برنامج إيران النووي في صلب الهجمات الإسرائيلية.. الاغتيالات وأهم المنشآت المستهدفة

13 يونيو 2025
منشأة بوشهر النووية في إيران، 6 مايو 2024 (فاطمه بهرامي/ الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهدت إيران هجمات إسرائيلية مكثفة استهدفت منشآتها النووية واغتيال ستة علماء نوويين بارزين، في ظل تهديدات إسرائيلية مستمرة ومفاوضات جارية بين إيران والولايات المتحدة بوساطة عمانية.
- بدأت عمليات اغتيال العلماء النوويين الإيرانيين منذ عام 2010، حيث استهدفت إسرائيل العلماء بشكل مباشر، ومن بين العلماء الذين تم اغتيالهم مسعود علي محمدي ومحسن فخري زادة.
- تعرضت منشآت نطنز وفوردو النووية لهجمات إسرائيلية، حيث أكدت إيران عدم وجود تسرب إشعاعي، وتعتبر نطنز الأهم لتخصيب اليورانيوم، بينما تعد فوردو أكثر تحصيناً.

جرى اغتيال 6 علماء نوويين اليوم على يد إسرائيل لا العملاء

تعرّض موقع نطنز النووي في محافظة أصفهان للهجوم عدة مرات

جاءت الهجمات الإسرائيلية في خضم المفاوضات الإيرانية الأميركية

يقع برنامج إيران النووي في صلب الهجمات الإسرائيلية، منذ فجر اليوم الجمعة، حيث جرى استهداف منشآت نووية واغتيال علماء نوويين إيرانيين، وذلك تنفيذاً لتهديدات إسرائيلية متواصلة منذ أشهر بضرب هذا البرنامج. وجاءت الهجمات الإسرائيلية في خضم المفاوضات الإيرانية الأميركية بواسطة عمان بشأن الملف النووي الإيراني؛ وقبل يومين من عقد جولتها السادسة الأحد المقبل.

اغتيال 6 علماء نوويين في إيران

اغتالت إسرائيل في هجماتها اليوم على إيران ستة علماء نوويين إيرانيين، هم:

  • رئيس كلية الهندسة النووية في جامعة بهشتي الدكتور عبد الحميد مينوجهر
  • عضو الهيئة العلمية في الكلية الدكتور أحمد رضا ذوالفقاري
  • نائب رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية أمير حسين فقيهي رئيس معهد العلوم النووية
  • العالم النووي نادر مطلبي زادة
  • رئيس جامعة أزاد الإسلامية العالم النووي محمد مهدي طهرانجي
  • الرئيس الأسبق لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية، البرلماني فريدون عباسي

عمليات اغتيال سابقة

بدأت عمليات اغتيال العلماء النوويين الإيرانيين عام 2010، أثناء المفاوضات النووية التي كانت تخوضها إيران مع المجموعة الدولية، المؤدية إلى الاتفاق النووي المبرم مع طهران يوم 14 يوليو/ تموز 2015. لكن ما يميز اغتيالات اليوم الجمعة لعلماء نوويين من سابقاتها أنها نفذت بشكل مباشر على يد إسرائيل نفسها، فيما الاغتيالات السابقة تمت عبر جواسيس وعملاء.

ففي 22 يناير/ كانون الثاني 2010، اغتيل العالم الإيراني مسعود علي محمدي، أستاذ الفيزياء بجامعة طهران، أثناء خروجه من بيته شمالي طهران عبر قنبلة فُجّرت عن بعد. واغتيل العالم النووي الثاني أستاذ الفيزياء في جامعة "الشهيد بهشتي" في طهران، مجيد شهرياري، يوم 29 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2010، بعدما ألصق راكب دراجة نارية قنبلة على سيارته في العاصمة طهران.

