استمع إلى الملخص
- رغم الاعتداءات، يصر الأهالي على العودة إلى أراضيهم بمساعدة الجيش اللبناني، الذي يؤمن دخولهم ويعمل مع الدفاع المدني لانتشال الشهداء والبحث عن المفقودين.
- يستعد الجيش اللبناني للانتشار بعد الانسحاب الإسرائيلي المتوقع، مؤكداً على ضرورة انسحاب إسرائيل الكامل ورفض المماطلة، مع المطالبة بإعادة الأسرى اللبنانيين.
تستمرّ رحلة عودة سكان القرى الحدودية في جنوب لبنان منذ السادس والعشرين من يناير/كانون الثاني الماضي، على الرغم من مواصلة جيش الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ عمليات تفخيخ وتفجير المنازل والبنى التحتية، وإطلاقه النيران في وجه الأهالي العائدين، وإصداره بيانات التحذير من التحرّك في المناطق المحتلة. وصعّد الاحتلال الإسرائيلي في الأيام الماضية من اعتداءاته وخروقاته التي تجاوزت الألف منذ انقضاء مهلة الستين يوماً في 26 يناير/ كانون الثاني، موسّعاً رقعة عدوانه جنوباً في النبطية، وبقاعاً في جنتا، وقد أسفرت عملياته عن استشهاد 28 شخصاً وجرح أكثر من 214 حسب تقارير وزارة الصحة اللبنانية.
وأحرق جيش الاحتلال، اليوم الاثنين، عدداً من المنازل بين بلدتي العديسة ورب ثلاثين الحدوديتَين، وذلك في وقتٍ يواصل خروقاته للأجواء اللبنانية، بما في ذلك التحليق على علو منخفض جداً فوق بيروت والمناطق المحيطة وتلك الساحلية. كما نفذ الجيش، مساء اليوم، تفجيراً هائلاً في بلدة يارون جنوبي لبنان، أحدث دوياً كبيراً تردد صداه في مختلف المناطق الجنوبية، بحسب ما ذكرت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية.
في موازاة ذلك، قال عددٌ من سكان بلدة يارون لـ"العربي الجديد"، إنّهم "مصرّون على العودة إلى بلدتهم في جنوب لبنان رغم التهديدات الإسرائيلية والاعتداءات المتكرّرة على الأهالي، بما في ذلك يوم أمس الأحد حيث أطلق جيش الاحتلال الرصاص على الأهالي خلال محاولتهم العودة، وبالتزامن مع مسيرة أحَد العودة الثاني".
وأشار السكان إلى أنّهم "هُجّروا منذ العدوان الإسرائيلي على لبنان، وانتظروا انتهاء مهلة الستين يوماً التي نصّ عليها اتفاق وقف إطلاق النار، الذي دخل حيّز التنفيذ في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، للعودة إلى أرضهم، مصمّمين على ذلك، رغم الدمار الواسع، وانعدام أبسط مقومات العيش والخدمات الأساسية من كهرباء ومياه وصرف صحي وغير ذلك. هذه أرضنا، ولن نتخلّى عنها، وسنقف في وجه الاحتلال يومياً حتى رحيله".
ويرى السكان أنّ "إسرائيل نكثت بتعهداتها ولم تلتزم بمهلة الستين يوماً، إذ كان عليها أن تنسحب من الأراضي اللبنانية كافّة فجر 26 يناير الماضي، لكنها لم تفعل ذلك بغطاءٍ أميركي، ومدّدت بقاءها حتى 18 فبراير/شباط الجاري، وهي تحاول خلال هذه الفترة ارتكاب مزيد من عمليات النسف والتفجير والتدمير والجرائم بحقّ الأهالي والمواطنين".
واحتشد يوم أمس الأحد أبناء البلدات الحدودية في جنوب لبنان التي لم ينسحب منها جيش الاحتلال، وتلك التي حُرّرت بعضُ أحيائها، للعودة إلى بلداتهم، رغم التهديدات الإسرائيلية التي أُطلقت في ساعات الصباح إلى السكان لتحذيرهم من التحرك جنوباً في مناطق معينة، بما يعرّضهم للخطر. وتمكّن الأهالي أمس من الدخول إلى عددٍ من البلدات والأحياء ضمنها في عيترون، وذلك بمواكبة من الجيش اللبناني الذي حرص على تأمين دخولهم بسلام، خصوصاً أن آليات ودبابات جيش الاحتلال كانت لا تزال تتمركز في المنطقة.
