بحر من الخلافات بين تونس وإيطاليا

بحر من الخلافات بين تونس وإيطاليا

29 مارس 2021
لا إرادة لبحث حلول عميقة تنظّم الهجرة (Getty)
+ الخط -

يبدو البحر الفاصل بين تونس وإيطاليا عميقاً جداً وبارداً، بحر من الخلافات لا يمكن أن تخفيه بيانات الطمأنة الدبلوماسية، على الرغم من صدق النوايا أحياناً وبسبب قلة الحيلة لبلد يغرق في مشاكله الداخلية جنوب المتوسط ولا يستطيع أن يفرض شروطاً على طاولة المفاوضات، وهو حال تونس بكل صراحة. نهاية الأسبوع، توجّه وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين في الخارج، عثمان الجرندي، إلى إيطاليا، والتقى نظيره الإيطالي لويجي دي مايو، ووزيرة الداخلية لوتشيانا لمورغيزي، وتحدثت بيانات الخارجية التونسية، السبت، عن "التنسيق المتواصل بين البلدين حول عدد من المسائل المطروحة ولا سيما ملف إرجاع النفايات الإيطالية إلى مصدرها والجهود المبذولة لمكافحة الهجرة غير النظامية والعمل على معالجة جذور هذه الظاهرة"، و"تعزيز الآليات القائمة بين تونس وإيطاليا وتكثيف نسق عملها لإيجاد حلول عملية توافقية مشتركة لمجمل المسائل".

الحقيقة أن إيطاليا تتعامل مع تونس منذ سنوات بكثير من الحيف في ملف الهجرة وفي غيره من الملفات المشتركة، وهي لا تبحث عن حلول توافقية لهذا الملف كما تدعي، إلا بما يخدم مصالحها وكما تعبّر عن هذه المصلحة وجهة نظر يمين متطرف، وهي حتى لا تسمع أصواتاً إيطالية تنادي بحلول واقعية مربحة للطرفين في جهتي المتوسط.

نتذكر ما قاله عمدة باليرمو، عاصمة صقلية، ليولوكا أورلاندو، في حديث لـ"العربي الجديد" منذ ثلاث سنوات: "يوماً ما، سوف نُحاسَب مثلما جرت محاسبة النازيين... أخجل أحياناً من كوني أوروبياً، فالقانون الأوروبي مجرم". وأيضاً ما طرحه في "العربي الجديد" رئيس بلدية منطقة بريولو غارغالو الإيطالية جيوزيبي جياني من مقاربة مختلفة للتعامل مع ملف المهاجرين السريين، أكثر إنسانية، في ظل حاجة الدول الأوروبية إلى هؤلاء، تقوم على تكوين ممرات هجرة شرعية عبر صقلية.

الخلاف القائم بين تونس وإيطاليا ليس سببه عدم وجود حلول في هذا الملف أو غيره، ولكن لعدم وجود إرادة لبحث حلول عميقة تنهي الأزمة وتنظّم الهجرة. لا يزال جزء من العقلية الإيطالية يرى في جنوب المتوسط جزءاً من مستعمراته، يطأ تونس مروراً إلى ليبيا، ويتوهم أنه يسيّر أفريقيا من روما العظيمة، ويلقي بفضلاته في أراضيها بلا رقيب ولا سائل. عندما تتغير هذه العقلية لدى جزء من النخبة الإيطالية والأوروبية عموماً، سيكون المتوسط أكثر أماناً.