باريس تنقل الأزمة مع الجزائر إلى البرلمان الأوروبي: اليمين يمرر لائحة إدانة جديدة

23 يناير 2025
جلسة سابقة للبرلمان الجزائري، 24 فبراير 2021 (الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- صادق البرلمان الأوروبي على لائحة تطالب بالإفراج عن الكاتب بوعلام صنصال وسجناء الرأي، وتدين وضع الحريات في الجزائر، داعية لمراجعة القوانين القمعية.
- رد البرلمان الجزائري بمناقشة قانون حول النفايات، محولًا الجلسة إلى محاكمة سياسية لفرنسا بشأن النفايات النووية، مطالبًا بإحصاء ضحايا الألغام وتحمل فرنسا مسؤولية إزالة النفايات.
- أكدت وزيرة البيئة الجزائرية على تحميل فرنسا مسؤولية المخلفات النووية، معلنة عن خطط لتحديث التشريعات لدعم المجاهدين وضحايا الألغام.

دخل البرلمان الأوروبي على خط الأزمة السياسية القائمة بين الجزائر وباريس، بعدما نقل نواب فرنسيون الأزمة إلى أروقته، حيث صادق، اليوم الخميس، على لائحة جديدة كانت قد تقدمت بها كتلة من نواب اليمين الفرنسي، تطالب السلطات الجزائرية بالإفراج الفوري عن الكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال وعدد ممن يوصفون بسجناء الرأي، وتدين وضع الحريات في الجزائر.

وحث نواب فرنسيون مؤسسات الاتحاد الأوروبي على مساندة فرنسا في أزمتها مع الجزائر، إذ طالب رئيس كتلة "من أجل أوروبا"، جوران بارديلا، من أقصى اليمين، خلال مناقشة لائحة تخص الجزائر، البرلمان ومؤسسات الاتحاد الأوروبي بضرورة دعم موقف فرنسا وممارسة مزيد من الضغوط على الجزائر، وانتهت النقاشات إلى المصادقة على اللائحة الأوروبية التي تدين "اعتقال الكاتب الفرانكو جزائري بوعلام صنصال، وحثت على ضرورة الإفراج الفوري وغير المشروط عنه"، وقد كانت السلطات الجزائرية اعتقلته في 16 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، لدى عودته من باريس، وهو يقبع في السجن منذ ذلك التاريخ، وتم توجيه تهم له بناء على المادة 87 مكرر من قانون العقوبات، والتي تشمل التضليل والمساس بالوحدة الوطنية، والإدلاء بتصريحات من شأنها المساس بوحدة البلاد.

وتنص اللائحة الأوروبية التي صوت عليها بالأغلبية 533 صوتا من مجموع 605 أعضاء، مع اعتراض 24 صوتا، وامتناع 48 نائبا عن التصويت، على إدانة اعتقال ما تم وصفهم بـ"سجناء رأي"، والصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان وغيرهم من المحتجزين أو المحكوم عليهم بسبب ممارستهم لحقهم في حرية الرأي والتعبير، بمن فيهم الصحافي عبد الوكيل بلام والشاعر تاج الدين محمد، داعية إلى إطلاق سراحهم. وطالبت السلطات الجزائرية بمراجعة جميع القوانين القمعية التي تقيّد الحريات، لا سيما المواد 87 مكرر و95 مكرر و196 مكرر من قانون العقوبات الجزائري (تنص على تكييف بعض التهم بالإرهاب والمساس بالأمن العام والوحدة الوطنية)، واستقلالية القضاء.

ويستند البرلمان الأوروبي في إصدار هذه اللائحة إلى نص اتفاق الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والجزائر الموقع عام 2002، والذي دخل حيز التنفيذ عام 2005، وينص في شقه السياسي على "أهمية سيادة القانون من أجل تعزيز حرية التعبير"، ويشدد على أن تجديد هذا الاتفاق يجب أن يستند إلى إحراز تقدم مستمر وكبير في المجالات المتعلقة بالحريات السياسية والمدنية وضمان حرية الصحافة والتعبير، ويربط جميع عمليات صرف الأموال من الاتحاد الأوروبي بمدى التزام الجزائر بهذه المقتضيات، حيث تشير اللائحة إلى أن الاتحاد الأوروبي صرف في الفترة ما بين 2021 و2024 ما قيمته 213 مليون يورو لصالح الجزائر في إطار البرنامج الإرشادي متعدد السنوات".

