استمع إلى الملخص
- وصول لي جاي ميونغ قد يعزز فرص التقارب بين كوريا الجنوبية والصين، مما قد يؤثر على التحالف الثلاثي مع اليابان والولايات المتحدة، خاصة مع الضغوط الأمريكية المتزايدة.
- رغم التوقعات بتغيرات في السياسة الخارجية، يرى بعض المحللين أن التحالف الثلاثي سيظل ثابتًا بسبب التهديدات الأمنية من كوريا الشمالية وأهمية العلاقات الأمريكية-الكورية.
مع بقاء مصير الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سوك يول معلّقاً، فإن البلاد تواجه مستقبلاً غامضاً في وقت تكافح فيه من أجل التغلب على الاضطرابات السياسية الناجمة عن ذلك. وتم إلقاء القبض على يون، الأربعاء الماضي، بسبب الأحكام العرفية التي فرضها خلال خطاب متلفز في الثالث من ديسمبر/ كانون الأول الماضي. وذكرت هيئة مكافحة الفساد التي تحقق بشأن فرض يون الأحكام العرفية في الثالث من ديسمبر الماضي لساعات، أنها "تدرس إحضار يون لمكتبها بالقوة بسبب تكرار عدم تعاونه مع التحقيقات". وذكرت هيئة الإذاعة الكورية الجنوبية، أمس الاثنين، أن مسؤولاً بمكتب التحقيق في الفساد مع كبار المسؤولين أدلى بهذا التصريح خلال مؤتمر صحافي، مشيراً إلى أن يون رفض المثول للتحقيقات مرتين منذ أن تم وضعه قيد الاحتجاز الاحتياطي، أول من أمس الأحد. وقال المسؤول إنه على الرغم من أن المكتب لم يستبعد تماماً احتمال زيارة مركز الاحتجاز لاستجواب يون هناك، فإنه يدرس إحضاره بالقوة للمكتب بسبب الحاجة الماسة للاستجواب وجها لوجه. وقال المكتب إن يون سيبقى قيد الاحتجاز، كما يمكن تمديد فترة الاحتجاز حتى السابع من فبراير/ شباط المقبل بعد موافقة المحكمة. وعلى الرغم من أن الحكم النهائي للمحكمة قد يستغرق عدة أشهر، فإن أوساطاً سياسية وإعلامية في البلاد ترجح أن يتولى زعيم المعارضة في كوريا الجنوبية لي جاي ميونغ السلطة، والذي تربطه علاقات ودية مع كل من الصين وكوريا الشمالية.
جينغ وي: في حال وصول زعيم المعارضة لي جاي ميونغ إلى السلطة ستكون فرص التقارب بين بكين وسيول وافرة
أزمة القيادة في كوريا الجنوبية
في تعليقها على التطورات الأخيرة في كوريا الجنوبية، أوضحت وسائل إعلام صينية، أول من أمس الأحد، أن انتقال السلطة، سواء في سيول أو واشنطن، قد يغير بشكل كبير الديناميكيات بين الجيران في شرق آسيا، وأن أزمة القيادة في كوريا الجنوبية على وجه التحديد قد تؤثر على العلاقات مع الصين واليابان والولايات المتحدة. وأضافت أنه في ظل وجود العديد من القضايا التي لم يتم حلها بعد، فإن سيول قد تقترب من بكين على حساب الشراكة الثلاثية بين اليابان وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة، وهو ما قد يعرض هذا التكتل للخطر. ولفتت إلى أن التهديد الأمني المشترك الذي تشكّله كوريا الشمالية قد يكون عاملاً في إبقاء بكين وسيول على درجة ما من التعاون والتنسيق الثنائي. في هذه الأثناء، تتجه الأنظار في الولايات المتحدة إلى ما سيفعله الرئيس دونالد ترامب في منطقة المحيطين الهندي والهادئ مع عودته إلى البيت الأبيض. ومن غير المؤكد ما إذا كان ترامب سيتّبع سياسات سلفه جو بايدن بشأن منطقة المحيطين والشراكات المتعددة الأطراف في المنطقة. وتوقع محللون صينيون أن تتحول السياسة الخارجية لكوريا الجنوبية في ظل حكم المعارضة من التحالف مع الغرب إلى استراتيجية أكثر توازناً بين الصين والولايات المتحدة.
