انقلب قيس سعيّد فابتهج حفتر

انقلب قيس سعيّد فابتهج حفتر

29 يوليو 2021
لم يأتِ ترحيب حفتر بانقلاب سعيّد من فراغ (عبدالله دوما/فرانس برس)
+ الخط -

ما إن أعلن الرئيس التونسي قيس سعيّد عن انقلابه، ليل الأحد الماضي، حتى ابتهج العسكري الليبي المتقاعد خليفة حفتر وعبّر عن مباركته، مستذكراً تلك الأيام الخوالي التي سبق فيها الرئيس التونسي إلى هذا الأجراء، غير أنه فشل في تنفيذ انقلابه الأبيض عبر شاشة فضائية "العربية" عام 2014. ولكن لماذا فشل؟
قد لا تبدو المقاربة بين الوضعين الليبي والتونسي جلية وواضحة، ولكن ببعض التمعّن، يدرك القارئ أنّ ما حدث في تونس انقلاب مكتمل الأركان، وقريباً لا يُستبعد أن يحدث في ليبيا بالاستناد للآليات ذاتها وبالطريقة ذاتها، إذا ما تمكّن المعرقلون من تمرير القاعدة الدستورية للانتخابات بنصوصها الفضفاضة.

غني عن البيان أنّ الأزمة الدستورية القائمة في ليبيا، تتمحور حول انتخاب رئيس الدولة. فبعد أن فشل حلفاء معسكر شرق ليبيا، وتحديداً حلفاء رئيس مجلس النواب عقيلة صالح وحفتر، في ملتقى الحوار السياسي، بإقرار القاعدة الدستورية التي لا تنصّ على أي قيد ولا صلاحية لرئيس الدولة، ولا حتى شروط للترشّح، عاد الحلف ذاته للالتفاف مجدداً، واستدعى القرار رقم 5 الصادر عن مجلس النواب قبل ست سنوات، ليكون أساساً لقانون الانتخابات الرئاسية التي ستعقد في ديسمبر/كانون الأول 2021.

وكل هذه المساعي والالتفافات، لإجهاض مطالب أخرى تتعلق بأن يكون مشروع الدستور أساساً دستورياً وقانونياً للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، بعد الاستفتاء عليه، كونه يقيّد صلاحيات رئيس الدولة ويحد من اختصاصاته، ومنها القرارات السيادية الخاصة بحل مجلس النواب ومجلس الشورى والحكومة، كما لا يسمح مشروع الدستور بأن ينفرد رئيس الدولة بقرار الحرب والسلم، بل بالتشارك مع مجلس النواب.

ويبدو أنّ الشعارات التي مررتها تصريحات عقيلة صالح وحلفائه، ومنهم حفتر، بشأن كفالة القرار رقم 5 لحق الشعب في أن ينتخب رئيسه، نجحت نسبياً في حشد تأييد بعض القوى السياسية، بل ومؤسسات المجتمع المدني أيضاً، لكن ما غاب عن هؤلاء هو أنّ نص هذا القرار لا يتوفر على أي قيد أو شرط بشأن صلاحيات الرئيس.

لم يأتِ ترحيب حفتر بانقلاب سعيّد ومباركته له من فراغ، فعلاوة على أنه ذكّره بانقلابه التلفزيوني، في فبراير/شباط عام 2014، فإنه علّمه أن الانقلابات لا تكون بالسلاح وسيطرة العسكر، ويجب أن يكافح من أجل المرور إلى كرسي الحكم والتفرّد به عبر الثغرات الدستورية والقانونية. فهل يستيقظ الليبيون قبل فوات الأوان؟

المساهمون