ويعد هذا الشق السياسي في الاتفاق أحد أبرز الأسباب التي دفعت الجزائر إلى اتخاذ قرار ببدء خطوات عملية لمراجعة اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، وإعادة صياغة آفاق جديدة "وفق نظرة سيادية ومقاربة رابح – رابح"، على أن تشمل المراجعة إلغاء بعض البنود ذات العلاقة بالشق السياسي، حيث كان اتفاق الشراكة يتضمن ما يتيح لمؤسسات الاتحاد الأوروبي المختلفة إبداء مواقف في القضايا السياسية التي كانت تترجمها مواقف وإصدار لوائح ضد الجزائر تخص حقوق الإنسان وحرية الصحافة.

رد سريع من برلمان الجزائر: جرد ضحايا الألغام الفرنسية على الحدود

لكن البرلمان الجزائري رد سريعا على هذه الخطوة، إذ كان في الوقت نفسه عاكفا على مناقشة قانون حول معالجة النفايات، وتحولت الجلسة إلى محاكمة سياسية لفرنسا بشأن بقايا النفايات النووية جراء التجارب والتفجيرات التي كانت قد أجرتها فرنسا في الصحراء الجزائرية بداية من عام 1956. وأوصى البرلمان حكومة البلاد بالبدء في وضع سجل وطني وإحصاء ضحايا بقايا الألغام والمتفجرات التي زرعها الاستعمار الفرنسي خلال ثورة التحرير، على الشريطين الحدوديين مع تونس والمغرب، والتي ما زالت تودي بحياة الأشخاص والسكان المحليين والرعاة في هذه المناطق، وخلفت مئات المعطوبين الذين بترت أطرافهم.

وطالب رئيس مجلس الأمة صالح قوجيل بـ"تحمّل فرنسا مسؤوليتها الكاملة عن إزالة نفايات تجاربها النووية في صحراء الجزائر إبان الفترة الاستعمارية، ومعالجة بقايا التلوث الإشعاعي الذي ما زالت تعاني منه المنطقة إلى اليوم". وقال رئيس لجنة التجهيز في مجلس الأمة، إلياس عاشور، إنه "سيتم العمل على ديناميكية وطنية لإبلاغ كل المنظمات الدولية بشأن التأثيرات الوخيمة القائمة للنفايات النووية وضرورة تحمّل مستعمر الأمس مسؤوليته في إزالة نفايات تجاربه النووية وتوضيح مسؤولية الجانب الفرنسي في ذلك".

وقالت وزيرة البيئة وجودة الحياة، نجيبة جيلالي، خلال نفس الجلسة، إنه "سيتم إدراج مطلب الجزائر المتعلق بتحميل فرنسا مسؤولياتها في إزالة المخلفات الكارثية للتفجيرات النووية بالجنوب إبان الفترة الاستعمارية بشكل واضح وصريح ضمن التشريعات البيئية الوطنية لتعزيز حقوق الأجيال الحالية والقادمة، في سياق تحقيق العدالة التاريخية والبيئية"، مشددة على أن "المتسبب في هذه الكارثة البيئية التي خلفتها التفجيرات النووية التي تعد انتهاكا آخر في حق بلادنا وشعبنا لا بد أن يتحمل مسؤولياته التاريخية والأخلاقية والقانونية كاملة في إزالة هذه النفايات الإشعاعية والاعتراف بالضرر الكبير الذي ألحقته ببلادنا وسكان مناطق أدرار ورقان وإين إكر وغيرها".

وكانت إحصائيات رسمية أعلنتها وزارة المجاهدين (قدماء محاربي الثورة) تشير إلى أن الألغام التي زرعتها فرنسا على الحدود خلفت 7300 ضحية، من بينهم 2470 ضحية بعد الاستقلال، بينما تعرض من نجا من الموت جراء انفجار هذه الألغام إلى إعاقات جسدية وصدمات نفسية. وفي إبريل/ نيسان الماضي تعهدت الحكومة بتحيين التشريعات المتعلقة بحقوق المجاهدين وذوي الحقوق وضحايا حرب التحرير، وإدراج فئة الضحايا المدنيين وضحايا الألغام المتفجرة للاستفادة من خدمات الراحة والعلاج والتأهيل الوظيفي، إضافة إلى تعديل نظام المنح التي يستفيد منها ضحايا الألغام الاستعمارية التي تتفجر بين الحين والآخر في المناطق الحدودية خاصة.

المساهمون