استمع إلى الملخص
- يعاني البرلمان من تأجيل الجلسات بسبب عدم اكتمال النصاب، وقررت رئاسة البرلمان إيقاف رواتب النواب المتغيبين، مما أثار انتقادات حول أداء الدورة البرلمانية الحالية.
- تؤثر الاتفاقات السياسية على عمل البرلمان، حيث تعطل القوى الكبيرة تمرير قوانين معينة، مما أدى إلى شلل البرلمان وفشله في أداء مهامه الرقابية.
في خطوة مفاجئة قررت رئاسة البرلمان العراقي إنهاء الفصل التشريعي الأول، بعد شهرين من إخفاق البرلمان في عقد أي جلسة مكتملة، بفعل خلافات سياسية حادة بين القوى والكتل البرلمانية حيال عدد من القوانين المطروحة للتصويت، أبرزها قانون "الحشد الشعبي"، الذي يشهد تباينات كبيرة بين القوى السياسية العربية الشيعية ذاتها.
وفي ساعة متأخرة من ليل أمس الثلاثاء، أعلنت رئاسة البرلمان إنهاء الفصل التشريعي الحالي، وقالت في بيان مقتضب نشرته وكالة الأنباء العراقية، (واع) إنه "استناداً إلى دستور جمهورية العراق قررت رئاسة المجلس إنهاء الفصل التشريعي الأول من السنة التشريعية الرابعة - الدورة الانتخابية الخامسة، وذلك يوم الجمعة المقبل".
وإعلان انتهاء الفصل التشريعي الأول للبرلمان في سنته التشريعية الرابعة، يعني أن البرلمان لن يعود إلى الانعقاد قبل منتصف الشهر القادم. ومنذ نحو 6 أشهر لم يعقد البرلمان العراقي إلا 10 جلسات فقط، وخلال آخر شهرين لم يعقد ولا جلسة واحدة، رغم محاولات رئيسه محمود المشهداني، إلا أن نصاب الجلسات يكسر بسبب تغيب أكثر النواب.
وغالبًا ما يشهد البرلمان العراقي تأجيلًا متكررًا لعقد جلساته بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني، حيث يواجه المجلس صعوبة في جمع العدد الكافي من الأعضاء للحضور، مما يعرقل سير عمله التشريعي والرقابي، مع العلم أن رئاسة البرلمان كانت قد قررت إيقاف صرف رواتب النواب المتغيبين عن الجلسات، باستثناء من يقدم عذراً رسمياً مقبولاً من هيئة الرئاسة، وذلك بعد تكرار الإخفاق في عقد الجلسات.
في السياق، قال عضو مجلس النواب عادل الركابي، إن "هذه الدورة البرلمانية تعد من أسوأ الدورات التي شهدتها الحياة السياسية منذ عقدين، وإنها دون الطموح ولم تقدم الكثير للعراقيين، والمسؤولية تقع على عاتق رئاسة مجلس النواب التي من المفترض أن توجه العقوبات للنواب المتغيبين وحتى الكتل السياسية التي تحث على عدم الحضور في الجلسات".
وأضاف الركابي أن "رئاسة البرلمان عليها أن تعاقب كل المتغيبين، خصوصاً أن بعض النواب لا يحضرون معظم الجلسات وكأن البرلمان ليس مكان عملهم وخدمتهم"، موضحاً لـ"العربي الجديد"، أن "البرلمان لم يكن ضعيفاً إلى هذا الحد عندما كان محمد الحلبوسي رئيساً له".
أما عضو اللجنة القانونية في البرلمان العراقي محمد عنوز، فقال لـ"العربي الجديد"، إنّ "الاتفاقات السياسية والحزبية هي التي تؤثر على عمل البرلمان (..) لو لم تكن هناك إرادة سياسية على إضعاف البرلمان لما حدثت هذه المشكلات"، موضحاً أن "البرلمان الحالي أخفق في استجواب الوزراء (..) يوجد ملاحظات كثيرة بشأن مراقبة دوائر الدولة والمسؤولين، ناهيك عن الإخفاق الكبير في التشريع، وهذا يعكس وجهة النظر السياسية إزاء الحالة السياسية بشكلٍ كامل، ومع ذلك فإن الأحزاب باشرت بالتحرك والتحضير للانتخابات التشريعية المقبلة، مع العلم أن البرلمان الحالي لم يقدم أي شيء".
كما أكد عضو في اللجنة القانونية اشترط عدم ذكر اسمه لـ"العربي الجديد"، أن "القوى السياسية الكبيرة من عطلت المجلس، ولم ترد له إلا تمرير قانون الأحوال الشخصية، الذي لم يمرر إلا بمقابل قانوني العفو العام وإعادة عقارات الدولة". وقال إن "القوى السياسية المتنفذة في الإطار التنسيقي أرادت للبرلمان أن يعمل ضمن اشتراطاتها، وأن تمرر القوانين التي تريدها، ومنها قانون الحشد الشعبي، وبخلافه تقاطع الجلسات".
وأضاف "بالفعل تمت المقاطعة والتعطيل خاصة مع فشل ائتلاف دولة القانون (بزعامة نوري المالكي) بطرح قانون تعديل قانون الانتخابات"، مشيراً إلى أن "التوجه نحو تسيير البرلمان وفق إرادة أحادية الجانب تسببت بشلله وتعطيل جلساته". ولم يستجوب البرلمان العراقي في دورته الحالية أي وزير، ومن بدرجته، وتم تعطيل الاستجوابات من قبل القوى التي ينتمي إليها الوزراء، وهو ما عُد إخفاقاً في الدور الرقابي للبرلمان.
ووضعت قوى سياسية عراقية ضمن تحالف "الإطار التنسيقي" الحاكم في البلاد، شروطاً لحضور جلسات البرلمان المعطّلة منذ أشهر، مؤكدة أن عدم إدراج القوانين التي تريدها سيمنع حضورها الجلسات، الأمر الذي دفع باتجاه تعطيل الدور التشريعي والرقابي للبرلمان. وأقرّ رئيس البرلمان العراقي محمود المشهداني أخيراً أن تعطيل جلسات البرلمان هو بسبب قيادات الصف الأول وليس النواب، وكان قد قرر (المشهداني) مطلع العام 2025 فرض غرامة مالية قدرها مليون دينار عراقي على النائب المتغيب عن الجلسة الواحدة، ونشر أسماء النواب المتغيبين في الموقع الإلكتروني الرسمي للمجلس، معتبراً أن الدورة البرلمانية الحالية "بائسة".