استمع إلى الملخص
- تتضارب الروايات حول أسباب الانفجار؛ حيث تشير إحداها إلى خطأ فني في تخزين سلع كيميائية، بينما تتهم الأخرى إسرائيل بالتورط باستخدام تقنيات متقدمة.
- في ظل التكهنات حول تورط إسرائيل، نفى مسؤولون إيرانيون وجود شحنة عسكرية، محذرين من محاولات لإفشال المفاوضات الإيرانية الأميركية.
بعد مرور نحو يومين على الانفجار الهائل الذي ضرب مرفأ رجائي في مدينة بندر عباس الإيرانية، ما زالت أسبابه غامضة، والتحقيقات جارية دون إعلان النتائج، فضلاً عن أن الحريق نفسه مستمر، والسلطات تؤكد أن السيطرة عليه في مراحلها الأخيرة.
وخلّف الانفجار في مخازن الحاويات في المرفأ حتى الآن 40 قتيلاً و1200 مصاب. وزاد عاملا الزمان والمكان من أهمية الحادث، حيث جاء توقيته يوم عقد الجولة الثالثة للمفاوضات الإيرانية الأميركية في مسقط، السبت الماضي، فيما للمكان أهميته الرمزية الكبيرة، إذ إن مرفأ رجائي يُعدّ أهم الموانئ الإيرانية، ويُعرف ببوابة تجارة البلاد الخارجية.
وفيما لم تُقدَّم بعد الرواية الرسمية عن الأسباب، ظهرت خلال الساعات الماضية روايتان بشأنها، واحدة منهما عزت الحادث إلى أخطاء فنية في التعريف بسلع كيميائية خطيرة بأنها عادية، وتخزينها ضمن سلع عادية، ورواية أخرى تقول إن الحادث مدبّر ومتعمد، حيث اتهم برلماني إيراني الاحتلال الإسرائيلي بالوقوف وراء الانفجار.
خطأ فني
الرواية الأولى تؤكد أن ما حصل كان حدثاً عرضياً نتيجة أخطاء فنية، حيث قال المدير التنفيذي لشركة سينا لتطوير خدمات البحر والموانئ سعيد جعفري إن سبب الانفجار يعود إلى تصنيف حاويات تحمل سلعاً كيميائية خطيرة بأنها حاويات سلع عادية، وتخزينها مع الأخيرة، مضيفاً في تصريحات نقلتها وكالة ميزان التابعة للسلطة القضائية، أن هذا الأمر هو سبب شدة الانفجار ونطاقه. وأضاف جعفري أن المرفأ فيه مكان خاص لنقل حاويات تحمل مواد خطيرة إليه، لكن "للأسف، التقييم الأولي للخبراء يشير إلى أن حادث مرفأ رجائي حصل بسبب تكرار كارثة تقديم بيانات كاذبة بشأن محتويات حاويات، ونقلها من دون وجود وثائق ولاصقات تؤكد وجود مواد كيميائية خطيرة فيها".
تخريب إسرائيلي
أما الرواية الأخرى التي تأتي نقيضة للأولى، فجاءت على لسان البرلماني الإيراني محمد سراج في مقابلة مع وكالة ركنا الإيرانية، المعنية بالتركيز على الحوادث في البلاد، حذفتها الوكالة لاحقاً، قال فيها البرلماني إن "هذا الحادث ليس عرضياً مطلقاً، وهناك دلائل واضحة على تورط الكيان الصهيوني فيه". وأكد سراج أن وقوع انفجارات في أربع نقاط مختلفة في المرفأ يظهر تعبئة متفجرات من قبل في عدة حاويات، قائلاً إن المواد الكيميائية عادة تنفجر في مكان واحد، ولا تُحدث عدة انفجارات في عدة نقاط في آن واحد، مضيفاً أن الحاويات إما تم تلويثها من قبل الدولة المصدّرة، أو في الطريق، أو عبر عناصر داخلية.
كما طرح البرلماني الإيراني احتمال استخدام من وصفه بـ"العدو" تقنيات متقدمة عن بعد عبر أقمار صناعية لإحداث الانفجار، قائلاً "إنهم كانوا قد أخذوا زمان وصول الحاويات بدقة لإحداث أكبر قدر ممكن من الأضرار". وعما إذا كان الحادث متعلقاً بالمفاوضات الإيرانية الأميركية، قال البرلماني الإيراني في مقابلته المحذوفة إن "الصهاينة يعملون جاهدين لإحداث خلل في العلاقات الدولية الإيرانية، وهذا الحادث أيضاً جزء من هذه المؤامرة، لكن الشعب الإيراني لن ينخدع بهذه المؤامرات التي لن تؤثر في مسار المفاوضات".
ونفى النائب الإيراني تورط معارضين في الداخل الإيراني للمفاوضات الإيرانية الأميركية في الحادث، قائلاً إن تحذيراتهم من نكوث أميركا بالعهود والعقود نابعة من حرصهم على الدولة، "وهم لا يرتكبون هذه الأعمال حتماً، والحادث مدبّر من قبل شبكات صهيونية نشيطة في العالم"، مؤكداً أن هذه الحوادث "لن تُركع إيران، ولن نهاب هذه التهديدات"، مضيفاً: "لنا أيضاً عملاؤنا داخل إسرائيل".
في غضون ذلك، وبعد نشر تقارير غربية تفيد بأن سبب الانفجار في مرفأ رجائي في بندر عباس يعود إلى مواد كيميائية مستخدمة في صواريخ باليستية، نفى المتحدث باسم وزارة الدفاع الإيرانية رضا طلايي نيغ، الأحد، وجود "أي شحنة لها استخدامات عسكرية في مكان وقوع الانفجار"، مؤكداً أن ما نشرته تقارير وسائل إعلام أجنبية حول ذلك "عملية نفسية للعدو". كما نفى المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني إبراهيم رضايي، في منشور على منصة إكس، صحة هذه التقارير قائلاً إنه "بحسب تقارير أولية، فإن الحريق في مرفأ رجائي لا علاقة له بأنشطة قطاع الدفاع".
واللافت أن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي حذر، الأربعاء الماضي، قبل ثلاثة أيام من انطلاق الجولة الثالثة من المباحثات الإيرانية الأميركية في مسقط من محاولات إسرائيلية لإفشالها، متوقعاً في تغريدة "محاولات الكيان الصهيوني وجماعات منتفعة خاصة لحرف الدبلوماسية عبر تكتيكات مختلفة واضحة بالكامل للجميع". وأضاف عراقجي أن "قواتنا الاستخباراتية والأمنية، بالنظر إلى حالات سابقة، على يقظة كاملة للتصدي لأي تخريب وعمليات اغتيال بهدف إجبارنا على الرد المشروع".