برّاك يواصل جولته في بيروت على وقع تفاؤل "حذر" واعتراضات داخلية على ردّ لبنان

23 يوليو 2025   |  آخر تحديث: 14:09 (توقيت القدس)
براك يلتقي الرئيس اللبناني عون، بيروت 21 يوليو 2025 (الرئاسة اللبنانية)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يواصل الموفد الأميركي توماس برّاك جهوده في لبنان لحل الصراع مع إسرائيل، مقترحاً سحب سلاح حزب الله بجدول زمني وآلية تنفيذية، مع التأكيد على الحوار المستمر ودور رئيس البرلمان نبيه بري.
- قوبلت مقترحات برّاك بمذكرة لبنانية شاملة تدعو لبسط سلطة الدولة وحصر السلاح بيد القوى المسلحة اللبنانية، مع التركيز على مرجعية قرار الحرب والسلم وإعادة الإعمار بدعم دولي.
- انتقد حزب القوات اللبنانية بقيادة سمير جعجع تعاطي الرؤساء اللبنانيين مع الورقة الأميركية، مطالباً بالشفافية وإعلان تفاصيل المذكرة للرأي العام.

يواصل الموفد الأميركي توماس برّاك جولته اللبنانية في إطار الحراك الذي يقوده للتوصّل إلى حلٍّ ينهي الصراع بين لبنان وإسرائيل والذي على مساره قدّم مقترحات في 19 يونيو/حزيران الماضي ترتكز على ضرورة الإسراع في إنجاز سحب سلاح حزب الله وفق جدول زمني وآلية تنفيذية واضحة، إلّا أنها لا تزال قيد الأخذ والردّ وسط تمسّك لبنانيّ بأولوية وقف الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي اللبنانية. وقال برّاك، بعد لقائه البطريرك الماروني بشارة الراعي اليوم الأربعاء، إنّ "الوقت حان للالتقاء معاً حول مسألة معقّدة"، مشيراً إلى أنه أتى في زيارة لتقديم النصح ونعمل على المعالجة منذ أربعة أسابيع وهذا مسارٌ معقّدٌ. ولفت برّاك إلى أنه يتفهّم الصعوبات، مشيراً إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب يريد أن ينجح لبنان".

وفيما أشار برّاك إلى "أننا لا نعلم ما ستكون النهاية"، أكد أننا "سنستمرّ في الحوار مع من ليسوا على الطاولة وسأعود مجدداً كلما تطلّبت الحاجة"، لافتاً إلى أن "رئيس البرلمان نبيه بري يبذل جهوده في حلحلة الأمور.. وعلى الحكومة أن تقرّر ما تريده، فالاستقرار أساسي وإلا فلن يأتي أحد لمساعدتكم، وحصرية السلاح نصّ عليها القانون ويجب تطبيقها، فالمطلوب قرار من الحكومة لحصر السلاح ووقف الاعتداءات، والمطلوب الصبر ليستمرّ الحوار من دون خسائر"، مشدداً على أننا نحاول أن نكون الوسيط الصريح لمعالجة الإشكالات.

ولم تكن الزيارة الثالثة لبرّاك إلى بيروت حاسمة من حيث النتائج، إذ إنّ ردّ واشنطن الأخير، الذي يرتكز على ضرورة وضع جدول زمني لتسليم سلاح حزب الله، بدءاً من الثقيل، قبل نهاية العام الجاري، قوبِل بمشروع مذكرة شاملة سلمها الرئيس جوزاف عون للموفد الأميركي يوم الاثنين باسم الدولة اللبنانية لتطبيق ما تعهّد به لبنان منذ إعلان وقف إطلاق النار في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حتى البيان الوزاري للحكومة اللبنانية مروراً بخطاب القسم.

وتشمل هذه المذكرة "الضرورة الملحة لإنقاذ لبنان، عبر بسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها بقواها الذاتية دون سواها، وحصر السلاح في قبضة القوى المسلحة اللبنانية وحدها، والتأكيد على مرجعية قرار الحرب والسلم لدى المؤسسات الدستورية اللبنانية، كلّ ذلك، بالتزامن والتوازي مع صون السيادة اللبنانية على حدودها الدولية كافة، وإعادة الإعمار وإطلاق عملية النهوض الاقتصادي، بضمانة ورعاية من قبل أشقاء لبنان وأصدقائه في العالم، بما يحفظ سلامة وأمن وكرامة كل لبنان وجميع اللبنانيين".

وخرج برّاك بعد لقائه يوم الاثنين رئيسي الجمهورية جوزاف عون والوزراء نواف سلام بتصريحاتٍ متشددة حيال حزب الله، واضعاً إياه في خانة المنظمة الإرهابية الأجنبية. ولفت إلى تداعيات عدم سير الحكومة بسحب السلاح، مؤكداً أن لا ضمانات يُمكن أن تعطى للبنان (أي في ما خصّ وقف الاعتداءات الإسرائيلية) ولا يمكن إلزام إسرائيل بشيء، إلا أنّ مواقفه عادت واتّسمت بالليونة "والأمل" بعد لقائه رئيس البرلمان نبيه بري أمس الثلاثاء، والذي قدّم له جملة مقترحات سيُصار إلى درسها.

وفي الإطار، علم "العربي الجديد"، أن بري قدّم أفكاراً للموفد الأميركي توماس برّاك، للتوصّل إلى حلّ، يرتكز على ضرورة وقف الاعتداءات الإسرائيلية وإن لفترة من الوقت، يتمّ خلالها الحوار الجدي مع حزب الله بشأن السلاح، إذ إن الحوار لا يمكن أن يبدأ في ظل استمرار الاعتداءات والخروقات الإسرائيلية، ويمكن أن يكون الانسحاب الإسرائيلي من النقاط الخمس جنوباً تدريجياً.

