استمع إلى الملخص
- تستضيف الجزائر مؤتمراً دولياً بعنوان "جريمة ضد الإنسان والبيئة" لمناقشة تداعيات التفجيرات النووية، بمشاركة خبراء دوليين، لفتح النقاش حول الأبعاد السياسية والقانونية والبيئية والصحية.
- تطالب الجزائر فرنسا بتسليم الخرائط الطبوغرافية لمواقع التجارب النووية وتطهير المناطق المتضررة، وتسعى لإدراج مسؤولية فرنسا ضمن التشريعات البيئية الوطنية لضمان حقوق الأجيال الحالية والمستقبلية.
أكد المتحدث باسم المؤتمر الدولي حول التفجيرات النووية في الجزائر ورئيس اللجنة التحضيرية، عبد السلام باشاغا، اليوم الأربعاء، أن "التفجيرات النووية التي أجرتها فرنسا في الصحراء الجزائرية ليست مجرد حادثة عابرة، بل جريمة عابرة للأجيال، لا تزال آثارها البيئية والصحية والاجتماعية قائمة حتى اليوم"، مشيراً إلى أن هذا الملف يشكل "جزءاً من الأزمة القائمة بين الجزائر وفرنسا، والتي تعود جذورها إلى مخلفات الاستعمار وعدم تحمل باريس مسؤولياتها التاريخية".
وفي هذا السياق، تحتضن الجزائر، غداً الخميس، مؤتمراً دولياً تحت عنوان "جريمة ضد الإنسان والبيئة"، لمناقشة التداعيات المستمرة لهذه التفجيرات، التي بدأت في 13 فبراير/شباط 1960 بمنطقة رقان (أدرار)، وذلك بمناسبة الذكرى الـ65 لأول تفجير نووي فرنسي في الجزائر. ينظم المؤتمر البرلمان الجزائري، بمشاركة خبراء دوليين في الإشعاع النووي، والبيئة، والقانون الدولي، في ظل تصعيد الجزائر مطالبها لفرنسا بتحمل مسؤولية تطهير المناطق المتضررة من الإشعاعات النووية.
وأشار باشاغا، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن المؤتمر "سيفتح النقاش على كل المستويات السياسية، والقانونية، والبيئية، والصحية، حول هذه الجريمة، لدراسة سياقها وتداعياتها، وإبراز استمرار العقلية الاستعمارية في استغلال الشعوب والبلدان التي جرى احتلالها دون أي وازع أخلاقي أو إنساني".
وفي 13 فبراير 1960، فجّرت فرنسا أول قنبلة ذرية في إطار عملية "اليربوع الأزرق" في سماء رقان، مما أدى إلى كارثة بيئية وإنسانية. وقدّر الخبراء أن قوة الانفجار تراوحت بين 60 و70 ألف طن من المتفجرات، أي ما يعادل خمسة أضعاف قنبلة هيروشيما. وتشير المصادر التاريخية إلى أن فرنسا نفذت بين عامي 1960 و1966 حوالي 57 تجربة نووية في الصحراء، شملت أربعة تفجيرات جوية في رقان، و13 تفجيراً تحت الأرض بعين إيكر، إلى جانب 35 تفجيراً إضافياً في الحمودية وخمسة تفجيرات على البلوتونيوم في عين إيكر.
ورداً على سؤال حول تأخر الجزائر لعقود في طرح ملف التفجيرات النووية، أوضح باشاغا أن هذا التأخر "لا يقتصر على هذه الجريمة فقط، بل يشمل ملف الذاكرة ككل"، مشيراً إلى أن العلاقات الجزائرية-الفرنسية شهدت مراحل حاول فيها الطرفان تجاوز هذه القضايا. وأضاف: "اتضح لاحقاً أن من المستحيل بناء علاقات طبيعية دون معالجة شاملة وعادلة لمخلفات أكثر من 130 عاماً من الاستعمار، خاصة في ظل تزايد اهتمام النخب الجزائرية بملفات التاريخ، ما دفع الدولة الجزائرية إلى تسليط الضوء أكثر على جرائم الاستعمار".
ومنذ إبريل/نيسان 2022، تطالب وزارة الدفاع الجزائرية نظيرتها الفرنسية بتسليم الخرائط الطبوغرافية لمواقع التجارب ودفن النفايات النووية والكيميائية. كما جدد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، في حوار مع صحيفة فرنسية قبل أسبوعين، تمسك بلاده بالحصول على تعويضات عن هذه التجارب، مشدداً على أن "تطهير مواقع التفجيرات النووية واجب إنساني وأخلاقي وسياسي وعسكري"، مطالباً فرنسا بتحديد مواقع التفجيرات بدقة، إلى جانب معالجة ملف استخدام الأسلحة الكيميائية في واد الناموس جنوب الجزائر.
وفي ظل الأزمة الدبلوماسية المتصاعدة بين البلدين، تكثّف الجزائر طرح ملف جرائم الاستعمار ليكون وسيلة ضغط على باريس. وأكد باشاغا، عضو لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان أن الأزمة الحالية "عزّزت مناقشة هذا الملف على نطاق أوسع، خاصة أن ملف الذاكرة يُعدّ من الأسباب الرئيسية لتوتر العلاقات، حيث تماطل فرنسا في تنفيذ الاتفاقات المتعلقة به، ما يدفع الجزائر إلى الدفاع عن حقوقها التاريخية بكل قوة".
وفي سياق متصل، كشفت وزيرة البيئة الجزائرية، نجيبة جيلالي، عن اعتزام بلادها إدراج مطلب تحميل فرنسا مسؤولية إزالة المخلفات النووية ضمن التشريعات البيئية الوطنية، لضمان حقوق الأجيال الحالية والمستقبلية. وشددت الوزيرة، خلال جلسة نيابية، على أن "المتسبب في هذه الكارثة البيئية يتحمل مسؤولياته التاريخية، والأخلاقية، والقانونية، وعليه الاعتراف بالضرر الكبير الذي ألحقه ببلادنا وسكان المناطق المتضررة مثل أدرار، ورقان، وعين إيكر".