وافق مجلس النواب المصري، اليوم الثلاثاء، بصفة نهائية، على مشروع قانون إجراءات مواجهة الأوبئة والجوائح الصحية، الذي يمنح الحكومة الحق في فرض إجراءات وتدابير استثنائية في مواجهة الأوبئة، وتوقيع عقوبة الحبس في حال مخالفة أحد هذه الإجراءات أو التدابير، وكذلك ضد كل من يحرض على مخالفتها على مواقع التواصل الاجتماعي.
وبعد حالة من الجدال، انتهى البرلمان إلى تعديل المادة الخامسة من القانون، التي تضمنت عقوبات سالبة للحرية في حال نشر أي شائعات أو أخبار كاذبة، لتمثل باباً خلفياً لحبس الصحافيين، وذلك بإضافة عبارة "بما لا يتعارض مع قوانين الصحافة"، وهي القوانين التي تحظر حبس الصحافيين إلا في حالات التحريض على العنف أو التمييز بين المواطنين أو الطعن في أعراض الأفراد.
وادعى رئيس لجنة الصحة في البرلمان أشرف حاتم، أن المادة الخامسة من القانون لا تستهدف حبس الصحافيين، وإنما كل من يروج الشائعات عن الوضع الصحي على مواقع التواصل، إذ تقر عقوبة الحبس مدة لا تجاوز سنة وبغرامة لا تزيد على عشرة آلاف جنيه، أو بإحدى العقوبتين، لكل من حرض على مخالفة أي من الإجراءات أو التدابير المعلنة من الدولة.
وأوضح أن العقوبة المقررة تشمل كذلك كل من أذاع أو نشر، أو روج عمداً أخباراً أو بيانات أو شائعات كاذبة أو مغرضة مرتبطة بالحالة الوبائية في البلاد، وكان من شأن ذلك تكدير السلم العام أو إثارة الفزع بين المواطنين أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة.
من جهته، حذر النائب ضياء الدين داوود من توقيع عقوبات سالبة للحرية تشمل حبس الصحافيين، في حال نشر أي أخبار تخص وجود أو تفشي وباء جديد، قائلاً: "هذا التشريع هام، ويعالج حالة الفراغ التشريعي في بعض المواقع خلال الجائحة الصحية، ولكننا نرفض فرض عقوبات استثنائية تشمل حبس الصحافيين أو غيرهم".
وأضاف داوود: "لو أن هناك مركزاً بحثياً نشر معلومات عن أعداد المصابين خلال الجائحة، بصورة تخالف الأرقام الواردة في البيانات الرسمية، هل هذا سيدرج تحت اتهامات مثل إذاعة أخبار كاذبة؟"، مستطرداً "توقيع عقوبة الحبس على وقائع متعلقة بالنشر يخالف المادة 71 من الدستور".
وعقب وكيل المجلس أحمد سعد الدين، قائلاً: "الدستور المصري ألغى حبس الصحافيين في قضايا النشر، واللجنة المختصة أقرت صياغات وأحكاما قانونية منضبطة عند نظر مشروع القانون، ونأت به من شبهات عدم الدستورية، من أجل تحقيق الأهداف المرجوة منه للتصدي للآثار السلبية الناجمة عن تفشي الأوبئة، وهو الأمر الذي انتهجته العديد من الدول الأخرى"، على حد تعبيره.
بدوره، قال النائب المعين محمد الوحش: "هذا التشريع لا يعني أن مصر ستواجه جائحة جديدة، وإنما يستهدف التنظيم للمستقبل، حتى لا يتكرر ما حدث مع جائحة كورونا"، مضيفاً: "البعض يرى أن هناك قيوداً يتضمنها القانون الجديد، ولكن هذه القيود ضرورية نظراً لوقف العمل بقانون الطوارئ، والذي كان يتضمن ترتيبات وإجراءات في مواجهة الجوائح الصحية".
وقال وزير شؤون المجالس النيابية علاء الدين فؤاد، إن "قانون تنظيم الصحافة حظر حبس الصحافيين إلا في ثلاث حالات، وصياغة المادة لا تنطبق على الصحافيين، ولكن زيادة في الطمأنة الحكومة توافق على التعديل". الأمر الذي رحب به رئيس الأغلبية البرلمانية، أشرف رشاد، بقوله: "نؤيد تعديل المادة لطمأنة الصحافيين".
في السياق نفسه، قال النائب محمود بدر: "المقصود بالنشر في المادة 71 من الدستور لا يخص الصحافيين فقط، وهذا أمر مثبت في مضابط لجنة الخمسين لإعداد الدستور، ونحن نستهدف كذلك حماية الباحثين، لأن البعض محبوس في مصر بسبب النصوص والمواد السالبة للحرية".
وقالت النائبة مها عبد الناصر، "الموضوع لا يقتصر على الصحافيين فقط، وإنما يشمل أي شخص يعمل في جهة تتابع الحالة الوبائية مثل مراكز الأبحاث، وقد يكون معرضاً للحبس، وكان أولى بالبرلمان حذف المادة بدلاً من تعديلها". كذلك قالت النائبة مي جبر إن العقوبات الواردة في القانون مبالغ فيها، ويصعب فيها إثبات تعمد الضرر بالدولة، لا سيما في القضايا العامة التي تهم الشأن العام.