وبحسب المعلومات، فإنّ بري كان متمسّكاً بموقف لبنان حيال نقاط أساسية، أبرزها، مدى التزامه بتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، بعكس إسرائيل التي خرقته لأكثر من 4 آلاف مرة، ولا تزال، وقد أسفرت الخروقات عن سقوط أكثر من 200 شهيد منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، رغم قيام الجيش اللبناني بمهامه ولا سيما على صعيد جنوبي الليطاني، على مستوى تفكيك المخازن ومصادرة الأسلحة، وهو في انتظار انسحاب إسرائيل ليستكمل انتشاره. 

وقال مصدر مقرّب من بري لـ"العربي الجديد"، إنّ "الأجواء أمس كانت إيجابية جداً والاجتماع كان بنّاءً، لبنان قدّم ما لديه من أفكار وملاحظات، فالمقترحات الأميركية ليست منزلة، ونحن ننتظر الآن الموقف منها، والتفاؤل وإن كان حذراً دائماً يتقدّم على الأجواء التشاؤمية، التي يحاول البعض نشرها بفعل الضغط على حزب الله"، لافتاً إلى أن "حزب الله موقفه معروف، بأن هناك اتفاقاً قائماً يجب تطبيقه، وعلى العدو الالتزام به، وهو منفتح على الحوار بشأن السلاح داخلياً، لكن يجب وقف الاعتداءات الإسرائيلية أولاً". ووصف برّاك لقاءه أمس مع بري بـ"الممتاز"، مؤكداً أن على الجميع التحلّي بالأمل وسنحقق الاستقرار في المنطقة، مشدداً على أن "لا مشكلة في الضمانات ونحن نعمل على الحل".

جعجع: رد الدولة على المقترحات الأميركية يتماهى مع ما يريده حزب الله

في المقابل، برزت أمس الثلاثاء حملة ضدّ الرؤساء الثلاث على إثر طريقة تعاطيهم مع الورقة الأميركية، والمذكرة التي قدمت لبرّاك باسم الدولة اللبنانية، ولا سيما من جانب حزب القوات اللبنانية (يتزعمها سمير جعجع)، عبر تصريحات مسؤوليه، أو منشورات ناشطين ومناصرين تابعين له، شنّوا هجوماً يُعد الأشرس على العهد الجديد. وقال جعجع أمس الثلاثاء "تم ضرب الدستور والمؤسسات اللبنانية بعرض الحائط، فلا شيء في الدستور اسمه الرؤساء الثلاثة. إن مركز القرار التنفيذي في الدستور هو في الحكومة. إن المركز التشريعي هو في المجلس النيابي".

وأضاف "لقد سُلِّم الموفد الأميركي ردّاً لبنانياً على الطرح الذي كانت تقدمت به واشنطن من دون العودة للحكومة المعنية وفقاً للدستور بإدارة السياسة العامة في البلد، ومن دون العودة أيضاً إلى المجلس النيابي المعني الأول بسياسة البلد والسهر على أعمال الحكومة". وأشار إلى أن "ردّ أركان الدولة على بعض المقترحات الأميركية جاء متماهياً تماماً، باستثناء بعض العبارات التجميلية، مع ما كان يريده حزب الله"، مشدداً على أن "السلاح غير الشرعي في لبنان ليس مشكلة أميركية، والسلاح غير الشرعي بعد حرب 2024 لم يعد مشكلة إسرائيلية، إنما مشكلة لبنانية بالدرجة الأولى"، معتبراً أن "وجود التنظيمات العسكرية والأمنية غير الشرعية في لبنان وفي طليعتها حزب الله هشّم وجه الدولة اللبنانية وما زال".

وتابع جعجع "كما أن وجود هذه التنظيمات صادر قرار الدولة الاستراتيجي وما زال، وأن حل هذه التنظيمات أصبح مطلباً لأكثرية الشعب اللبناني، وأصبح مطلباً واضحاً لدى جميع أصدقاء لبنان في الشرق والغرب، وبالأخص لدى الدول الخليجية، وذلك كي يستعيد أصدقاء لبنان اهتمامهم به، وتقديم المساعدات المطلوبة له، إن بإخراج إسرائيل من لبنان ووقف عملياتها العسكرية، أو بتأكيد حدودنا الجنوبية وتثبيتها، أو بترسيم حدودنا الشرقية والشمالية".

وأردف "بأي منطق وحق يأتي جواب السلطة اللبنانية على المقترحات الأميركية بالشكل الذي أتى به؟ إن ما يحصل يعيدنا، ويا للأسف، سنوات وسنوات إلى الوراء، ويعرِّض لبنان لمخاطر جمة، ولمزيد من المآسي والويلات، والذين هم وراء ما حصل يتحملون مسؤولية كل ما يمكن أن يحصل". كذلك، خرجت مطالبات من بعض النواب، بينهم النائب هاكوب ترزيان بضرورة إعلان مضمون مشروع المذكرة الشاملة التي سلمت إلى برّاك أمام الرأي العام، حتى يطلع اللبنانيون على كامل بنوده وتفاصيله، بما في ذلك التعهدات والالتزامات اللبنانية، وما يسمى الضمانات الدولية الممنوحة للبنان، وذلك من منطق الشفافية.

المساهمون