بداية مشوشة لإدارة ترامب وسط بلبلة في الخطاب والأولويات

24 يناير 2025
الرئيس الأميركي دونالد ترامب، واشنطن 21 يناير 2025 (جابين بوتسفورد/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهدت إدارة ترامب في بدايتها فوضى وقرارات متعارضة مع القانون، مما استدعى تدخل القضاء وأثار تساؤلات حول جاهزيتها.
- محليًا، أثارت قرارات مثل إلغاء حق الجنسية والعفو عن محكومي اقتحام الكونغرس اعتراضات قانونية وسياسية، مما زاد المخاوف من سياسة "الانتقام".
- خارجيًا، ركزت الإدارة على الشرق الأوسط وأوكرانيا، مع تحركات غير واضحة واهتمام بقضايا مثل قناة بنما، مما يهدد بأزمات جديدة.

من الشائع، وبصرف النظر عن مدى صحته، أن تكون المئة يوم الأولى من حكم الرئيس الأميركي الجديد بمثابة اختبار مبكر وعنوان عريض لرئاسته. إلا أن الأيام الأربعة التي مضت على عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض لا تصلح بعد للتقييم ولا للحكم على إدارته، التي لم تحز معظم تعييناتها بعد على موافقة مجلس الشيوخ.

ويمكن القول إنها كانت بداية في أحسن أحوالها مشوشة وانعكس ذلك في خطاب ترامب غير المتماسك، كما في أولوياته المرتبكة والغامضة في شقها الخارجي أو المتعارضة منها مع القانون في شقها الداخلي، بما استدعى تدخل القضاء لوقف تنفيذ بعضها. وبذلك تكوّنت صورة مبكرة عن انطلاقة رئاسية تسودها الفوضى والبلبلة، ما ترك الانطباع بأن الإدارة إما غير جاهزة بعد أو أنها ليست حاسمة في خياراتها حتى الآن.

هذه الصورة رسمها ما صدر عن البيت الأبيض وبعض المسؤولين منذ خطاب التنصيب، الاثنين الماضي، ولغاية كلمة ترامب التي وجهها أمس الخميس عبر الفيديو إلى المنتدى الاقتصادي العالمي المنعقد في دافوس بسويسرا. وعلى المستوى المحلي أثارت تصريحات الرئيس، وعدد من القرارات التنفيذية التي اتخذها، زوابع من الاعتراضات القانونية والإدارية والسياسية، في واحد منها ألغى حقاً كفله الدستور والمعروف بحق الجنسية للمولود على الأرض الأميركية بقطع النظر عن جنسية الوالدين، وتعرض ترامب لأول انتكاسة عندما سارعت المحكمة بناءً على طلب عاجل وقضت بتجميد قراره. كما هبّت عاصفة من الردود والإدانات على العفو العام الذي أصدره لإخلاء سبيل مئات المحكومين في قضية اقتحام مبنى الكونغرس في السادس من يناير/ كانون الثاني 2021.

هذه الردود إضافة إلى حالة الإحباط التي تسببت بها قرارات إدارية بوقف العمل بمؤسسات معينة، أو وقف الإنفاق في غيرها، عززت المخاوف من سياسة "الانتقام" التي كان ترامب قد توعّد بها، مع كل ما قد يؤدي إليه ذلك من تأزم محلي قد يتفاقم إذا ما اندلعت الحرب التجارية التي يهدد بها من خلال رفع التعرفة الجمركية بنسبة عالية على المستوردات الخارجية، والذي لا بدّ أن تنعكس ارتداداته على سياسة الإدارة الخارجية، خاصة أنها تبدو منفتحة على المزاجية والمفاجآت.

أوحى ترامب أثناء الحملة الانتخابية وبعد فوزه بالرئاسة أن أولوياته تتراوح، كما كان الأمر في عهد جو بايدن، بين أوكرانيا والشرق الأوسط والصين. وكثيراً ما كرر عزمه على "وقف الحروب" وطرح المبادرات والمخارج. وما عزز الاعتقاد بأن إدارته عازمة على إعطاء الأولوية للشرق الأوسط انخراطها بشكل فعّال في تحقيق وقف النار في غزة، كما سبق ولمح أكثر من مرة إلى عزمه على الإسراع في فتح ملف حرب أوكرانيا.

وبعد تسلّم ترامب سلطاته تبدّلت خريطة تحركاته، إذ سيقوم وزير خارجيته ماركو روبيو بعد أيام قليلة، ربما في أوائل فبراير/ شباط، بزيارة إلى خمس بلدان في أميركا الوسطى يبدؤها بزيارة بانما، الدولة التي يطالبها ترامب بإعادة القناة التي تربط المحيطين الأطلسي والهادئ، حيث عادت ملكية القناة إلى الدولة الأم وفق معاهدة بين بين البلدين وافق عليها الكونغرس في 1977، وتهدد هذه المطالب باندلاع أزمة كبيرة قد تحجب ما عداها لو بقي ترامب على جديته في استرجاع القناة. ولم يُذكر شيء عن مهمة زيارة روبيو فالإحاطة الصحافية اليومية في البيت الأبيض كما في وزارة الخارجية، لم تُستأنف بعد.

وعلى ما يبدو أنّ البيت الأبيض ترك حروب الشرق الأوسط وأوكرانيا للمبعوثين الخاصين، وأضيفت إيران إلى مهام مبعوث الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، الذي سيقوم بزيارة إلى المنطقة وقطاع غزة "لمراقبة وقف النار" بعد ترحيبه بانفتاح حماس على الحوار مع أميركا (كما في تصريح القيادي موسى أبو مرزوق). ورغم تصريحات ويتكوف، إلا أنّ ترامب من جهته أعرب عن "شكوكه بصمود" وقف إطلاق النار في القطاع، أما وزارة الخارجية الأميركية فنأت عن الموضوع، باستثناء كلمة للوزير روبيو بقيت في حدود العموميات إلا أنها شددت طبعاً على التزام الإدارة الجديدة بدعم إسرائيل. واللافت أيضاً أنه على الرغم من اقتراب نهاية مهلة وقف إطلاق النار في لبنان، في 26 يناير/ كانون الثاني الجاري، إلا أن الموضوع بقي خارج الاهتمام باستثناء همس فقط عن تمديده.

الأمر الواضح الوحيد حتى الآن أن البداية الصاروخية التي أوحت بها الإدارة الجديدة، كانت فقط صاروخية لجهة ما أثارته من تساؤلات تؤشر إلى المزيد من الفوضى والملابسات.

المساهمون