بعد رسائل الدبيبة.. هل يُسقط مجلس النواب الليبي الحكومة؟

بعد رسائل الدبيبة.. هل يُسقط مجلس النواب الليبي الحكومة؟

28 اغسطس 2021
يرفض الدبيبة الاستجواب أمام مجلس النواب (Getty)
+ الخط -

حملت كلمة رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة لليبيين، مساء أمس الجمعة، عديد الرسائل المتصلة بالوضع المتوتر في العلاقة بين حكومته ومجلس النواب، خصوصا ما يتصل بإصرار رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، على مثول الحكومة أمام النواب في طبرق لاستجوابها، في جلسة خاصة الاثنين المقبل. 

وبعد إعلان رئاسة مجلس النواب، الاثنين الماضي، عن دعوتها للحكومة لاستجوابها، كثف رئيس المجلس عقيلة صالح ظهوره الإعلامي الذي حمل وعيدا للحكومة بسحب الثقة منها إذا لم تستجب للدعوة وتمثل أمامه هو وحلفائه للاستجواب حول "التقصير في عملها" وفق أحد تصريحاته، وفي آخرها أكد أن عدم حضورها "يعتبر تعاليا وعدم احترام للمجلس ولن تجد من يدافع عنها وهذا سيسبب سحب الثقة منها فورا". 

في إشارة إلى تحديه للمجلس لفت الدبيبة إلى أن حكومته تبحث عن مصادر تمويل بديلة

لكن رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة عبّر عن رفضه الاستجابة للدعوة ضمنا بأنه سيكون "خارج البلاد" في اليوم الذي حدده مجلس النواب لعقد جلسة الاستجواب، مبديًا استغرابه، خلال اجتماع دعا إليه عدد من أعضاء مجلس النواب في مكتبه الحكومي في طرابلس، الخميس الماضي، لسعي المجلس إلى محاسبة الحكومة قبل أن يصرف لها الميزانية العامة. 

ولم يجد انضمام 29 نائبا لوعيد رئيس مجلس النواب بشأن سحب الثقة من الحكومة، إذ كرر الدبيبة، ليل البارحة، تصريحاته الرافضة للاستجواب، بل اتهم مجلس النواب بعرقلة حكومته "بشكل مستمر وواضح ومقصود وأسباب التعطيل كلها أسباب واهية وغير صحيحة". 

ولم تحمل كلمة الدبيبة أي رد مباشر على تهديدات سحب الثقة من حكومته، بل فضل الرد ضمنا بأن قال إن حكومته "حكومة ترضيات ومحاصصة ومن دفع في هذا الاتجاه واعتمد الحكومة بهذا الشكل هم النواب"، في إشارة إلى أنها شكلت من كل أطياف المناطق الليبية ردا على اتهامات النواب للحكومة بتكريس المركزية في طرابلس وتهميش غيرها من المناطق. 

وفي رد ضمني آخر على اتهامات صالح وما حمله بيان 29 نائبا بشأن إخفاق الحكومة في توفير متطلبات مكافحة وباء كورونا وأزمة الكهرباء ودعم الانتخابات، استعرض الدبيبة أعمال الحكومة في الملفات ذاتها، ليخلص إلى القول إن كل ذلك حدث دون أن تتلقى حكومته أي تمويل. 

وفي إشارة لتحديه للمجلس، لفت إلى أن حكومته تبحث عن مصادر تمويل بديلة لإنجاز خطوات في هذه المجالات، معلنا عن خطة للتنمية تحت اسم خطة "عودة الحياة"، يبدأ تنفيذها بداية من أكتوبر/تشرين الأول، وتشمل مجالات البنية التحتية، الكهرباء، تحريك عجلة الاقتصاد، وستكون موزعة على كل مناطق ليبيا.  

وعلى الرغم من تركيز الدبيبة في أغلب كلمته للرد على اتهامات مجلس النواب بشأن تبويب الميزانية وحجمها، ومن ذلك أن النواب من رفعوا حجم الميزانية بأن طالبوا بزيادة المرتبات، فإن الباحث الليبي في الشأن السياسي بلقاسم كشادة يرى أن الخلافات بين الطرفين أوسع من قضية الميزانية. 

