باكستان وأفغانستان: تصريحات متبادلة عن احتمال تجدد القتال
استمع إلى الملخص
- شهدت كابول انفجارات جديدة، بينما نفذت القوات الباكستانية ضربة جوية على قندهار، مما أدى إلى مقتل عشرات الجنود والمدنيين، واستمرار المواجهات الحدودية.
- تصاعدت الاشتباكات بين القوات الأفغانية والباكستانية، مع سيطرة القوات الأفغانية على مواقع باكستانية، واستمرار حركة نزوح الأهالي من المناطق الحدودية.
قال وزير الدفاع الباكستاني، خواجه آصف، في حديث مع قناة محلية باكستانية، إن بلاده "لا ترجح أن يستمر وقف إطلاق النار مع أفغانستان طويلاً"، وذلك بعد أن أعلنت باكستان أنها اتفقت مع حكومة طالبان في أفغانستان على "وقف مؤقت لإطلاق النار" لمدة 48 ساعة اليوم الأربعاء.
ومن جهة أخرى نقل مصدر استخباراتي في حكومة طالبان لـ"العربي الجديد" أن باكستان "تستعد لحرب أطول"، وأن "الجيش الباكستاني في الأصل ينفذ تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي قال إن طالبان إذا لم تسلّم قاعدة باغرام للأميركان فستكون النتائج سيئة". وأوضح المصدر أن "هذه الحرب ليست بإرادة باكستانية بل جنرالات الجيش ينفذون التهديد الأميركي"، وأضاف: "لكن مفاجآتنا ستدهشهم لقد ضربنا اليوم بطائرات انتحارية بلا طيار مراكز الاستخبارات في العمق الباكستاني، وهناك الكثير من المفاجآت قادمة، باكستان سوف تندم كثيراً".
وفي وقت سابق من اليوم الأربعاء، قالت باكستان إنها اتفقت مع حكومة طالبان في أفغانستان على "وقف مؤقت لإطلاق النار مؤقت" لمدة 48 ساعة، وذلك بعد اندلاع قتال جديد بين الجارتين. وذكرت وزارة الخارجية الباكستانية في بيان أن باكستان وأفغانستان "ستبذلان جهودا صادقة من خلال الحوار لإيجاد حل إيجابي لهذه القضية المعقدة التي لا تزال قابلة للحل".
في غضون ذلك، سُمع دوي انفجارين جديدين مساء الأربعاء في وسط كابول، على ما أفاد مراسلو وكالة فرانس برس. وقال المتحدث باسم حكومة طالبان ذبيح الله مجاهد إن صهريج نفط انفجر بالإضافة إلى محول كهربائي، مما تسبب في اندلاع حرائق في العاصمة الأفغانية، حيث جابت سيارات الإسعاف وسط المدينة.
ونفذت القوات الباكستانية، في وقت سابق، ضربة جوية على إقليم قندهار، جنوب أفغانستان. وجاء ذلك فيما قُتل عشرات الجنود والمدنيين لدى تجدد المواجهات الحدودية بين باكستان وأفغانستان الأربعاء، بحسب ما أفاد مسؤولون من جانبي الحدود، مع دخول الاشتباكات أسبوعها الثاني. واتّهم الجيش الباكستاني في أعمال العنف الأخيرة طالبان الأفغانية بمهاجمة نقطتين حدوديتين في جنوب غرب وشمال غرب البلاد. وقال الجيش في بيان: "للأسف جرى الهجوم في منطقة تضم قرى مقسومة على الحدود، مع الاستخفاف بمصير المدنيين".
وأفاد الجيش بأنه "جرى التصدي للهجومين"، فيما قتل 20 مقاتلا من طالبان في هجمات قرب سبين بولدك على الجانب الأفغاني من الحدود في ولاية قندهار الجنوبية صباح الأربعاء. وأشار إلى أن 30 آخرين يُعتقد أنهم قتلوا في المواجهات الليلية على طول حدود باكستان الشمالية الغربية. من جانبها، أفادت حركة طالبان الأفغانية بأن 15 مدنيا قتلوا وأصيب العشرات بجروح في الموجهات التي وقعت قرب سبين بولدك، وبأن "اثنين أو ثلاثة" من مقاتليها لقوا حتفهم أيضا.
