنفذة في الإطار". وأوضح أن "قوى الإطار أرادت أن تحقق أجندتها من خلال تمرير قانون الأحوال الشخصية، ومن ثم تلتف قانونياً على قانون العفو"، مشدداً على "أننا اليوم أمام جدل سياسي وقانوني خاصة في ما يخص قانون العفو، بينما مما لا شك به أن قوى الإطار ستستخدم أوراق ضغطها لإلغاء القرار الولائي عن قانون الأحوال الشخصية وستنجح بذلك، وهذا ما سيعقد المشهد السياسي".
مقابل ذلك، أعلن تحالف "الإطار التنسيقي"، دعمه للمحكمة الاتحادية بإيقاف تنفيذ القوانين، معتبراً في بيان له أن "القرار حق دستوري للمحكمة ومسار قانوني متاح ضمن العملية الديمقراطية"، مضيفاً "كما أن الأمر الولائي لا يعني بأية حال من الأحوال الدخول بأصل الحق أو إعطاء رأي مسبق بالدعاوى المقامة كما أكدت ذاتها".
وأعرب عن استغرابه "من الهجمة ضد المحكمة الاتحادية، في محاولة للنيل من سمعتها والسعي لسلب حقها الدستوري في الرقابة على دستورية القوانين"، مؤكداً "حق المحكمة في النظر بالمخالفات التي رافقت جلسة مجلس النواب، ومنها غياب النصاب القانوني وآلية التصويت على ثلاثة قوانين بسلة واحدة، في سابقة خطيرة ومخالفة صريحة وواضحة للقانون والنظام الداخلي لمجلس النواب".