كما اغتيل العالم النووي الثالث داريوش رضائي نجاد يوم 23 يوليو/ تموز 2011 بخمس طلقات نارية أمام منزله في طهران. وكان رضائي نجاد طالب دكتوراه في الهندسة الكهربائية في جامعة "خواجة نصير الدين الطوسي" الصناعية. واغتيل العالم النووي الرابع مصطفى أحمدي روشن، أحد مديري منشأة نطنز كبرى المنشآت النووية الإيرانية، يوم 11 يناير/ كانون الثاني 2012 برفقة أحد موظفي هيئة الطاقة الذرية الإيرانية، وذلك بعد خروجه من بيته، إذ ألصق راكب دراجة نارية قنبلة مغناطيسية بسيارته.

وكان كبير العلماء النوويين الإيرانيين محسن فخري زادة خامس عالم نووي إيراني اغتيل في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020. ووجهت إيران أصابع الاتهام إلى الاحتلال الإسرائيلي بالضلوع وراء هذه الاغتيالات، معلنة حينها اعتقال "جواسيس وعملاء"، فيما أعدمت عناصر قالت إنهم مرتبطون بهذه الاغتيالات.

ماذا عن المنشآت النووية المستهدفة؟

من بين المواقع النووية الإيرانية، تعرّض موقع نطنز النووي في محافظة أصفهان للهجوم عدة مرات، بحسب منظمة الطاقة الذرية الإيرانية. وفيما راجت مخاوف في محافظة أصفهان الإيرانية اليوم من انتشار تلوث نووي بعد استهداف منشأة نطنز النووية فيها، أعلنت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية أن التحقيقات التي جرت تؤكد "عدم وجود أي تسرب إشعاعي وكيميائي من الموقع إلى خارجه".

وأفادت وكالة أنباء "فارس" الإيرانية شبه الرسمية، الجمعة، بأن منشأة فوردو النووية تعرّضت لهجوم. وذكرت الوكالة أن دوي انفجارين سُمعا بالمنشأة النووية الواقعة تحت الأرض في منطقة فوردو. وأشارت إلى أن نقطتين داخل المنشأة كانتا هدفاً للهجوم. وأقرّ الجيش الإسرائيلي، مساء اليوم الجمعة، بأنه هاجم المنشأة النووية في منطقة أصفهان في إيران. وجاء  بيان صادر عن الجيش: "في هذه الاثناء أكملت طائرات سلاح الجو الحربية هجوماً على المنشأة النووية التابعة للنظام الإيراني في منطقة أصفهان، بتوجيه استخباري دقيق من هيئة الاستخبارات. في المنشأة تجرى عملية إعادة تحويل لليورانيوم المخصب، وهي المرحلة التالية بعد تخصيب اليورانيوم ضمن عملية إنتاج السلاح النووي". وتابع البيان: "خلال الهجوم تم تدمير مبنى لإنتاج اليورانيوم المعدني، وبنية تحتية لتحويل اليورانيوم المخصب، ومختبرات وبنى تحتية إضافية".

وفيما انتشرت تقارير في الساعات الأولى عن استهداف مدنية خنداب وسط إيران حيث يقع فيها مفاعل المياه الثقيلة، إلا أن السلطات الإيرانية لم تؤكد استهدافها. وأكد المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، بهروز كمالوندي، في حديث مع التلفزيون الإيراني، أنه حضر صباح اليوم إلى موقع فوردو النووي على بعد 140 كيلومتراً جنوبي طهران، و"لم يتعرض الموقع لأي حادث"، موضحاً أنّ "نطنز" و"فوردو" واقعتان في أعماق الأرض. يشار إلى أن إيران أعلنت، أمس الخميس، إنشاء منشأة جديدة لتخصيب اليورانيوم تعد الثالثة في نوعها في البلاد من دون الكشف عن مكانها. كذلك، أعلنت وكالة فارس الإيرانية عن اعتداءات إسرائيلية على محيط موقع فوردو النووي في محافظة قم، مشيرة إلى سماع دوي انفجارين من المنطقة واستهداف نقطتين في المنطقة المحيطة بالموقع.