ويقول كشادة، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "عداء مجلس النواب للحكومة حلقة تضاف لسلسلة من الإرباكات التي يسعى عقيلة وحلفاؤه إلى توسيعها لعرقلة وصول البلاد إلى مرحلة الانتخابات، ومنها فوضى قانون انتخابات رئيس الدولة الذي ترك معلقا دون البت فيه"، معبّرا عن خشيته من استخفاف الدبيبة وشركائه في الحكومة مما يدبر لها في الكواليس. 

وأضاف أن "دعوة الدبيبة للنواب في مكتبه الحكومي كانت رسالة مستفزة؛ فبدلا من أن يذهب لاستجوابه، بدا في الاجتماع وكأنه من يستجوب النواب"، معتبرا أن الدبيبة "استبق ليل البارحة جلسة النواب وأرسل رسالة تحدٍّ يقول فيها إنني لست في حاجة لكم عندما أعلن عن خطة تنمية ثلاثية وأبحث عن مصادر تمويل بديلة". 

وفي الأثناء، سرّبت وسائل إعلام ليبية معلومات حول عودة حلف عقيلة صالح ووزير الداخلية الأسبق فتحي باشاغا للظهور مجددا، بعد أن سقطت قائمتها أمام قائمة الدبيبة والمنفي خلال جولات الانتخابات التي أجراها ملتقى الحوار السياسي في فبراير/شباط الماضي. 

كلمة الدبيبة، ليل البارحة، تخدم أهداف صالح في سكة سعيه لإحياء الفدرالية في ليبيا

ووفقا لتلك التسريبات، فإن باشاغا التقى بصالح في القاهرة أثناء لقاء الأخير بالسفير الأميركي ريتشارد نورلاند هناك، الأسبوع قبل الماضي، وبدأا العمل على تشكيل بديل عن حكومة الدبيبة في حال نجاح صالح في إسقاطها عبر مجلس النواب. 

تقارير عربية
التحديثات الحية

لكنه سيناريو لا يقبله الواقع ولن يكون مقبولا من الأطراف الدولية القريبة من الملف الليبي، بحسب كشادة، وقال: "صحيح أن قائمة صالح وباشاغا هي الثانية بعد قائمة الدبيبة والمنفي، لكن إسقاط الحكومة لا يعني إسقاط المجلس الرئاسي، ما سيبقي إشكالية تقسيم السلطة التنفيذية محل جدل غير مقبول"، مشيرا إلى أن "إقدام مجلس النواب على إسقاط الحكومة لن يمكنه من تشكيل غيرها، فهي ليست من صلاحياته، وفقا لخارطة الطريق التي حددت صلاحيات النواب في منح الثقة وإقرار الميزانية بالإضافة للإعداد للانتخابات". 

لكن في المقابل، يرجح الناشط السياسي الليبي أحمد العمامي أن يقدم عقيلة صالح على هذه الخطوة، معتبرا أن "هدفه تعقيد المشهد أكثر وليس التقيد بخارطة الطريق وتقويضه ااتفاقيات التسوية السابقة خير دليل". 

ويرى العمامي ، خلال حديثه لــ"العربي الجديد"، أن "كلمة الدبيبة، ليل البارحة، تخدم أهداف صالح في سكة سعيه لإحياء الفدرالية في ليبيا، خصوصا مع بروز أنباء عن الإعلان في طرابلس عن مكتب سياسي لإقليم طرابلس الغرب، في إشارة لما تناقلته وسائل عن إعلان عدد من النشطاء والشخصيات السياسية عن إنشاء "إقليم طرابلس الغرب"، لكن لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الخطوة حتى الآن. 

ويرى العمامي أن "تعنت الدبيبة سيزيد في حال سحب النواب الثقة منه وسيتمسك بحكومته، ما سيتيح لصالح الإعلان عن حكومة من جانبه، وبالتالي يصبح لا مناص من فرض الحل الفدرالي الذي بدأ الحديث عنه يشيع في بيانات وتصريحات نواب الشرق الليبي وعلى لسان صالح نفسه".