لم تكد تمر بضعة أيام على اعتذار المستشارة أنجيلا ميركل، وعودتها عن القرار بالإقفال الشامل خلال عيد الفصح لمدة خمسة أيام، قائلة: أطلب المسامحة، هذا الخطأ هو خطأي فقط"؛ حتى عادت، خلال مقابلة لها مع القناة الأولى في التلفزيون الألماني، مساء الأحد، للضغط على المعترضين من رؤساء وزراء الولايات للعمل بتوجيهات حكومتها، مدافعة عن طرحها بخصوص الحماية الصارمة من كورونا وتحديد قيود الخروج والتواصل، مع تزايد أعداد المصابين والوفيات مجدداً في البلاد. وفيما يبدو أن المستشارة مصممة وبطريقة أكثر حدة لوضع الجميع أمام مسؤولياتهم وسط حال من الاستياء والقلق.
حديث المستشارة لاقى اعتراضات واسعة من قبل رؤساء حكومات الولايات والمسؤولين الحزبيين، بعد أن تحدثت بوضوح عن أن الحكومة الاتحادية يمكنها التصرف إذا لم تتخذ الولايات الإجراءات اللازمة، ومحذرة من أنه إذا لم تطبق التدابير "في المستقبل المنظور للغاية" فسيتعين التفكير في كيفية تنظيم ذلك على المستوى الاتحادي، وهذا هو واجبي". مضيفة: "إذا لزم الأمر سنعدل قانون الحماية من العدوى مرة أخرى لإجبار الولايات على التصرف، لن أقف مكتوفة الأيدي لمدة 14 يوماً".
وقد اعترض على طرح ميركل نائب رئيس الحزب الليبرالي الحر فولفغانغ كوبيكي، الذي قال لصحيفة "بيلد": " إن ميركل ليست مشرّعة"، في إشارة إلى أن الأمر يتطلب جلسة خاصة للبوندستاغ للموافقة على تعديل القانون، وهذا ما أوضحه أيضاً السياسي عن الاشتراكي الديمقراطي يوهانس فيشنر، مبرزاً أنه لا يمكن للمستشارة تعديل قانون الحماية من العدوى بمفردها، وأوضح أنه لا يتوقع عقد جلسة بخصوص هذا الموضوع قبل عيد الفصح. وفي الإطار ذاته، قال الخبير الدستوري كريستوف مولرز مع "شبيغل أونلاين": إن المادة 74 من القانون الأساسي، وفي الفقرة الأولى منها تمنح الحكومة الاتحادية الصلاحية بالمطالبة بالتعديل، في ما يخص التدابير ضد الأمراض الخطيرة أو المعدية ضد الإنسان والحيوان ، وعلى عكس الأمور التشريعية الأخرى، دون تبرير الحاجة إلى تنظيم فيدرالي موحد.
وفي الشأن نفسه، أيد رئيس الاجتماعي المسيحي، الحزب الأصغر في الاتحاد المسيحي، ورئيس حكومة ولاية بافاريا ماركوس سودر، في مقابلة مع "إيه أر دي الإخبارية"، موقف ميركل، مشيراً إلى أنه سيدعم خطوة المستشارة، إذا ما أخذت زمام المبادرة لتعديل القانون ووضع مبادئ توجيهية واضحة. وأوضح أن اعتماد إجراءات صارمة سيكون منطقياً، وتطبيق القانون الفيدرالي سيكون أفضل في الأزمات. وهو ما أيده أيضاً رئيس وزراء ولاية تورينغن بودو راميلو، مشيراً مع وكالة الأنباء الألمانية، اليوم الإثنين، إلى أن الأمر جيد، إنما يجب أن يكون في إطار موحّد.
أما رئيس كتلة اليسار ديتمار بارتش، فتحدث عن "ظروف فوضوية" في إدارة الأزمة بين الحكومة الاتحادية وحكومات الولايات، مبدياً انفتاحه بشكل عام على التعديلات، ومؤيداً أن تتولى الحكومة الاتحادية المسؤولية لجعل القواعد الموحدة ملزمة. في المقابل، دافع عدد من رؤساء حكومات الولايات عن الفيدرالية وإجراءاتهم بعد انتقادات المستشارة لتصرفاتهم مع تزايد أعداد المصابين بالعدوى في البلاد.
ويعتبر محللون أن رفع المستشارة سقف مواقفها يعود لكونها ضاقت ذرعاً ببعض المسؤولين في الولايات، الذين خففوا أو تجاهلوا تماماً المبادئ التوجيهية لتدابير الحماية من كورونا، التي تم تبنيها بشكل مشترك من قبل الحكومة الفيدرالية وحكومات الولايات. ورغم أن ميركل معروفة برصانتها؛ فإنها لم تتردد في الحديث عن أن البعض لا يدرك الجدية، وأن الولايات ملزمة بتنفيذ القرارات المشتركة بشكل فعال وسريع، وغامزة من أن البعض في البلاد غير مدرك خطورة الوضع ، في ظل تصاعد خطر المتحورات الجديدة للفيروس التي أصبحت أكثر فتكاً وعدوى.
وفي السياق، أشارت صحيفة "دي تسايت" إلى أن تكتيكات ميركل السياسية، ومهما كانت معقدة لا تفيد المواطن إذا استمر النظام الصحي بالانهيار، وما يمكنها فعله هو تمرير قانون فيدرالي من غالبية الائتلاف الكبير، يمكّنها من الإغلاق المشدد كما يدعو العديد من أطباء العناية المركزة، بدون موافقة الولايات الفيدرالية إذا لزم الأمر.