باريس وبرلين تسقطان أطناناً من المساعدات على غزة جواً رغم الانتقادات
استمع إلى الملخص
- شاركت فرنسا في الجسر الجوي الإنساني الأوروبي، بينما أعلنت ألمانيا عن تمويل إضافي لدعم برنامج الأغذية العالمي والمستشفى الميداني في غزة، مع التأكيد على التعاون مع الأمم المتحدة.
- انتقدت المنظمات الأممية عمليات الإسقاط الجوي لكونها غير فعالة ومكلفة، داعية إلى فتح المعابر البرية لإدخال المساعدات بشكل مستمر وفعال.
أسقطت فرنسا 40 طناً من المساعدات الإنسانية جواً على غزة
برلين: إسقاط 14 طناً من المواد الغذائية والإمدادات الطبية فوق غزة
مفوض أونروا: إسقاط المساعدات غير كاف ويكلف 100 ضعف النقل البري
بدأت فرنسا وألمانيا، اليوم الجمعة، إسقاط مساعدات إنسانية جواً على قطاع غزة المحاصر، رغم انتقادات المنظمات الأممية التي أشارت إلى أنّ هذه الخطوة "غير فعّالة". وأسقطت فرنسا 40 طناً من المساعدات الإنسانية جواً على غزة، وحثت إسرائيل على السماح بالوصول الكامل إلى القطاع الذي قالت إنه على حافة مجاعة. وكتب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على منصة إكس "في مواجهة الضرورة الملحة للغاية، نفذنا للتو عملية إسقاط جوي للمساعدات الغذائية في غزة. نشكر شركاءنا الأردنيين والإماراتيين والألمان على دعمهم، وأفراد جيشنا على التزامهم". وأضاف: "عمليات الإسقاط الجوي ليست كافية. يجب على إسرائيل أن تفتح المجال أمام وصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل للتصدي لتهديد المجاعة".
وقال مكتب ماكرون إن فرنسا شاركت ست مرات في الجسر الجوي الإنساني الأوروبي الذي أقامه الاتحاد الأوروبي في منتصف أكتوبر/ تشرين الأول 2023 مع الأردن ومصر لإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة. ووفقاً لمكتب ماكرون، ساعد الجسر الجوي الأوروبي في تنظيم أكثر من 60 رحلة جوية حملت ما يزيد على 3350 طنا من الإمدادات الإنسانية، ودخلت معظم شحنات المساعدات عبر مصر والأردن. وذكر مكتب الرئيس الفرنسي أن جزءاً من هذه المساعدات لم يدخل غزة حتى الآن بسبب رفض السلطات الإسرائيلية.
من جهته، قال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، اليوم الجمعة، إن باريس سترسل أربع رحلات جوية محملة بعشرة أطنان من المساعدات الإنسانية إلى غزة من الأردن. وقال بارو لشبكة فرانس إنفو: "هذه مساعدات طارئة، لكنها لا تزال غير كافية" في مواجهة هذا الوضع المروع.
الجيش الألماني يسيّر أولى طلعاته الإغاثية إلى غزة
في الشأن ذاته، بدأ الجيش الألماني أولى عملياته الإغاثية للمعوزين في قطاع غزة. وأعلنت وزارة الدفاع الألمانية، اليوم الجمعة، أن طائرات النقل الألمانية أسقطت أولى شحنات المواد الغذائية والطبية هناك. وذكرت الوزارة أن طائرات نقل ألمانية أسقطت 34 منصة نقالة تحتوي على ما يقرب من 14 طناً من المواد الغذائية والإمدادات الطبية فوق غزة.
ووفقاً للأمم المتحدة، فإنّ قطاع غزة على شفا مجاعة. وتسيطر إسرائيل على جميع المنافذ المؤدية إلى القطاع المطل على البحر المتوسط، ولم تسمح بوصول المساعدات، أو سمحت بدخول قليل منها فقط على مدار عدة أشهر. ووسعت ألمانيا نطاق مساعداتها لسكان قطاع غزة الذين يعانون من الجوع. وأعلن وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول، اليوم الجمعة، خلال زيارته لإسرائيل عن تمويل إضافي بقيمة خمسة ملايين يورو لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، وقال: "سيدعم هذا، من بين أمور أخرى، المخابز ومطابخ الحساء لتوفير الخبز والوجبات الساخنة لسكان غزة على المدى المتوسط". كما تُموّل الحكومة الألمانية مستشفى مالتيزر الميداني. وسيوفر هذا المستشفى، بحسب البيانات، الرعاية الصحية الأساسية التي تشتد الحاجة إليها في غزة.
وطالب فاديفول الحكومة الإسرائيلية بالعودة سريعاً إلى التعاون الوثيق مع الأمم المتحدة ومؤسساتها بشأن المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، مضيفاً أن موظفيها "أثبتوا بوضوح قدرتهم على توفير إمدادات كافية لجميع سكان غزة، إذا سُمح لهم بذلك، وإذا تمكنوا من العمل بأمان". ولم يستبعد وزير الخارجية الألماني "إمكانية تسرّب بعض المساعدات إلى حركة حماس"، ومع ذلك قال: "الكارثة الإنسانية في قطاع غزة باتت الآن جسيمة لدرجة أنه لا مبرر لإقامة المزيد من العراقيل هنا". علاوة على ذلك أشار الوزير إلى أن أفضل سبيل لمنع إساءة استخدام المساعدات هو السماح بدخول أكبر قدر ممكن من المواد الغذائية وبضائع الإغاثة إلى قطاع غزة.