أهم المنشآت النووية الإيرانية:

  • منشأة نطنز

كانت هذه المنشأة التي تحمل اسم مجمع العالم النووي "الشهيد أحمدي روشن" هدفاً أساسياً للهجمات الإسرائيلية، حيث طاولتها عدة مرات. وأعلنت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، في بيان، أنّ الهجوم الإسرائيلي ألحق "أضراراً بأجزاء مختلفة" في منشأة نطنز، مضيفة أنّ التحقيقات جارية لمعرفة حجم الخسائر، ومؤكدة أن الهجوم لم يخلّف قتلى في الموقع.

وفيما تظهر صور جوية، نشرتها وسائل إعلام غربية، دماراً في منشأة نطنز، لا يمكن لـ"العربي الجديد" التأكد من صحتها، وصف المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، بهروز كمالوندي، في حديث مع التلفزيون الإيراني، الخسائر في نطنز بأنها "سطحية واقتصرت على المنشآت فوق الأرض وليس تحتها"، مشيراً إلى أنّ "نطنز تعرّضت لهجمات صاروخية متعددة بهدف اختراقها والوصول إلى المنشآت فيها".

تعدّ منشأة نطنز الأهم في إيران لتخصيب اليورانيوم، إذ تحتوي على أكبر عدد لأجهزة الطرد المركزي المستخدمة في ذلك. وتقع أقسام من صالات تخصيب اليورانيوم في نطنز في أعماق تراوح بين 40 إلى 50 متراً تحت الأرض، لكن لكونها تقع في صحراء مفتوحة، فإن ذلك يشكل تهديداً لها أمام هجمات جوية. غير أنّ إيران عملت على حفر شبكة أنفاق ضخمة جنوب منشأة نطنز، عام 2022، اعتبرته "نيويورك تايمز"، حينها، أكبر جهد إيراني حتى الآن لبناء منشآت نووية جديدة في أعماق الأرض قادرة على الصمود بوجه القنابل والهجمات الإلكترونية.

وأكدت منظمة الطاقة النووية الإيرانية لاحقاً صحة التقارير عن الإنشاءات المحصنة الجديدة جنوب نطنز، مشيرة إلى أن الهدف منها تعزيز التدابير الأمنية. وكذلك، نُقل مصنع لصناعة أجهزة الطرد المركزي إليها، بعدما كان يقع سابقاً في منطقة كرج، غربي طهران، بعد استهدافه عام 2021. وتعرضت منشأة نطنز لخمس عمليات تخريبية كبيرة خلال السنوات الـ15 الأخيرة.

  • منشأة فوردو

تعتبر منشأة فوردو المنشأة النووية الثانية لتخصيب اليورانيوم في إيران، وهو موقع نووي أكثر تحصيناً بين المنشآت النووية الإيرانية. عملت السلطات الإيرانية النووية على إنشائها في أعماق 90 متراً داخل جبال منطقة تحمل الاسم نفسه في محافظة قم، التي تقع بين أصفهان وطهران على بعد 160 كيلومتراً من العاصمة الإيرانية.

لم تكن المنشأة معروفة قبل سبتمبر/ أيلول 2009 عندما تسربت معلومات استخبارية أميركية وفرنسية كشفت عنها، ثم أعلنت الحكومة الإيرانية أنها بنت المنشأة في عمق الجبال لتخصيب اليورانيوم حفاظاً على أمن المواطنين، وفي إجراء احترازي في مواجهة أي هجوم جوي محتمل.

وأعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في 9 يناير/ كانون الثاني 2011 قيام إيران بتخصيب اليورانيوم بدرجة نقاء 20% لأول مرة في منشآت فوردو، فجلبت انتقادات لها من أميركا والاتحاد الأوروبي ومجلس الأمن الدولي. وفي 28 يونيو/ حزيران 2022، أعلن رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، محمد إسلامي، تشغيل طهران أخيراً أجهزة طرد مركزي جديدة في منشأة فوردو.