وعما يمكن أن يدفع سيول باتجاه بكين، قال المختص في الشأن الآسيوي في معهد فودان للدراسات والأبحاث جينغ وي، لـ"العربي الجديد"، إن هناك العديد من العوامل، ولكن قبل ذلك تنبغي الإشارة إلى أن الأمر يتوقف على هوية الرئيس المقبل. وأضاف أنه في حال وصول زعيم الحزب الديمقراطي المعارض لي جاي ميونغ إلى السلطة ستكون فرص التقارب بين بكين وسيول أوفر من أي وقت مضى. ولفت إلى أن الحزب الديمقراطي لطالما انتقد سياسة يون الخارجية التي عززت التقارب مع اليابان والولايات المتحدة في إطار الاستراتيجية الأميركية في منطقة المحيطين الهادئ والهندي، على حساب مصالح البلاد المشتركة مع الصين. وأضاف أن ذلك أيضاً أثار، من منظور الحزب الديمقراطي، مخاوف كوريا الشمالية، ما دفع الأخيرة إلى القيام بأنشطة استفزازية مثل استئناف التجارب الصاروخية بعد فترة من الهدوء والاستقرار في شبه الجزيرة الكورية. ولفت جينغ إلى عامل آخر يتمثل بإعادة تولي ترامب السلطة وتأثير ذلك على التحالف الثلاثي بين طوكيو وواشنطن وسيول. وقال إن الضغوط التي قد يمارسها الرئيس الأميركي على حلفائه في المنطقة من خلال ابتزازهم سياسياً على غرار تايوان (الدفع مقابل الحماية الأميركية)، قد يدفعهم باتجاه تعزيز علاقاتهم مع بكين خصوصاً الاقتصادية، وذلك بسبب عدم اليقين بشأن السياسة الأميركية الجديدة ومدى تأثيرها على الحلفاء. وأضاف أن هناك إشارات واضحة من رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا بشأن استعداد بلاده لنسج علاقات أوثق مع الصين، ما يبشر بأننا قد نكون أمام حقبة جديدة من التعاون والتنسيق بين القوى الأساسية في المنطقة (الصين واليابان وكوريا الجنوبية)، على حساب الأجندة الأميركية.
فيكتور وانغ: سيول لن تغامر بعلاقة مع الصين على حساب أميركا
التحالف الثلاثي ثابت
في المقابل، رأى الباحث في الشأن الكوري بجامعة تايبيه الوطنية فيكتور وانغ، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن أي تغييرات على المستوى القيادي سواء في كوريا الجنوبية أو اليابان أو الولايات المتحدة، لن تؤثر بالضرورة على التحالف الثلاثي القائم في ظل بقاء التهديدات الأمنية التي تشكلها كوريا الشمالية. وقال إن المخاوف بشأن المخاطر الأمنية في شبه الجزيرة الكورية وكذلك منطقة المحيطين، تمثل ضمانة لاستمرار التحالف الثلاثي. ولفت إلى أنه حتى لو تعرض التحالف لبعض الاهتزازات بسبب الاضطرابات السياسية في سيول وكذلك واشنطن، فإن التهديدات التي تمثلها كل من الصين وكوريا الشمالية تشكل دافعاً قوياً للحفاظ على مستوى كبير من التنسيق والتشاور والتعاون الأمني بين طوكيو وسيول وواشنطن. وعن الرهان الصيني على وصول الحزب الديمقراطي في كوريا الجنوبية إلى السلطة، قال وانغ: في النهاية مصلحة البلاد هي المحرك للسياسات الخارجية، ولكن يجب ألا ننسى أنه في عهد الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي ـ إن، المحسوب على الحزب الديمقراطي، نشرت كوريا الجنوبية منظومة الدفاع الصاروخية الأميركية (ثاد) على أراضيها، الأمر الذي تسبّب في أزمة سياسية كبيرة مع بكين. وأضاف أن سيول لا يمكنها بأي حال أن تخوض مغامرة في علاقاتها مع الصين على حساب الولايات المتحدة، لأسباب تاريخية وجيوسياسية معروفة. يشار إلى أنه قبل أيام، قال مايك والتز، الذي اختاره ترامب لمنصب مستشار الأمن القومي، إن الشراكة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ ستبقى. وأضاف في مؤتمر استضافه معهد السلام الأميركي: "ما أقدّره بالتأكيد في هذه الإدارة هو الحوار الثلاثي بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة واليابان"، مضيفاً أن هذه المبادرات، بما في ذلك الحوار بين الولايات المتحدة والفيليبين، ستستمر.