وأفاد الناطق باسم حكومة طالبان، في بيان في وقت سابق اليوم، إنّ 12 مدنياً قُتلوا، وأصيب أكثر من 100 آخرين، جراء استهداف القوات الباكستانية لمناطق سكنية على الجانب الأفغاني. كما أكد مجاهد أن القوات الأفغانية قامت بعملية معاكسة ضد القوات الباكستانية، ولا يزال الوضع متوتراً للغاية، مشدداً على أنه "على الجانب الباكستاني أن يدرك أن القوات الأفغانية لن تقبل أي مساومة على سيادتها".
وقال مصدر في وزارة الدفاع الأفغانية إن المعارك بين القوات الأفغانية والقوات الباكستانية توقفت على منفذ سبين بولدك، بعد أن استمرت لسبع ساعات، وذلك بطلب من الجانب الباكستاني الذي جاء عبر الوساطة القبلية، مؤكداً أن القوات الأفغانية عادت إلى مواقعها بعد أن سيطرت على مراكز للقوات الباكستانية، منها مديرية الجمارك. واندلعت الاشتباكات قرب مقر الجمارك على الجانب الباكستاني، وهو يبعد نحو نصف كيلومتر عن منفذ سبين بولدك، الذي فجرت قوات "طالبان" البوابة الرئيسية فيه.
وذكر مصدر في "طالبان"، لـ"العربي الجديد"، أن "قواتنا تلاحق القوات الباكستانية داخل أراضيها، ونستهدف بالأسلحة الثقيلة مقر الجيش والقوات شبه العسكرية في مدينة تشمن الحدودية الباكستانية"، مؤكداً أن هناك عدداً من القتلى والجرحى من القوات الباكستانية لدى قوات طالبان جرى إلقاء القبض عليهم خلال الهجوم المعاكس. وحصل "العربي الجديد" على مشاهد حصرية لمنفذ سبين بولدك بعدما فجرت قوات طالبان بوابته الرئيسية، كما تظهر المشاهد بعض قتلى قوات باكستان.
إلى ذلك، قُتل ثلاثة مدنيين على الأقل وأصيب عدد آخر بجروح جراء سقوط صواريخ على قرية وردك كلي بمديرية سبين بولدك الحدودية بولاية قندهار الأفغانية، فيما تستمر حركة نزوح الأهالي من المديرية نحو مدينة قندهار. ولم يعلّق الجانب الباكستاني بشكل رسمي على الحادث حتى الآن، لكن الزعيم القبلي بمدينة تشمن الحدودية الباكستانية حاجي هاشم خان قال لـ"العربي الجديد"، إن الصواريخ تسقط على مواقع مختلفة من مدينة تشمن، وسقط بعضها قرب المقار الحكومية والعسكرية، كما تعرض مقر للجيش الباكستاني قرب محطة القطارات للاستهداف بالأسلحة الثقيلة، ولا تزال أعمدة الدخان تتصاعد منه.
ويأتي هذا التصعيد الجديد في إطار التوتر المتصاعد بين باكستان وأفغانستان بعد شنّ القوات الأفغانية ما قالت إنها "عمليات انتقامية" على طول الحدود بين البلدين في المناطق الجبلية الوعرة، بعدما اتهمت كابول الجيش الباكستاني بارتكاب انتهاكات متكرّرة لأراضيها ومجالها الجوي، ومن بين ذلك قصف العاصمة الأفغانية يوم الخميس الماضي وسوق في شرق البلاد، فيما كانت مصادر استخبارية أفغانية قد أكدت لـ"العربي الجديد" نجاة زعيم حركة طالبان الباكستانية المفتي نور ولي محسود وقيادي بارز في الحركة من قصف جوي في كابول استهدف سيارة كانا يستقلانها.