  • مفاعل طهران

مفاعل طهران بحثي يقع وسط العاصمة في شارع أمير أباد شمالي، ويعود إنشاؤه إلى نوفمبر/ تشرين الثاني 1967، حيث زار خبراء شركة AMF الأميركية طهران، لوضع اللبنة الأساسية للبرنامج النووي الإيراني، عبر تركيب وتشغيل مفاعل طهران للبحوث، بعدما وافقت الولايات المتحدة الأميركية عام 1959 على إهدائه إلى نظام الشاه، ضمن خطة الرئيس دوايت أيزنهاور المعروفة بـ"الذرة من أجل السلام".

وتوجد النواة المركزية للمفاعل على عمق ثمانية أمتار، بحسب موقع التلفزيون الإيراني، ولدى مفاعل طهران للبحوث "مكانة وأهمية قصوى" في البرنامج النووي الإيراني، بحسب رئيس المفاعل، الذي التقاه "العربي الجديد" في السادس من إبريل/ نيسان 2021 خلال الزيارة، مفضلاً عدم الإفصاح عن اسمه لاعتبارات أمنية.

  • مفاعل بوشهر

بدأ مشروع بناء مفاعل بوشهر النووي (المخصص لإنتاج الكهرباء) قبل انتصار الثورة في إيران عام 1979، وعقدت إيران صفقة مع شركة "سيمنز" الألمانية لبنائه، لكنها تخلت عن المشروع بعد الثورة، وتولت شركة "أتوم ستروي إكسبورت" الروسية استكماله. ودخلت المحطة الخدمة عام 2011 لإنتاج نحو ألف ميغاوات من الكهرباء. وتزود شركة روس أتوم ستروي إكسبورت الروسية هذا المفاعل الإيراني بالوقود.

وخططت إيران عام 2014 لبناء محطتين أخريين في مفاعل بوشهر، ثم بعد ذلك أطلق رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية السابق علي أكبر صالحي، خلال نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2019، عملية بناء المفاعلين من خلال صبّ الخرسانة بحضور ألكسندر لوكاشين، رئيس "روس أتوم".

  • مفاعل خنداب (أراك)

يعتبر هذا المفاعل أحد أكبر المنشآت النووية الإيرانية. يقع على بعد 5 كيلومترات من مدينة خنداب وسط إيران، بدأت عملية بنائه عام 1998 لإنتاج الماء الثقيل المستخدم في الصناعات النووية، ثم افتتح عام 2006. ظهرت أولى المعلومات عن مفاعل خونداب الإيراني، المعروف سابقاً باسم مفاعل آراك للماء الثقيل في ديسمبر/ كانون الأول 2002، عندما نُشرت صور بالأقمار الصناعية من قبل معهد العلوم والأمن الدولي.

يعتبر مفاعل أراك أحد أكبر المنشآت النووية الإيرانية

وتنتج إيران سنوياً 20 طناً من الماء الثقيل، وبحسب تصريحات سابقة للمتحدث باسم الطاقة الذرية الإيرانية، بهروز كمالوندي، تصدّر إيران هذا الماء إلى 8 دول.

  • موقع UCF

وإلى جانب منشأة نطنز، تحتضن أصفهان مركزاً نووياً مهماً آخر تحت مسمى موقع أصفهان النووي أو مركز معالجة اليورانيوم (UCF)، الذي بُني على مساحة 60 هكتاراً، وهو يشتمل على نحو 60 منشأة ومركز إنتاج تعمل في الصناعة النووية الإيرانية، منها عدة مفاعل نووية. ومن أهم النشاطات النووية في مركز معالجة اليورانيوم، انتقال الكعكة الصفراء إليه لمعالجتها، وإعدادها في عملية التخصيب لإنتاج الوقود النووي، لكن المركز لا يقوم بتخصيب اليورانيوم.

المساهمون