إلى ذلك، أعلن الدفاع المدني اللبناني انتشال أشلاء أربعة شهداء من بلدة الخيام، الاثنين، مشيرًا إلى أنه "قد جرى نقلها إلى مستشفى مرجعيون الحكومي، حيث ستخضع للفحوصات الطبية والقانونية اللازمة، بما في ذلك فحوص الحمض النووي (DNA)، تحت إشراف الجهات المختصة لتحديد هوياتها".
وأكدت المديرية العامة للدفاع المدني "استمرارها في أداء واجباتها الإنسانية والوطنية وفق الخطط المرسومة، وبالتعاون الوثيق مع الجيش اللبناني، حتى الانتهاء من عمليات البحث عن جميع المفقودين، رغم التحديات الميدانية والظروف الصعبة التي تفرضها طبيعة المهام المنفّذة".
أكثر من 15 قرية وبلدة في جنوب لبنان محتلة
في الإطار، قال مصدر في الجيش اللبناني لـ"العربي الجديد"، إنّ "القرى التي لا تزال محتلة بشكل كامل من الاحتلال الإسرائيلي هي مارون الراس، بليدا، محيبيب، ميس الجبل، العديسة، مركبا، رب ثلاثين، حولا، كفركلا، سردا والعمرة، الوزاني، يسطرا (خراج بلدة كفرشوبا)، بركة النقار (خراج بلدة شبعا)، المجيدية (خراج بلدة الماري)، الدانة (خراج بلدة الهبارية)، العباسية (خراج بلدة الماري)".
ولفت المصدر إلى أنّ "الوحدات العسكرية، وبالتنسيق مع اللجنة الخماسية للإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار، تنتشر في المناطق الحدودية التي ينسحب منها جيش الاحتلال، وهي تصدر بيانات بشكل مستمرّ للإعلان عن البلدات التي تدخل إليها"، داعياً "المواطنين إلى الالتزام بالتوجيهات الصادرة في بيانات الجيش الرسمية، والتقيد بإرشادات الوحدات العسكرية المنتشرة والتنسيق مع السلطات المحلية، وذلك حفاظاً على سلامتهم".
وأشار إلى أنّ "كل الأجواء التي تصلنا من اللجنة الخماسية التي ترأسها الولايات المتحدة الأميركية تؤكد أنّ الانسحاب الإسرائيلي سيكون يوم 18 فبراير، وعند ذلك ستنتشر جميع وحداتنا العسكرية، وتعمل على فتح الطرقات، ومواكبة المواطنين العائدين إلى أرضهم، لكن لا ضمانات مع عدو يواصل يومياً اعتداءاته، سواءً على المنازل أو المواطنين العائدين، من هنا ننتظر ونترقب. وكما كنا سابقاً، نكرّر أن الجيش على جهوزية تامّة، وهو قادر على الانتشار بشكل كامل في القرى والبلدات الحدودية، وهو ملتزم بتطبيق القرار 1701".
وحسم الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم، يوم أمس الأحد، تاريخ تشييع سَلَفه حسن نصر الله، الذي اغتالته إسرائيل في 27 سبتمبر/ أيلول الماضي في الضاحية الجنوبية لبيروت، معلناً أنه سيكون في 23 فبراير الجاري، على قطعة أرض بين طريقي المطار القديم والجديد في بيروت، كاشفاً أيضاً عن أنّه سيتم في اليوم نفسه، لكن في دير قانون الجنوبية، تشييع هاشم صفي الدين، بصفته أميناً عاماً للحزب، بعدما جرى انتخابه بعد أربعة أيام على اغتيال نصر الله، وكان يفترض أن يُعلنَ عن ذلك، لكنه استشهد قبل الإعلان بيوم أو يومين، في 3 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وشدّد قاسم في كلمته الثانية منذ انقضاء مهلة الستين يوماً على أنّ "هذا التحرير الشعبي يتكامل مع المقاومة الجهادية المسلّحة، ويتكامل مع الجيش. هذا الجنوب شهد وأعطى لنا صورة عظيمة، هذا الجنوب يقول لا إمكانية لإسرائيل أن تبقى فيه، لا إمكانية لإسرائيل أن تبقى محتلة، وليعلم الجميع أنّ التضحيات مهما بلغت ستؤدي في نهاية المطاف إلى تحرير الأرض وإلى خروج إسرائيل".
وأكد لبنانُ يوم الجمعة الماضي تمسكه بانسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي التي احتلتها في الحرب الأخيرة ضمن المهلة المحددة في 18 فبراير، وشدد الرئيس اللبناني جوزاف عون خلال لقائه وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي على أن "لبنان يرفض المماطلة في الانسحاب تحت أي ذريعة"، مؤكداً ضرورة "إعادة الأسرى اللبنانيين الذين اعتقلتهم إسرائيل خلال حربها على لبنان".