استمع إلى الملخص
- شهدت السويداء احتجاجات ضد قرارات الحكومة في دمشق، حيث طالب المتظاهرون بتشكيل حكومة تمثل جميع السوريين، معبرين عن رفضهم للمماطلة في ظل تزايد النزاعات وتردي الأوضاع.
- أثار وصول سيارات الأمن العام انقساماً في المواقف، حيث اعتبر البعض أن الحركة تحاول الاستئثار بقيادة أمن المحافظة، بينما أكدت الحركة رفضها للتهديدات بإحراق سيارات الشرطة.
أعلنت "حركة رجال الكرامة" في محافظة السويداء جنوبي سورية، أن فصائل المحافظة المختلفة نسقت مع وزارة الداخلية السورية لتفعيل دور الأمن العام في المحافظة من خلال إرسال آليات خاصة بالداخلية، على أن تنظم هذه الفصائل العمل بالتعاون مع الداخلية. يأتي ذلك فيما احتشد العشرات اليوم الخميس في ساحة الكرامة وسط مدينة السويداء، احتجاجاً على القرارات المتلاحقة للإدارة الجديدة في دمشق.
واتهم المتظاهرون الإدارة السورية بقيادة البلاد بطريقة أحادية، ورفعوا شعارات تهاجم الإدارة والرئيس الشرع والحكومة الانتقالية، وتندد بما سموه تهميش مكونات المجتمع السوري، منددين خاصة بقرارات الفصل من العمل والتعيينات الإدارية في مفاصل الدولة ذات اللون الواحد، وفق قولهم.
وقال عاهد مقلد لـ"العربي الجديد"، إنه "لم نر من هذه الحكومة إلا الوعود، واهتمامها الأول منصبّ على الخارج، والعمل الدبلوماسي مع دول العالم، والمحيط يختلف تماماً عن التوجه الداخلي، ونحن لم نر أي وجه ديمقراطي كما حلمنا عند خلاصنا من النظام البائد، وما نراه أنها تسير على خطى النظام السابق من أجل تثبيت الحكم من منظور مناطقي".
احتشد العشرات في ساحة الكرامة وسط مدينة السويداء، احتجاجاً على القرارات المتلاحقة للإدارة الجديدة
وأضاف مقلد: "نرفض المماطلة والانتظار أكثر لتشكيل حكومة من كل المكونات والكفاءات تمثل السوريين، في الوقت الذي بات واضحاً ازدياد النزاعات والتفرقة بين الشعب السوري، إضافة إلى ازدياد الفقر والعوز وتردي الوضع المعيشي والأمني".
وكانت السويداء شهدت خلال الأيام القليلة الماضية انقساما في المواقف تجاه الإدارة في دمشق بين مؤيد يسعى إلى مد الجسور والاندماج الكامل مع الإدارة، وبين رافض للاندماج حتى تثبت الإدارة إمكانية بناء جيش وطني وحصري من السوريين، وحكومة وحدة وطنية وإعلان دستوري يكون مقدمة واضحة لدستور حضاري ووطني جامع.
وقد اشتد الخلاف بين مكونات مجتمع السويداء يوم أمس إثر وصول عدد من سيارات الأمن العام التابعة للإدارة في دمشق إلى عدد من الفصائل المحلية من أجل تسيير شؤون قيادة الشرطة، وهو ما أثار حفيظة جزء من أهالي المحافظة معتبرين أن بعض الفصائل وفي مقدمها حركة رجال الكرامة تحاول أن تستأثر بقيادة أمن المحافظة دون الرجوع لباقي الفعاليات ومنها القيادات الدينية والعسكرية.
ورأى الشيخ عميد جريرة أحد قادة الفصائل المحلية في المحافظة في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه "من غير المجدي أن تستأثر أي جهة بقرار يخص كامل أبناء المحافظة دون اتفاق مع باقي الأطراف، فهذا بحد ذاته يسبب شرخاً ويُخشى أن يؤدي لنزاعات داخلية". وأشار جريرة إلى أن "معظم السوريين يطلبون الأمان والعيش بكرامة بوجود قوى أمنية وضابطة عدلية وقانون عادل لا يفرق بين مكونات المجتمع السوري".
واستدرك بالقول: "لكننا ما زلنا ننتظر من الإدارة في دمشق أن تُثبت حُسن النيات لكل السوريين، ولم نشهد خطوات واضحة على الأرض، وما زلنا نشكك في قدرتها على قيادة الوطن إلى بر الأمان. ونخشى أن تقع في التجاذبات الإقليمية والدولية ونكون قد استبدلنا محتلاً بآخر"، متابعاً: "في الوقت الذي بدأ يظهر للعيان الواقع المعيشي المأساوي لدى الشريحة العظمى من الشعب السوري. فالمواطن الجائع يبحث عن لُقمة عيشه أينما يجدها، والخائف يستجير بمن يحميه"، كما قال.
وفي هذا الشأن، أصدرت حركة رجال الكرامة بيانا صحافيا قالت فيه إن تنسيقاً بين فصائل السويداء المختلفة قد تم مع وزارة الداخلية لتفعيل دور الأمن العام في المحافظة من خلال إرسال آليات خاصة بالداخلية، على أن تنظم هذه الفصائل العمل بالتعاون مع الداخلية. وتهدف إلى تحقيق الأمن والأمان للمحافظة.
وجاء في البيان أنه "تم الاتفاق والتنسيق بين حركة رجال الكرامة ومضافة الكرامة وتجمّع أحرار جبل العرب من جهة، ووزارة الداخلية في الحكومة المؤقتة من جهة أخرى، على تفعيل الأمن العام في المحافظة، بكوادر وقيادات محلية من أبناء السويداء، وذلك لضبط الوضع الأمني ومحاربة الجريمة والمخدرات، بدعم وإمداد لوجستي من وزارة الداخلية، وذلك كخطوة عملية نحو إعادة تفعيل مؤسسات الدولة وإنفاذ القانون بما يتناسب مع الظروف الراهنة".
وأضاف البيان الصحافي أن "الحركة فوجئت بانتشار تسجيلات صوتية، تحمل تهديدات مباشرة بإحراق سيارات الشرطة ومهاجمتها، إلى جانب ترويج شائعات ومزاعم لا أساس لها من الصحة". واعتبرت الحركة أن هذه التهديدات "غير مسؤولة ولا تعبّر إلا عن رفض واضح لعودة القانون، وتؤكد وجود أطراف مستفيدة من الفوضى والانفلات الأمني، تسعى إلى عرقلة أي مبادرة تهدف إلى تعزيز سلطة الدولة وإنفاذ القانون".
وحمّلت المسؤولية لكل من يحاول التحريض على الفتنة أو تهديد الجهود المبذولة لاستعادة الاستقرار دون أن تسمي جهة محددة. ويرى مراقبون أن الوضع القائم في السويداء يشير الى انقسام شديد، خاصة في ظل تدخل إسرائيل لزرع الفتنة بين السوريين، بزعم أنها مسؤولة عن حماية الطائفة الدرزية، وهو ما وجد صداه لدى دعاة الانفصال في المحافظة. ويتمحور التركيز على مواقف الشيخ حكمت الهجري الذي أعلن غير مرة أنه ضد الانفصال، لكنه يربط التعاون مع الحكومة في دمشق بإقرار دستور جديد وحكومة موسعة.