انفتاح ألماني على "طالبان":تحرك استباقي لمنع حركة لجوء وحماية الحقوق

انفتاح ألماني على حركة "طالبان": تحرك استباقي لمنع حركة لجوء باتجاه أوروبا وحماية الحقوق

22 نوفمبر 2021
تتخوف برلين من حركة لجوء واسعة من الأفغان باتجاه ألمانيا وأوروبا (Getty)
+ الخط -

التقى مسؤولون ألمان رفيعو المستوى خلال الأيام القليلة الماضية قياديين من حركة "طالبان" في العاصمة الأفغانية كابول، لأول مرة بعد وصول الحركة إلى السلطة مع مغادرة قوات حلف شمال الأطلسي "الناتو" للبلاد منتصف أغسطس/آب الماضي.

ويبدو أن تفاوض المسؤولين الألمان مع "طالبان" يهدف لضمان حقوق الإنسان الأساسية ونبذ الإرهاب، في ظل اقتصاد متدهور وسعي الناس لمغادرة البلاد لتأمين مستقبل آمن.

وتشير التقارير إلى أن برلين من خلال هذه الجولة لدبلوماسييها، تسعى لتحديد مسار علاقات مستقبلية مع القيادة الأفغانية الجديدة، والدافع الأساسي لهذه الخطوة أن ملايين الأفغان يعتمدون حالياً على الدعم الدولي، مع وجود خطر المجاعة وتسرب الطلاب من المدارس، إضافة إلى المصلحة الذاتية لألمانيا، أي الخوف من هروب الآلاف من الأفغان إلى ألمانيا وأوروبا، والنظر في آلية الاعتراف بجوازات السفر التي صدرت عن نظام "طالبان" أخيرا. 

وتسعى ألمانيا لتسهيل مغادرة المواطنين الأفغان الذين تعاونوا في أوقات سابقة مع الجيش والمنظمات الألمانية التي تواجدت في أفغانستان ووعدتهم ألمانيا بتوفير الحماية لهم، بعد أن تعذر تأمين الجسر الجوي لنقلهم في أوقات سابقة، من دون إغفال الإشارة إلى أن المعضلة تكمن في كيفية التعامل مع حكومة مكونة من "إرهابيين" سابقين بعضهم سُجن في فترات سابقة، وأصوليين إسلاميين تولوا مناصبهم فقط لأن التحالف العسكري الغربي انسحب في ظروف فوضوية.

وفي تعليق على أهمية التعاطي مع "طالبان"، ذكرت صحيفة "راينشه بوست"، أن التحدث إلى حكام غير محبوبين هو جزء من العمل السياسي، وعلى حكومة "طالبان" أن تعلم أن التعاون يجب أن يكون مرتبطا بما إذا كانت ستفي بوعودها بطريقة يمكن التحقق منها، بخصوص الحريات العامة وحق السفر وعدم توفير ملاذ آمن للإرهابيين على الأراضي الأفغانية.

الجدير ذكره أن حركة "طالبان" تسعى لتشكيل علاقات دولية جيدة، سيما وأنها تحتاج إلى السيولة من أجل تسديد رواتب الموظفين، ومسؤولوها وجهوا رسالة مفتوحة إلى الولايات المتحدة تطالب بحسابات مجمدة لديها.

وعلى الصعيد الاجتماعي وخصوصا الجزء المتعلق بتعليم النساء، بينت صحيفة "تاغس تسايتونغ" أخيراً أنه يمكن للفتيات العودة إلى التعليم حتى الصف السابع، وقال أندريه فينغه من اللجنة السويدية لدعم المدارس في أفغانستان، وهي منظمة غير حكومية للصحيفة، إن معظم قادة "طالبان" وموظفي المدارس فسروا ذلك على ما يبدو أنه حظر، خصوصا مع عدم وجود إرشادات واضحة ومحددة، وهو ما يرجح وجود خلافات في الرأي بين قادة التنظيم الإسلامي.

وهذا ما ذهب إليه أيضا مداسر إسلام، الناشط في جماعة الإصلاح الإسلامية المنتقدة لـ"طالبان"، حيث قال: إن قادة الحركة لم يتوصلوا بعد إلى توافق حول هذا الموضوع، متوقعا إجراء تغييرات على المناهج أولا قبل إعادة فتح المدارس للفتيات.

وفي السياق، تصر الحكومة الألمانية، وفق شبكة "إيه آر دي" الإخبارية، على احترام حقوق الإنسان في أفغانستان، وحماية الفتيات والنساء والحصول على التعليم المجاني، لافتة إلى أن الحكومة أعطت التزاما لقيادة "طالبان" بالمساعدة في تمويل المدارس مستقبلا شريطة أن يستمر التدريب والتدريس للفتيات هناك، ومن أن تبقى المناهج المعتمدة قبل وصول "طالبان" إلى السلطة سارية، وأنه يجب أن لا تتدفق الأموال إلى قيادة "طالبان"، بل أن تصل إلى البلاد من خلال المنظمات الدولية.

وقال الدبلوماسي الألماني يورغن شروبوغ لراديو "دويتشلاند فونك"، إن "طالبان" وحدها غير قادرة على بناء دولة، ويمكن التعاون مع أفراد من "طالبان" على استعداد للحوار وأشخاص من أصحاب التأثير في الحركة... خاصة في ظل الوضع الحالي المأساوي، لافتاً إلى أن هناك جيلا في صفوف "طالبان" استفاد مما حدث قبل 20 عاما، ويتعين عليهم التصرف بشكل مختلف.

وفي رد على سؤال عن آلية التفاوض مع الحركة وما يمكن تقديمه، قال السفير إن أفغانستان بحاجة لمهنيين وأطباء وإداريين وأشخاص في مجال الرعاية الصحية، فضلاً عن تقديم المساعدات الغذائية والأدوية، ولافتا إلى أن الحركة منظمة بشكل لامركزي للغاية، وهذه كانت ميزة لنجاحاتهم العسكرية.

وأوضح شروبوغ أنه لا بد من التركيز على كابول العاصمة أولا، لأنه في الداخل البعيد ليس لدى ألمانيا أي تأثير، وعلينا أن نقدم العروض وعليهم قبولها، مشددا على أنه ينبغي استئناف التنمية إذا ما تم استيفاء شروط معينة.