استمع إلى الملخص
- تتزايد الوعي الشعبي الأوروبي بحقيقة المشروع الصهيوني وازدواجية المعايير الغربية، مما يثير نقاشات حول دعم كيان يتجاوز القانون الدولي، ويكشف عن استلاب تاريخي.
- تبقى قضية فلسطين رمزاً للحرية والعدالة، تثير تساؤلات حول شرعية الكيان الإسرائيلي، وتزيد من الاحتقان الشعبي ضد السياسات النخبوية المتواطئة.
بعيداً عن السجالات المبررة لحيادية البعض، أو حتى تأييد كيان جرائم الحرب والإبادة، ثمة أمور كثيرة كشفها أسبوع من المعارك الإسرائيلية ـ الإيرانية. بينها أن تصريح المستشار الألماني فريدريش ميرز عن "المهمة القذرة" التي تقوم بها إسرائيل نيابة عن الغرب، ليس بمعزل عن محاولة الطبقة السياسية التقليدية الأوروبية إعادة الروح لمكانة تل أبيب، ولمجرم الحرب بنيامين نتنياهو، بما هي ضرورة استعمارية غربية. بعض الكلام الرسمي الأوروبي، وبغض النظر عن موقف البعض من سياسات إيران في المنطقة العربية، يكشف مستوى النفاق والسطحية والعجرفة، في محاولاته إعادة تدوير دولة الاحتلال بحجج "الدفاع عن نفسها وعن الغرب"، مذكرين بمواقفهم في بداية جرائم الإبادة في غزة. وبصورة فاضحة يُداس تحت تلك الحجة على القانون والنظام الدوليين.
رغم ذلك ثمة وجه آخر للنفاق والازدواجية الغربية. ليس في صفوف حركة "ماغا" فقط، المؤيدة للرئيس الأميركي دونالد ترامب، حيث بات الناس يسألون: لم علينا أن ننجر كالقطيع إلى حروب بنيامين نتنياهو المطلوب للعدالة الدولية؟ ومثلما قدّمت جرائم الإبادة في غزة فرصة لمزيد وعي شعبي أوروبي بحقيقة المشروع الصهيوني وجوهره، تتوسع هذه الأيام حالة استعادة أكاذيب الكيان، ونتنياهو على وجه التحديد، منذ ظهوره ممثلاً في مخاطبة الإعلام الغربي، مرتدياً قناع حماية من الغاز بعد قصف العراق لتل أبيب في 1991.
الخطاب الغوبلزي يُفضح على الأقل شعبياً وإعلامياً، باستعادة كرونولوجية له على منصات متاحة للغربيين. بالطبع قد يعتبر البعض أن هذا لا يعني شيئاً، لكن اندلاع نقاش مجتمعي وإعلامي حول كيان فوق القانون الدولي، يورطهم في حروب لا علاقة لهم بها، وبتدفيع دافعي الضريبة لأثمانها، مع رفض شعبي لازدواجية المعايير والقيم، هو نقاش يزيد من تحرر الناس من عصا الترهيب بتهمة "معاداة السامية". وانكشاف الاستلاب والتزوير التاريخي الصهيوني، على اعتبار الدعم الغربي من المسلمات الأزلية، عبر نقاشات أوسع في تلك المجتمعات بالتأكيد أمر يخيف الصهاينة. وفلسطين على وجه التحديد، بوصفها قضية حرية وعدالة، ترعب أباطرة الصهيونية أكثر بكثير من أي نقاش ومقاربات حول تسلحها النووي وبرنامج إيران النووي. فغزة ستبقى حاضرة، كبقية القضية الفلسطينية، تثير حتى علامات استفهام حول شرعية وجود هذا الكيان عند قطاعات غربية سئمت توريطها. وبغض النظر عن مآلات المعارك، فإن المشهدية الشعبية العربية واضحة البوصلة، وهي تزيد كثيراً من الاحتقان. في الذاكرة والضمير، وقضية فلسطين مستمرة، يتوسع التناقض الشعبي مع حالة نخبوية ورسمية تعتقد أنها بمأمن من عربدة صهيونية.