ووفقاً لوزارة الخارجية الألمانية، تجاوزت قيمة المساعدات الإنسانية الألمانية للأراضي الفلسطينية 330 مليون يورو منذ بدء الحرب على غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023. ويُخصص أكثر من 95% من هذه المساعدات لسكان قطاع غزة. وزادت المساعدات بمقدار نحو 31 مليون يورو في مايو/أيار الماضي.
سياسي ألماني يستبعد أن تفرض برلين عقوبات على إسرائيل بسبب غزة
إلى ذلك، استبعد الأمين العام للحزب المسيحي الاجتماعي البافاري، مارتن هوبر، فرض الحكومة الألمانية عقوبات على إسرائيل بسبب حرب غزة. وقال هوبر في تصريحات لصحف شبكة "دويتشلاند" الألمانية الإعلامية: "من الوارد انتقاد الحكومة الإسرائيلية، لكن فرض عقوبات بين الأصدقاء غير وراد بالتأكيد". وكانت المفوضية الأوروبية أوصت بتعليق بعض جوانب مشاركة إسرائيل في برنامج تمويل الأبحاث "هورايزون أوروبا" على نحو فوري. وقد أبدت ألمانيا تحفظها حتى الآن بشأن هذه المسألة، لكن الحكومة الألمانية تُبقي هذا الخيار مفتوحاً.
كما استبعد هوبر حظر دخول وزيرين إسرائيليين من اليمين المتطرف إلى ألمانيا، على غرار ما فعلته عدة دول من بينها بريطانيا وكندا في منتصف يونيو/ حزيران الماضي، وقال: "لا أستطيع تصور أننا نفرض حظر دخول على حكومة إسرائيل الشرعية ديمقراطيا. بمثل هذه الإجراءات سنضر بشدة العلاقات الألمانية-الإسرائيلية".
في المقابل، دعا المدير التنفيذي لشؤون الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي الديمقراطي، ديرك فيزه، إلى اتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه إسرائيل، وذلك في ضوء زيارة وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول للشرق الأوسط. وقال فيزه في تصريحات لشبكة "دويتشلاند": "انتهى وقت المناشدة - هناك حاجة إلى ضغط سياسي وإحراز تقدم ملموس"، واصفاً الوضع الإنساني في قطاع غزة بأنه كارثة من صنع الإنسان، متهماً الحكومة الإسرائيلية بعدم الإيفاء بالتزاماتها التي ينص عليها القانون الدولي، وقال: "تجب إتاحة إيصال المساعدات دون عوائق وبشكل دائم عبر ممرات برية آمنة بتنسيق دولي".
واعتبر فيزه تصدير أسلحة ألمانية لإسرائيل أمراً جائزاً بغرض حماية الأخيرة، لكنه أضاف: "يجب ألا تُستخدَم هذه في عمليات تنتهك القانون الدولي". تجدر الإشارة إلى أن الائتلاف الحاكم في ألمانيا يضم التحالف المسيحي (المكون من الحزب المسيحي الديمقراطي بزعامة المستشار فريدريش ميرز والحزب المسيحي الاجتماعي البافاري) والحزب الاشتراكي الديمقراطي.
لازاريني: إسقاط المساعدات فوق غزة غير كاف ومكلف
في المقابل، قال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" فيليب لازاريني، الجمعة، إن عمليات إسقاط المساعدات جوا لغزة "غير كافية" وتكلف ما لا يقل عن 100 ضعف مقارنة بالشحن البري. وفي منشور عبر منصة إكس، أوضح لازاريني أن "عمليات الإسقاط الجوي أكثر تكلفة بما لا يقل عن 100 مرة من إرسال المساعدات عبر الشاحنات، التي تحمل ضعف كمية الإمدادات التي تنقلها الطائرات".
وأضاف: "إذا توفرت الإرادة السياسية للسماح بإسقاط المساعدات جواً، رغم كلفتها الباهظة وعدم كفايتها وفعاليتها، فيجب أن تتوفر الإرادة ذاتها لفتح المعابر البرية". أكد المسؤول الأممي أن "الطريقة الوحيدة لمواجهة المجاعة في غزة هي إغراق القطاع بالمساعدات"، مشيراً إلى أن أونروا تملك نحو 6 آلاف شاحنة محملة بالمساعدات تقف خارج القطاع بانتظار السماح لها بالدخول.
ومنذ 2 مارس/ آذار الماضي، تغلق إسرائيل كل المعابر المؤدية إلى غزة، مانعة عبور أي مساعدات إنسانية، ما أدخل القطاع في حالة مجاعة، رغم تكدس شاحنات المساعدات على حدوده. وذكر لازاريني أنه خلال الهدنة السابقة (19 يناير/ كانون الثاني الماضي استمرت نحو 3 أشهر)، تمكنت الأمم المتحدة، بما في ذلك أونروا وشركاؤها، من إدخال ما بين 500 و600 شاحنة يومياً، وصلت إلى جميع المواطنين في غزة "بأمان وكرامة"، وساهمت في كبح تفاقم الجوع دون تسجيل أي حالات سرقة أو تحويل للمساعدات.
وشدد لازاريني على أن "التنسيق الذي تقوده الأمم المتحدة، وتكون فيه أونروا هي العمود الفقري، لا بديل له ولم تحقق أي آلية أخرى نتائج مماثلة". وقال: "دعونا نعود إلى ما نجح، دعونا نقوم بعملنا، هذا ما يحتاجه المواطن بغزة اليوم أكثر من أي وقت مضى، إلى جانب وقف إطلاق نار دائم".
(رويترز، أسوشييتد برس، الأناضول، العربي الجديد)