وقال وزير المجالس النيابية، معقباً: "المقصود بالترويج عمداً للشائعات والأخبار الكاذبة ليس المراكز البحثية، والعاملين فيها، وإنما الأشخاص العاديون ينشرون الأخبار المغلوطة على مواقع مثل (فيسبوك) و(تويتر)"، وفق قوله.
وكان عضو مجلس نقابة الصحافيين المصرية محمود كامل، قد تقدم بطلبات لإدراج 3 ملفات عاجلة ضمن جدول أعمال اجتماع المجلس المقبل، أولها يتعلق بأزمة قانون مواجهة الأوبئة والجوائح الصحية، وتضمنه مادة غير دستورية تجيز حبس الصحافيين في قضايا النشر.
وتتعاظم فرص حبس الصحافيين المصريين، في ترسانة القوانين والتشريعات التي صدرت على مدار السنوات الماضية.
وعادة ما يندرج تحت عبارة "الأمن القومي والسلم والأمن العام" كل ما يتعلق بانتقاد الأداء السياسي للنظام المصري، وبموجب هذه المادة، يتم القبض على عدد كبير من الصحافيين والإعلاميين، فضلاً عن إغلاق صحف وحظر مواقع تحت دعوى الإخلال بالأمن القومي.
وعكف النظام المصري خلال السنوات الماضية على إضافة المواد التي تجيز حبس الصحافيين، كما حصل في قانون الاتصالات وقانون العقوبات، وقانون مكافحة جرائم الإرهاب.
ومع أن نصوص هذه القوانين عامة، فقد استطاعت السلطات أن توجه من خلالها اتهامات إلى صحافيين وناشطين ومستخدمي مواقع التواصل، حيث تضمنت اتهامات مثل "إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ونشر الأخبار الكاذبة".
يذكر أن الإجراءات الاستثنائية الممنوحة للحكومة بموجب قانون مواجهة الأوبئة، تشمل تعطيل الدراسة جزئياً أو كلياً في المدارس والجامعات والمعاهد، وغيرها من المؤسسات التعليمية، وأي تجمعات للطلبة بهدف تلقي العلم، واتخاذ ما يلزم من تدابير بشأن امتحانات العام الدراسي، وتعطيل العمل بدور الحضانة، فضلاً عن تحديد مواعيد فتح وغلق المحال العامة، وكذلك الأمر بإغلاق هذه المحال كلها أو بعضها.
كما تشمل تنظيم أو حظر الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات والاحتفالات، وغيرها من أشكال التجمّعات، وكذا الاجتماعات الخاصة، وتنظيم أو حظر إقامة المعارض والمهرجانات الثقافية، وغيرها من الأنشطة الثقافية، واستقبال دور السينما لروادها، أو الأندية الرياضية والشعبية ومراكز الشباب، وصالات الألعاب الرياضية، والنوادي الصحية، وتنظيم أو حظر استقبال الأشخاص بدور العبادة والأماكن الملحقة بها.
وتضمنت تلك الإجراءات حظر أو تقييد استخدام وسائل النقل العام، ووسائل النقل الجماعي المملوكة للقطاع الخاص، وإلزام المواطنين باتخاذ التدابير الاحترازية والاحتياطات الصحية المقررة من السلطات الصحية، بما في ذلك ارتداء الكمامات الواقية، وتلقي اللقاحات أثناء الوجود في أماكن محددة أو التردد إليها، وتأجيل سداد خدمات الكهرباء والغاز والمياه جزئياً أو كلياً، أو تقسيطها، ومد آجال تقديم الإقرارات الضريبية، وكل أو بعض الضرائب المستحقة لمدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر، قابلة للتجديد لمدد أخرى مماثلة.
كذلك تتضمن تقسيط الضرائب، أو مد آجال تقسيطها لمدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر، قابلة للتجديد لمدد أخرى مماثلة، وتقسيط أو إسقاط مقابل الانتفاع بالمال العام والوسوم، أو مقابل الخدمات المستحقة نظير الخدمات التي تقدمها الدولة أو أي من أجهزتها جزئياً أو كلياً، وتنظيم أو حظر تصدير بعض السلع والمنتجات إلى خارج البلاد.
وتشمل الإجراءات الاستثنائية وضع قيود على تداول بعض السلع والمنتجات، أو نقلها أو بيعها أو حيازتها، وتحديد سعر بعض الخدمات أو السلع أو المنتجات، وتقرير دعم مالي أو عيني للقطاعات الاقتصادية المتضررة، وتحديد قواعد للمنشآت والشركات والمشروعات المختلفة، وإلزام القادمين للبلاد من الخارج بالخضوع لإجراءات الحجر الصحي، وإجراء بعض الفحوصات الطبية، وفقاً للاشتراطات الصحية التي تقرها الجهات المختصة.
وتشمل أيضاً وقف سريان مواعيد سقوط الحق، والمواعيد الإجرائية الخاصة بالتظلمات الوجوبية والدعاوى والطعون القضائية، وغيرها من المواعيد والآجال المنصوص عليها في القوانين والقرارات التنظيمية، وتحديد طريقة جمع التبرعات المالية والعينية، وقواعد تخصيص هذه التبرعات والإنفاق منها، وتحديد أسعار العلاج في المستشفيات الخاصة، وفرض الرقابة على أعمال المختبرات العلمية والبحثية والمعملية، وتخصيص مقار بعض المدارس ومراكز الشباب وشركات قطاع الأعمال العام، وغيرها من الأماكن المملوكة للدولة، لتجهيزها كمستشفيات ميدانية مؤقتة.