وزير الخارجية الفرنسي يعلن طي صفحة الأزمة مع الجزائر

06 ابريل 2025   |  آخر تحديث: 22:18 (توقيت القدس)
أثناء استبقال الرئيس الجزائري وزير الخارجية الفرنسي، 6 إبريل 2025 (فيسبوك)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أعلن وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، عن انتهاء الأزمة السياسية بين فرنسا والجزائر، مع التركيز على تفعيل الاتصال الدبلوماسي والتنسيق الأمني ومعالجة قضايا الهجرة.
- تم الاتفاق على استئناف التعاون في القطاعات الأمنية والقضائية والاقتصادية، وعودة عمل المؤرخين لمعالجة ملفات التاريخ والذاكرة، مع تعزيز التعاون التجاري.
- زيارة بارو تأتي في سياق تنفيذ تفاهمات سياسية بين الرئيسين، مع توقع زيارة وزير العدل الفرنسي للجزائر قريباً، رغم أن المحللين لا يتوقعون نتائج جذرية.

أعلن وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، بمناسبة زيارته الجزائر، اليوم الأحد، طي صفحة الأزمة السياسية بين الجزائر وفرنسا، الناشئة منذ يوليو/تموز 2024، متحدثاً عن تفعيل الاتصال الدبلوماسي والتنسيق الأمني بين البلدين، والاتفاق على معالجة قضايا الهجرة، ضمن إطار الاتفاقيات القائمة. وقال بارو عقب استقباله من قبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون: "جئت إلى الجزائر لأحمل رسالة بأن فرنسا طوت صفحة الأزمة مع الجزائر، وقررنا إعادة تفعيل شراكة عادلة ومتوازنة، بشكل صريح واحد".

وتابع ضمن تصريح له "قررنا تفعيل الشراكة بيننا على أساس المصالح المشتركة، وإعادة إطلاق التعاون بصورة ناجزة وفاعلة تحقق النتائج المطلوبة"، مضيفاً "خلال لقائي مع الرئيس تبون والوزير عطاف، وضعنا قيد النقاش، وفي جوّ من الصراحة، كل القضايا والملفات التي طرحت في الأشهر الأخيرة، وتفعيل الآليات التي عبر عنها الرئيسان خلال الاتصال الهاتفي في 31 مارس (آذار) الماضي". وأشار إلى قرار استئناف التنسيق الدبلوماسي، إذ سيلتقي الأمين العام للخارجية الجزائرية نظيره الفرنسي قريباً. وفي وقت سابق اليوم، استقبل وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف نظيره الفرنسي جان نويل بارو.

وأكد وزير الخارجية الفرنسي "قررنا من الآن استئناف التعاون في مختلف القطاعات، على صعيد التنسيق الأمني سيجري استئناف الاتصال بين الأجهزة الأمنية وعقد الاجتماعات بين قادتها، وإجراء نقاش حول الوضع في الساحل، وأيضاً في ملف التعاون القضائي، وفي مجال الهجرة، ومثلما جرى تأكيده من قبل الرئيسين سيجري العمل على معالجة هذه القضايا وفقَ الاتفاقات القائمة". وأشار إلى أن الرئيس الجزائري أعطى موافقته على التنسيق بين القنصليات الجزائرية والسلطات في فرنسا بشأن المهاجرين، في إشارة إلى إنهاء قرار سابق بتعليق التعاون بين القنصليات مع الجانب الفرنسي، حول قضايا المهاجرين والمواطنين الجزائريين.

وبشأن ملف التاريخ والذاكرة، أكد بارو أن الرئيس الجزائري وافق على عودة عمل المؤرخين الجزائريين مع نظرائهم الفرنسيين، حيث ستجتمع اللجنة المشتركة للذاكرة قريباً في باريس، لمعالجة بعض الملفات العالقة بهذا الشأن. على صعيد الملف الاقتصادي، أكد جان نويل بارو أن رئيس مجلس رؤساء المؤسسات الفرنسية سيستقبل قريباً رئيس المجلس الاقتصادي الجزائري في باريس.

وجدد وزير الخارجية الفرنسي طلب ماكرون بشأن القيام بلفتة إنسانية تجاه الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال، ومنح العفو له لدواع إنسانية وصحية تخص تقدمه في السن، بعدما حكمت عليه محكمة في العاصمة الجزائر بالسجن خمس سنوات بتهمة "المساس بالوحدة الوطنية".

وتدخل هذه الزيارة، التي سبقها اتصال هاتفي يوم الخميس الماضي بين الوزيرين، في سياق تنفيذ تفاهمات سياسية كان اتفق عليها الرئيسان الجزائري والفرنسي في مكالمة هاتفية يوم الاثنين الماضي. ومن المقرر أن تلي زيارة وزير الخارجية الفرنسي زيارة أخرى لوزير العدل جيرالد درامانان إلى الجزائر في غضون الأيام المقبلة، وفقاً لما تم الاتفاق عليه بين تبون وماكرون، حيث سيكون محور زيارة درامانان مسألة التعاون القضائي بين الجزائر وباريس، خاصة بشأن المطلوبين للقضاء الجزائري كوزير الصناعة الأسبق عبد السلام بوشوارب وقائد الدرك الوطني عبد الغالي بلقصير وبعض النشطاء بالإضافة إلى استرجاع الأموال المنهوبة والعقارات لصالح الجزائر.

ولا يتوقع محللون أن تنتج عن زيارة بارو نتائج مهمة على صعيد تسوية الأزمة أو تحييد كامل أسباب الأزمة السياسية وتداعياتها، وذلك بالنظر إلى التعقيدات الكبيرة وتداعيات الضرر في العلاقات الجزائرية الفرنسية، معتبرين أن ذلك يحتاج إلى سلسلة أخرى من المحطات وخطوات عملية قبل أن يتم إصلاح هذا الضرر بسبب انهيار الثقة السياسية، وما يمكن أن تنجزه الزيارة بالأساس هو استعادة الثقة في المقام الأول بين قيادة البلدين.

وقال أستاذ الإعلام السياسي والعلاقات الدولية في جامعة الجلفة الجزائرية، كمال رعاش، لـ"العربي الجديد" إنه لا يعتقد "أن زيارة وزير خارجية فرنسا إلى الجزائر ستسفر عن حل الأزمة بشكل جذرى نظراً لعمق الشرخ السياسي الذي حصل مؤخراً وبسبب الفجوة في المواقف وقضية الذاكرة التي تبقى دون أفق فعلي وجاد من طرف فرنسا الرسمية". ويضيف رعاش: "في المقام الثاني هناك الحرب الضروس التي قادتها فرنسا سياسياً ونخبوياً وإعلامياً مؤخراً على الجزائر مما يُعبر عن عدم تقبلها تغير قواعد اللعبة". ويرى رعاش أن التقارب الحالي يمكن وضعه فى إطار التعايش بين الطرفين "من خلال تحقق مصالح مشتركة ومنطق رابح رابح انطلاقاً من الندية التي فرضها النظام الجزائري مؤخراً".

وكان تبون وماكرون أجريا، الاثنين الماضي، أول اتصال بينهما منذ اندلاع الأزمة بين البلدين ما أفضى إلى حزمة من التفاهمات السياسية وتم الاتفاق على العودة إلى اتفاق الجزائر الموقّع في أغسطس/آب 2022، والاستئناف الفوري للتعاون في مجال الهجرة وحركة الأشخاص والعودة إلى مسارات التعاون الأمني والقضائي، بالإضافة إلى استئناف العمل على إنشاء لجنة مشتركة للمؤرخين الفرنسيين والجزائريين فوراً، وإعادة رفات المقاومين الجزائريين، وتطوير التعاون الاقتصادي والتجارة والاستثمار، ودعم فرنسا بمراجعة اتفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي، وتسوية قضية بوعلام صنصال، كما اتفق الرئيسان "مبدئياً" على تنظيم لقاء ثنائي مباشر، من دون تحديد موعد.

ووصلت الأزمة بين الجزائر وفرنسا إلى ذروتها في الخامس من يوليو/تموز 2024، حين قررت الحكومة الجزائرية سحب سفيرها لدى باريس عقب إقدام الحكومة الفرنسية على الاعتراف بالمخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء، وفي 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2024 تطورت الأزمة بعد أن أوقفت السلطات الجزائرية الكاتب بوعلام صنصال لدى عودته من باريس، وصعّدت فرنسا لاحقاً من مواقفها بسبب رفض الجزائر التعاون في قبول المهاجرين الجزائريين المبعدين إلى بلدهم، إذ فرضت قيوداً على حركة الشخصيات الجزائرية الحاملة جوازات سفر دبلوماسية.

المساهمون